الدفء أم الغذاء.. معادلة صعبة أمام الأسر الفقيرة في عجلون

– الدفء ام الغذاء، معادلة يفرضها استمرار الاجواء الباردة، في مارثون الشتاء الطويل، على أسر فقيرة استنزفت مخزونها المتواضع من الحطب والجفت، فيما إعادة التخزين سيكون على حساب قوتها اليومي.
استمرار توالي المنخفضات، وما تحمله من أجواء باردة خاصة في محافظات “البرد القارس” وعلى رأسها عجلون، انهك جيوب أسر فقيرة لم تعتد في مثل هذا الوقت من الموسم على تخصيص ولو جزء بسيط من دخلها لشراء مستلزمات توفير الدفء بمنازلها من وقود أو حطب او جفت، معولة على أن تكون الأجواء دافئة في مثل هذا الوقت من العام.
يقول حسان محمد من سكان عجلون، إنه وفي ظل عجز كثير من الأسر العجلونية عن توفير كلف المحروقات للتدفئة خلال الشتاء، فان الأحطاب الجافة التي جمعوها خلال أشهر الصيف، والكميات المجانية التي خصصتها وزارة الزراعة للأشد فقرا منهم كانت البديل في تأمين وسيلة تدفئة جيدة.
وزاد أن هذه الكميات نفدت جراء توالي المنخفضات والموجات الباردة الشتاء الحالي، وباتت الأسر تبحث مجددا عن الأحطاب الجافة، وكل ما يمكن إشعاله في مواقد الحطب، لاسيما وأن ما يتوفر لديهم من نقود لا تكاد تكفيهم لتأمين مستلزمات أسرهم من المواد الغذائية التي تشهد ارتفاعات كبيرة.
وبالنظر لما تقدم تصبح الأسر الفقيرة أمام اما مواجهة البرد بحظوظ تأمينها على الحطب المجاني الشحيح وشراء مستلزماتها اليومية أو تخصيص ولو جزء بسيط من دخلها لشراء الوقود على حساب قوتها اليومي.
وكانت مديرية زراعة محافظة عجلون خصصت بداية الشتاء زهاء 400 طن من الأحطاب، ووزعتها على الأسر الفقيرة في المحافظة والمجاورين للغابات، وبواقع طن واحد لكل أسرة، بهدف مساعدتهم لتجاوز برد الشتاء، والتخفيف من التعدي على الغابات.
وبينت المديرية أن المشمولين بالقوائم والذين شملتهم عملية التوزيع، جرى تحديدها من لجنة مشتركة من المحافظة والزراعة والتنمية الاجتماعية، وضمت الأسر الأشد فقرا، وقاطنين وسط وجوار الغابات.
عبد الرحمن عيسى يؤكد أنه لم يستطع خلال موجة البرد الحالية، توفير وسيلة تدفئة لأسرته التي تقطن في مساكن الأسر العفيفة بمنطقة حي نمر بكفرنجة، والتي تعد منطقة مرتفعة وذات برد شديد، مبينا أن الكميات التي حصل عليها من الزراعة نفدت خلال الشهرين الماضيين، ما دفعه للبحث مجددا عن الأحطاب الجافة.
وطالب بتزويد قاطني مساكن الأسر العفيفة بالكميات المتجمعة حاليا لدى مديرية الزراعة من الحطب بالمجان، لأنهم لا يستطيعون توفير أثمان المحروقات المرتفعة، ما يبقي أسرهم من غير وسائل تدفئة كافية في الشتاء، ويضطرهم للبحث عن كل ما يمكن إشعاله بمواقد الحطب
لتدفئة أسرهم.
ويرى ناشطون بيئيون في المحافظة، أن عملية بيع الأحطاب المتجمعة في محطات الحراج لدى مديرية زراعة المحافظة، بأسعار مخفضة للسكان، وتوزيع جزء منها على الأسر الفقيرة، والسماح لهم بجمع الأحطاب الجافة، سيسهم بالحد من التعدي على الغابات، ويقلل من شهية مافيات التحطيب التي تبيعها بأسعار مرتفعة، يصل فيه سعر طن الحطب إلى زهاء 150 دينارا.
وأكد الناشط البيئي المهندس خالد العنانزة، ضرورة اقتصار بيع وتوزيع الأحطاب المتجمعة، والناتجة عن الضبوطات والمصادرات، أو تنفيذ المشاريع وفتح الطرق، على أبناء المحافظة، لاسيما الأسر الفقيرة.
وبين أن استفادة سكان المحافظة والفقراء من هذه الأحطاب وشرائها بأسعار مناسبة، وجمع الجافة من وسط الغابات، يسهم بالمساعدة في تزويده خلال الشتاء بمصدر تدفئة، كما يسهم بالحد من نشوب الحرائق، وارتفاع أسعار الحطب، والذي من شأنه تشجيع مافيات التحطيب ويزيد من طمع أفرادها، وبالتالي ارتفاع حالات التعدي على الثروة الحرجية.
ويؤكد علي القضاة أن الأسر الفقيرة عادة ما تبدأ في فصل الصيف، بجمع ما يستطيعون من أحطاب جافة، للاستعانة بها في التدفئة بمواقد الحطب والجفت، في ظل عجزهم عن شراء الوقود، لافتا إلى أن الطقس البارد في المحافظة قد يمتد لزهاء 5 أشهر، خصوصا في المناطق المرتفعة كرأس منيف وسامتا واشتفينا وعبين وصخرة.
وأكد أن ارتفاع أسعار وقود التدفئة من الغاز والكاز والديزل، وعدم توفر الحطب والجفت، الأقل إضرارا بالبيئة، يدفع الكثيرين إلى إشعال مواد خطيرة وأكثر تلويثا للبيئة، كالأحذية والملابس وإطارات السيارات.
من جهته، بين مدير زراعة المحافظة المهندس حسين الخالدي، أن الكميات التي تم توزيعها على الفقراء مطلع الشتاء تزيد على 400 طن، مؤكدا أن المشمولين بالقوائم والذين شملتهم عملية التوزيع، جرى تحديدها من لجنة مشتركة من المحافظة والزراعة والتنمية الاجتماعية، وضمت الأسر الأشد فقرا، وقاطنين وسط وجوار الغابات.
وزاد أنه لا تتوفر حاليا في محطة الحراج كميات كبيرة بمكن توزيعها على الأسر الفقيرة في هذه الأوقات، كما أن مثل هذا القرار من اختصاص مجلس الوزراء ووزارة الزراعة.
وأكد الخالدي أن حالات التعدي على الغابات، انخفضت بشكل ملحوظ في العامين الماضي والحالي مقارنة بالأعوام السابقة.

عامر خطاطبة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة