المتاحف التراثية في عجلون.. صون للمقتنيات التراثية ووجهة جاذبة للزوار
– شهدت محافظة عجلون منذ سنوات، تأسيس العديد من المتاحف التراثية التي يؤكد القائمون عليها أنها تهدف إلى حماية المقتنيات التراثية التي تؤرخ لحقب زمنية ماضية، وتسعى إلى إبرازها للأجيال الحالية والقادمة، فضلا عن استثمارها لتكون عامل جذب سياحي، بحيث تخدم التنمية في المجتمعات المحيطة.
وقالوا إن “الحنين إلى الماضي، ومحاولة عدم انفصالنا عن ذلك الزمن الجميل وذكرياته، واستذكار صبر وتضحيات من عاشه على قسوته، هو ما دفعنا إلى تأسيس متاحف تراثية تؤرخ لتلك الفترات التي عاشها الأجداد متشبثين بالأرض”.
وتستقبل تلك المتاحف سنويا، مئات الزوار والأفواج السياحية العربية والأجنبية من مختلف دول العالم دون الحصول على أي مقابل، وذلك بهدف تنشيط الحركة السياحية بمناطقها، والمساهمة في نشر الوعي الثقافي بين أبناء المجتمع المحلي للاحتفاظ بالموروث التراثي القديم وتعريف الأجيال بها.
ويؤكد أبو عصام الشرع أحد سكان بلدة راسون، أنه أسس متحفه الخاص الذي أصبح مزارا للأفراد والوفود الراغبة بمشاهدة تلك الأدوات والتقاط الصور لها، مبينا أن المتحف يجمع تراث الآباء والأجداد كالقطع والأدوات التراثية والزراعية التي كانوا يستخدمونها في حياتهم، وكل ما يتعلق بطبيعة الحياة القديمة بأنماط متنوعة من خلال التناغم والانسجام في استخدام هذه الأدوات المتعددة.
وبين الشرع، أن “المتحف يحتضن القطع والأدوات التراثية والتاريخية مثل لوح الدراس وعود الحراث وقطع تراثية ومنزلية كالقش والخشب وشكوة اللبن، وتطور الأزياء الشعبية والمهباش وتطور الاتصالات والإنارة ووسائل النقل والأسلحة القديمة والعملات العربية الأجنبية والمحلية والإسلامية، إضافة لصور للهاشميين وبوسترات عن الثورة العربية الكبرى منذ تأسيس المملكة ولغاية الآن، وغيرها من الموروثات القديمة”.
وأضاف، أنه يسعى من وراء عمله ذلك إلى تنشيط الحركة السياحية في منطقته الواقعة ضمن أحد المسارات السياحية، مبينا أنه حول جزءا كبيرا من منزله بمنطقة عرجان، لعرض آلاف القطع التراثية الشعبية التي تجسد طبيعة الحياة، بمناطق محافظة عجلون عبر حقب زمنية، تمتد لأكثر من 150 عاما.
وأكد الشرع، أن الفكرة بدأت قبل زهاء 18 عاما حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، من وجود نحو 3 آلاف قطعة تراثية وشعبية تؤرخ للأدوات، التي كانت سائدة في فترات زمنية تعود لأكثر من 150 عاما ماضية، وتضم أدوات الطبخ والزراعة والإنارة وأنواع السلاح والعملات واللباس، وغيرها الكثير من القطع النادرة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن كلفة جمع وشراء بعضها بلغ ما يقارب 30 ألف دينار.
ومرّ المتحف وفق الشرع، بمراحل عدة من التحديث والإضافات خلال السنوات الماضية، والتي نفذها بمجهود شخصي وعلى نفقته الخاصة.
ويشكل متحف الوهادنة للتراث الشعبي، نموذجا للمقتنيات التراثية والشعبية الأردنية التي كانت سائدة لفترات طويلة، والهادف لإعادة إحياء التراث الشعبي، خصوصا ما كان يستخدمه المواطنون من أدوات لفترات وحقب تاريخية مضت.
ويؤكد مؤسس ذلك المتحف، الباحث محمود الشريدة، أن إقدامه على إنشاء المتحف جاء برغبة منه لجمع وأحياء التراث وإطلاع الأجيال على مقتنيات الأجداد، فهو يضم مئات الأدوات والقطع التراثية التي كانت من الأساسيات بالنسبة لحياة المواطنين، مبينا أن المتحف استطاع أن يستقطب زوارا من مختلف مناطق المحافظة والمملكة والمغتربين من أهالي البلدة الذين يستذكرون الماضي العريق بكل ما فيه من عبق ومشقة وعناء.
وأضاف الشريدة، أن المتحف يعد أيضا ملتقى توعويا تعقد فيه ندوات وحوارات ومناظرات حول قضايا قومية ووطنية وسياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية تهم المجتمع المحلي، مثمنا لمديرية الثقافة دعمها المعنوي للمتحف وللمبادرات التطوعية على جهودها لتسويق المواقع السياحية والأثرية والمتاحف والبيوت التراثية.
وقال إن تطور الحياة، وتسارع وتيرة التكنولوجيا، يخلف وراءه أدوات لم تعد موجودة، إلا أنها كانت في زمانها أساسية وضرورية للحياة اليومية السائدة حينها، ما يجعلها في وقتنا الحاضر ذات أهمية تاريخية وتراثية تحكي لنا قصة تلك الأيام وحنين من عاشها، وتلبي رغبة الزوار التائقين إلى مشاهدتها.
من جهته، أكد مدير ثقافة عجلون سامر فريحات الحرص على دعم المنتديات والهيئات الثقافية والمتاحف التراثية والشعبية لتؤدي رسالتها التنويرية، وتعزيز قدراتها في الحفاظ على التراث الشعبي الذي تتميز به المحافظة.
وبين فريحات، أن فلسفة المتاحف الشعبية والتراثية، قائمة على أساس إشباع الجانب الروحي للراغبين بالاطلاع على طبيعة الحياة التي عاشها الآباء والأجداد وحجم المعاناة التي واجهتهم، وحتى يكون كبنك معلومات للباحثين والدارسين في طبيعة وأنماط ومصاعب الحياة التي كانت سائدة في تلك الفترات، حيث تضم عشرات القطع من الأدوات الزراعية كالمحراث والمنجل والمطاحن المنزلية والأواني الفخارية والنحاسية، إضافة إلى أنواع من الأسلحة القديمة كالسيوف والبنادق والمسدسات القديمة، والعديد من الأزياء الشعبية القديمة المطرزة والمهدبة، وأنواع من العملات الحديدية والورقية القديمة ومئات الوثائق والصور والمجسمات التي تحكي قصصا وحكايات مراحل سياسية واجتماعية.
عامر خطاطبه/ الغد
التعليقات مغلقة.