حديقة الشريدة.. بانوراما بيئية ومحطة لعشاق الزهور البرية

منذ الصغر، شعر بدافع كبير نحو حماية البيئة بشكل عام والأزهار البرية بشكل خاص، تمكن من عمل مشروع صغير في حديقة منزله في دير أبي سعيد في لواء الكورة بإربد للحفاظ عليها من التقطيع والقطف والخراب، لتصبح محجا للمتنزهين عشاق التمتع بالأزهار البرية وبريفها الساحر وبيئتها الفريدة.
الباحث والخبير البيئي الدكتور احمد محمود الشريدة، تمكن من المحافظة على الأزهار البرية النادرة، حيث وظف وقته وطاقته وإمكانياته المتواضعة لحمايتها والمحافظة عليها دون ان يلقى اهتماما من قبل الجهات المعنية أو أي منظمات محلية أو دولية منذ انطلاق المشروع قبل 25 عاما، فيما عوضت زيارة ولي العهد الأمير الحسين الأسبوع الماضي، للحديقة تقصير وتجاهل الجهات المعنية لهذا المشروع.
ويضم شمال الأردن على امتداد جباله وسهوله ومروجه أكثر من 34 % من مجمل التنوع الحيوي النباتي في الأردن وتعتبر بساطا أخضر جميلا من النباتات البرية الزهرية النادرة التي تبدأ رحلتها الموسمية من بداية شهر كانون الثاني وحتى شهر نيسان من كل عام، عاكسة بريقا جميلا في التدرج اللوني المبدع.
فكرة المحافظة على الأزهار البرية ونقلها إلى حديقة منزل الشريدة، بدأت عام 1998، بإحضار أصول هذه النباتات سواء أكانت جذورا أو بذورا أو أبصالا أو ريزومات والتي كان يجدها في رحلاته الميدانية في أماكن نموها في الحقول والسهول والمنحدرات والأودية الدائمة الجريان والمراعي الطبيعية وجوانب الطرق وفي سفوح الجبال والتلال وبين الصخور والأماكن الرطبة والأماكن العشبية.
يقول الشريدة إن تلك النباتات زرعها في حديقة منزله المتواضعة، حيث خصص لها ما مساحته 500 متر مربع من مساحة أرض منزله والبالغة 750مترا مربعا، فيما بلغ عدد الأزهار البرية التي أحضرها ما يقارب 65 نبتة، مضيفا “أتابع مراحل نموها وإزهارها وتكاثرها حتى فترة جفافها لتجميع بذورها وأبصالها ويعاد زراعتها في نفس الحديقة أو إعطائها لأشخاص مهتمين ليقوموا بزراعتها في حدائقهم المنزلية، كما قمت بزراعتها في بعض المراعي الطبيعية لتعاود تكاثرها طبيعيا في بيئتها الأصلية”.
ويشير الشريدة انه ركز اهتمامه على الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض بفعل القطف مثل السوسنة السوداء BLACK IRIS ( الزهرة الوطنية للأردن) والترمس البري LUPIN و بخور مريم CYCLAMAN وشقائق النعمان CROWN ANEMONE والأقحوان الكبير CROWN DAISY والكتان البري FLAX وجلاديوس FIELD GLANIOS والأقحوان الصغير CHAMOMIOS GLANIOS وركيبة نبات الخب AEANTHUS SYRIACE.
وتتحول حديقة منزل الشريدة من شهر كانون الثاني وحتى شهر نيسان محطة لعشاق الأزهار البرية ليتمتعوا بجمال أشكالها وتنوع أزهارها.
وأوضح أن أحدث الدراسات البيولوجية بينت أن واحدا من كل اربعة نباتات في العالم مهددة بالانقراض بسبب التأثيرات المناخية وعدم مواكبة التطورات التنموية لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، وهذا الأمر يتطلب ديمومة موروثنا الحضاري من النباتات البرية المزهرة والطبية بحث تكون أداة مهمة لإعادة التوازن وحماية الموارد الحيوية وادارتها، ومشروع يواكب هذا السياق.
وقال الشريدة إن الدراسات أثبتت أن 65 % من نباتات الأردن البرية المزهرة والطبية غير موجودة في قارة اوروبا، وينفرد الاردن بـ (111) نوعا ولا نجدها في بلد غيره، وجاء مشروعه لخدمة هذا التميز والتفرد الأردني، الأمر الذي يتطلب استثمار الموارد الطبيعية من خلال مقاييس عالمية ودولية واقليمية ومحلية.
وتشكل المحمية بانوراما بيئية وطبيعية لمعظم نباتات الأردن البرية المزهرة والطبية، حيث يمكن تعميم هذا المشروع في معظم الدول العربية الشقيقة والأجنبية الصديقة.
وجاء المشروع وفق الشريدة لعدم وجود آلية مؤسسية في الاردن لتقييم الاتفاقات الدولية الخاصة بالنباتات البرية وأثر هذه الاتفاقيات على التنوع الحيوي المحلي وخاصة تلك المتعلقة بالنباتات البرية.
وأكد أن استمراره في هذا المشروع لزيادة المخاطر الطبيعية والبشرية وعدم وجود قانون أو تشريع في الأردن لحماية هذه الأزهار البرية وعدم إدراك المجتمع المحلي لأهمية هذه النباتات في التنوع الحيوي وتعرضها لخطر الانقراض نتيجة شدة القطف وندرة وجود بعض الأنواع والجفاف نتيجة تذبذب سقوط الأمطار والتصحر وأسبابه الطبيعية والبشرية.
وأشار الى ان تلك النباتات مهددة بالانقراض بسبب الحرائق التي تقضي على الأصول النباتية والرعي الجائر لمناطق تواجد هذه النباتات والمشاريع الزراعية التي لا تعتمد “تقيم الأثر البيئي”.
وواجه الشريدة صعوبات في تنفيذ المشروع والمتمثلة بالفترة القصيرة التي تنمو فيها تلك الأزهار، حيث تجف وتختفي خلال ثلاثة اشهر، إضافة إلى وجود بعضها في مناطق نائية أو صعبة الوصول وقلة الدعم المادي وصغر حجم الحديقة المنزلية.
ويهدف مشروع الحديقة المفتوحة للأزهار البرية التي تضم معظم النباتات البرية الزهرية الأردنية، وفق الشريدة زيارتها من قبل المجتمع المحلي وطلبة المدارس لمشاهدتها والتعرف عليها ولزيادة الوعي حول أهمية المحافظة عليها لغايات البحث العلمي والتعليم البيئي والعمل على إكثارها وإعادتها إلى موطنها الأصلي
كما يهدف الى حماية وحفظ الأنواع النادرة والمهدد بالانقراض وغير المستوطنة في الأردن وتنشيط السياحة البيئية في المنطقة وإيجاد بنك جينات للنباتات البرية الزهرية وتوسيع وتطوير الأنواع الموجودة واكتشاف أنواع جديدة مثل (سوسنة الكورة) وتقويم الديناميكية البشرية واحتياجاتها وتقدير استنزاف الأنواع مع توجيه الانتباه إلى المناطق ذات الموارد المحدودة والتي تحتاج إلى المحافظة القصوى.
أما الخطة المستقبلية للمشروع فتتمثل، حسب الشريدة، بشراء قطعة أرض بمساحة دونم واحد لتقام عليه حديقة نموذجية تضم كافة العوائل النباتية لأزهار الأردن البرية وإصدار كتاب تعليمي لتوثيق هذه النباتات ونشر الوعي البيئي حول أهميتها في التنوع الحيوي.
ودعا إلى إيجاد محمية نموذجية لتصبح مركزا تعليميا وتثقيفيا وسياحيا في إطار تنمية السياحة البيئية في المناطق الريفية وإنتاج خريطة رقمية شاملة لتوثيق الموائل النباتية، وذلك باستخدام نظام المعلومات الجغرافي ونظام تحديد الموقع الجغرافي، خاصة أن 65 % من نباتات الأردن البرية المزهرة “غير موجودة في قارة أوروبا وينفرد الأردن بـ111 نوعا ولا توجد في بلد غيره”.

احمد التميمي/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة