بني سلمان لم يسمح للإعاقة أن توقف حلمه ليبحر في محاكاة الواقع الافتراضي

من داخل غرفته في منزل والديه الكائن في محافظة عجلون، ومن جهاز حاسوب متطور وبخبرات ومهارات نمت وتطورت معه يوما بعد يوم؛ استطاع الشاب محمد بني سلمان تحقيق حلم راوده لسنين بأن ينتقل للواقع الافتراضي ويصنع الممكن.

شغفه وحبه للتكنولوجيا والعالم الرقمي رافق محمد بني سلمان (28 عاما) منذ صغره، إذ كان يجذبه له بتفاصيله الكثيرة والمبهرة ويتطلع له بحماس فلطالما كان طفلا مميزا ويطمح لتحقيق إنجازات كبيرة في العالم الرقمي الذي يتطور يوما بعد الآخر.

ولكن في العاشرة من عمره تعرض بني سلمان لحادث سير أفقده القدرة على المشي، وفي وقتها اعتقد البعض أن هذا الحادث قد يصبح عائقا يبعده عن أحلامه، ليحدث عكس ذلك ويكون دافعا ليمضي قدما، حيث أنار طريقه بالأمل.

يقول معبّرا: “أي عقبة يتعرض لها الإنسان قد تكون الطريق لبداية جديدة مليئة بالأمل والشغف لكي يصنع مستقبله”. وهذا ما حدث معه وبمساندة والديه ودعمهما الكبير له ولطموحه.

وفي حديث خاص لـ “الغد”؛ تحدث بني سلمان عن سعيه ليطور ذاته بالذكاء الاصطناعي وفي الهندسة العصبية وفي مجال الروبوتات “الربوتيكس و”الواقع الافتراضي”، مشيرا إلى أن دراسته الجامعية قدمت له المعلومات النظرية، ولكن الخبرة العملية فهي اجتهاد شخصي منه أوصله إلى مرحلة متقدمة.

تخصص بني سلمان في الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والروبوتكس والهندسة العصبية منذ 2013، ومن قبلها ثقف نفسه واكتسب المعرفة الكافية فهو حاصل على شهادة البكالوريوس في علم الحاسوب من جامعة البلقاء والماجستير من جامعة الزرقاء، وحاليا يكمل رسالة الدكتوراه في علم الحاسوب من جامعة الأميرة سمية.

ويذكر بني سلمان أنه من الممكن للجميع الاطلاع على إنجاز استطاع فعله وذلك عبر صفحته الخاصة على منصة الفيسبوك التي شارك عليها مقطع فيديو يوثق المحكاة والانتقال إلى الواقع الافتراضي الذي ضم لقاء ومحاكاة مع الشهيد الراحل وصفي التل”.

وقد نالت المحاكاة التي نشرها على منصة الفيسبوك ردات فعل إيجابية، مشيرا إلى أن الواقع الافتراضي والروبوتكس (الأطراف الروبوتية التي تستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد) بدأت بالظهور حديثاً قبل عام من الآن، مبينا أن العالم اليوم يشهد تطورا هائلا في الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي وباقي التقنيات.

وحاليا يعمل بني سلمان على عدد من المشاريع المتطورة والمعنية بالذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة في مجال الطب والتعليم وعدد من القطاعات الأخرى، بالإضافة الى عدد من المشاريع في مجال الواقع الافتراضي والمحاكاة والمزج بين العالم الحقيقي والافتراضي بواسطة تقنية “mixed reality” والتي تساعد مرضى التوحد والعديد من الأمراض الأخرى.
ويؤكد بني سلمان أن الواقع الافتراضي يمكن تطبيقه بمجالات متعددة مثل السياحة والتعليم والصحة وقد ينتقل لتطورات كبيرة جدا، ويفتح سوق عمل جديد للشباب الذين هم بحاجة إلى هذا التطور والوظائف اليوم.

ووفق ما يقول، فإن الواقع الافتراضي يحتاج إلى عدد كبير من المهارات والمجالات المعرفية، منها اتقان البرمجة بشكل متقدم كلغة بايثون وجافا، بالإضافة إلى تعلم مادة التشريح لإنتاج نسخة بشرية افتراضية حقيقية بالإضافة إلى اتقان فن الإضاءة وذلك لمحاكاة إضاءة الشمس والعالم الحقيقي.

إلى ذلك، اتقان الرسم الهندسي والمعماري لإنشاء معالم البيئة واتقان فن رسم البيئة الافتراضية وتعلم تحريك المعالم وفيزياء الحركة وغيرها من المهارات المطلوبة.

ويذكر بني سلمان أنه طوّر مهاراته في الذكاء الاصطناعي من خلال البحث والاستفسار والتجريب إلى جانب دورات ساعدته في اكتساب المعرفة والمهارة، مشيرا إلى أن امتلاكه لكمبيوتر “high end” ويتمتع بأعلى المواصفات في التحليل والمعالجات والتعامل مع البيانات المعقدة مكنه من إتمام عملية المحاكاة والعرض بجودة عالية.

ومن جهة أخرى يؤكد بني سلمان أن السوشال ميديا ساعدته بإبراز القدرات والإمكانيات التي وصل لها، منوها أنه الفترة القادمة بصدد تحضير مفاجأة فيها محاكاة افتراضية من داخل المدينة الوردية ليحقق إنجازا آخر.

ويبين بني سلمان أن “لدينا المهارات والإمكانيات ولكن ما علينا إلا أن نسير في الخطوات الصحيحة”، منوها لضرورة أن تحتضن الجهات المعنية أصحاب الموهبة والكفاءات في المجال التقني، فهنالك الكثير من النماذج الأردنية للشباب المبدع.

الرسالة التي يريد أن يوصلها بني سلمان للشباب ألا تنتظروا أحدا ليوصلكم لهدفكم وطموحكم، فالإنسان عندما يريد أن يصل لهدفه يصل بمجهوده الشخصي، مؤكدا “نحن قادرون على الوصول، ولكن نحن بحاجة لجهات أردنية تدعم الكفاءات” ولا يقصد هنا الدعم المالي، فمشاريعه التي يعمل بها بمجاله ليست بحاجة لدعم مالي بل إلى جهة تحتضنها حتى يستطيع أن يطبقها.

ويشير بني سلمان أنه واجه الكثير من التحديات في طريقه، ولكن لكل إنسان ناجح عائلة داعمة ومساندة تنير طريقه وتدفعه نحو شغفه، مبينا أنه لو نظر للتحديات أمامه كعقبة، لكان سيبقى في مكانه ولم يصل لهذا التقدم ولكنه تلقى الدعم والمساندة.

ويستذكر أنه في صغره كان الجميع يقول له “أنت تفكر أكبر من عمرك، والأمر الذي تقوله غير واقعي”، ولكنه لم ير المستحيل بل آمن بالممكن في هذه الحياة، كما يطمح في المستقبل بافتتاح شركة تكنولوجيا معنية بالذكاء الاصطناعي لتحتضن الشباب ليعملوا معا وينجحوا؛ “الشباب بحاجة فقط لجهة تحتضنهم ليظهروا إبداعهم والأردن ملي بالكفاءات”.

رشا كناكرية– الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة