ربع قرن من الإسناد الملكي لاقتصاد يعتمد كفاءة القوى البشرية والتخطيط … إضافة أولى وأخيرة
من جهة أخرى، دخل الأردن منذ تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية، عهدا سياحيا جديدا وفق رؤية استشرافية وضعت المملكة على خارطة السياحة العالمية، مستندة على إرث حضاري جذوره ممتدة بعمق التاريخ.
وسار الأردن بخطى ثابتة نحو تحقيق طفرة فريدة من نوعها في مجال السياحة والآثار، بفضل التوجيهات الملكية المستمرة للحكومات لتحقيق التنمية والازدهار، فجاءت الخطط واضحة المعالم وشملت مشروعات وبرامج كبيرة أسهمت بذلك.
وعلى مدار ربع قرن مضى، سعى جلالته إلى تعزيز مسيرة الإنجاز والتقدم، حيث كانت التنمية السياحية المستدامة إحدى الركائز التي حث جلالته الحكومات المتعاقبة عليها بمختلف كتب التكليف السامي، ما يعكس التزام قائد البلاد ببناء مستقبل مشرق ومزدهر للمملكة وتحقيق الحياة الفضلى للمواطنين.
وحظي القطاع السياحي باهتمام ملكي كبير، وركزت توجيهات جلالته على ضرورة توفير الإمكانات والتسهيلات اللازمة للنهوض بصناعة السياحة وجعلها متقدمة ومتميزة وجاذبة، تعكس ما يمتلكه الأردن من مقومات تاريخية وبيئية وثقافية.
وعلى مدى سنوات طوال من العمل الدؤوب غدا القطاع الخاص جزءا أساسيا في بنية الاقتصاد الوطني وفاعلا مهما في التنمية والازدهار والمنعة واستحداث فرص العمل والمساهمة بالناتج المحلي الإجمالي من خلال استجابته للتحولات الاقتصادية المتسارعة التي شهدها الأردن على مدى خمسة وعشرين عاما مضت.
وحرص جلالته منذ تسلمه سلطاته الدستورية على التواصل المستمر مع القطاع الخاص وتوجيه الحكومات لمنحه الدور الأكبر بعملية التنمية الاقتصادية وإطلاق طاقاته والاستفادة من خبراته وإمكانياته لخدمة الاقتصاد الوطني، وإزالة المعيقات التي تواجه تطوره ليصبح الشريك الأساس لعملية الإصلاح الاقتصادي.
وشارك القطاع الخاص بفعالية في كل انجازات المملكة الاقتصادية ومسارات التحديث التي تحققت بفضل جهود الجميع، والتي توجت بوضع رؤية التحديث الاقتصادي، التي صيغت بجهد مشترك من مختلف فعالياته ومؤسساته، ليكون محورا مهما في تنفيذ الرؤية وخطط عملها، وإطلاق العنان لقدراته كونه الممكن الحقيقي لأي عملية إصلاح اقتصادي.
وركز جلالته خلال لقاءاته المستمرة مع ممثلي القطاع الخاص على تحفيز روح الإبداع والريادة وإقامة الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص لإيجاد الفرص الاقتصادية في مختلف القطاعات، وإيجاد الحلول المناسبة للمشكلات خاصة قضيتي الفقر والبطالة.
وحققت المرأة الأردنية إنجازات اقتصادية في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، خطت بها قدماً، ووضعتها جنباً إلى جنب مع الرجل في العديد من القطاعات والمجالات.
ووجه جلالة الملك منذ توليه سلطاته الدستورية إلى توفير المناخ المناسب بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة الشاملة، بمختلف أوجهها، لتزويد الأردنيين والأردنيات بالأدوات التي تمكّنهم من المساهمة في تطوير وطنهم وتأمين مستوى معيشي أفضل لهم.
وفي أول كتاب تكليف سام لحكومة عبدالرؤوف الروابدة، عام 1999 أكد جلالته أن دور المرأة أصبح أكثر أهمية؛ ما يستدعي تعزيزه ورعايته خاصة في الريف والبادية.
وأشار جلالته في كتب التكليف التسعة عشر للحكومات المتعاقبة، لأهمية حق المرأة في التعليم والتوجيه والتدريب والعمل، وتمكينها من أخذ دورها في المجتمع باعتبارها شريكة للرجل في تنمية المجتمع وتطويره.
وبرزت الرؤية الملكية الخاصة بالمرأة اقتصادياً، في عدد من الإصلاحات التشريعية، شملت قوانين الضمان الاجتماعي، والتقاعد المدني والعمل، بهدف زيادة وتعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، وحصولها على أجور مساوية للرجل في الأعمال المتساوية، والعمل المرن، وتوفير حضانات في بيئة العمل.
وفي التعديلات الأخيرة على الدستور، تم إضافة الفقرة السادسة للمادة السادسة منه، التي نصت على أن “تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز” وغيرها.
ووضعت استراتيجية التمكين الاقتصادي للمرأة في رؤية التحديث الاقتصادي، عام 2022 مبادرات تهدف لتعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل وزيادة مشاركتها الاقتصادية، من خلال التركيز على العوامل التمكينية لتحقيق أهداف تمكين المرأة ضمن رؤية التحديث الاقتصادي من حيث الإطار التشريعي والحماية القانونية والشمول المالي والرقمي، وتوفير بيئة تمكينية وثقافة داعمة وتغير هيكلي والتعليم والتدريب وتعزيز القدرات.
وتوج جلالة الملك عبدالله الثاني مسار بناء الاقتصاد الوطني، برؤية التحديث الاقتصادي، لتكون “خارطة طريق”، في درب الأردن وهو يدخل مئوية تأسيسه الثانية، طارقاً أبواب المستقبل، وصولا للنمو المتسارع والاستدامة، وجودة الحياة.
وشكلت رؤية التحديث الاقتصادي إطارا عاما للخطط والأفكار والتوجهات على مستوى القرارات والسياسات الاقتصادية المتواصلة بالمملكة منذ أن تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية قبل 25 عاما، للوصول إلى اقتصاد مستدام وقادر على توليد فرص العمل من خلال استقطاب الاستثمارات.
وتحظى برامج رؤية التحديث الاقتصادي بمتابعة حثيثة من جلالة الملك، الضامن الأول للالتزام بتنفيذ مخرجاتها، وتشكل خططها المرتكز الأساسي لكتب التكليف للحكومات المتعاقبة، وبما يضمن الاستمرارية في الإنجاز للحكومات والمسؤولين دون إعادة صياغة الخطط والاستراتيجيات كلما حلت حكومة محل أخرى.
وحددت رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقت رسمياً منتصف عام 2022 مسيرة الاقتصاد الوطني خلال سنوات مقبلة، والتي ستكون “عابرة للحكومات” وتؤسس لأردن جديد ومزدهر، يستند على إرث كبير من الإنجازات التاريخية التي سطرها ابناء الوطن، ويمضي بكل ثقة على طريق الوفاء والبيعة.
ووجه جلالة الملك إلى وضع رؤية جديدة للاقتصاد الوطني حتى عام 2033، تكون عابرة للحكومات، وبما يسهم باستكمال ما تم إنجازه على مدى سنوات ماضية، مع التركيز على تنويع الاقتصاد وتحريره ودمجه بالعالمية، ومنح القطاع الخاص دوراً أوسع في قيادته.
وأكد جلالته أن تحقيق الرؤية الشمولية يتطلب جهوداً مكثفة تبني على مواطن القوة وتعالج نقاط الضعف، في التخطيط والتنفيذ وبما يرفع سوية الأداء في مختلف القطاعات، ويوفر الفرص والخدمات لكل الأردنيين، ويضمن إطلاق الإمكانيات، لتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة فرص العمل المتاحة، وتوسيع الطبقة الوسطى ورفع مستوى المعيشة لضمان نوعية حياة أفضل للمواطن.
وتستهدف رؤية التحديث الاقتصادي التي شارك في صياغتها القطاع الخاص بمختلف مكوناته، إطلاق الإمكانات لبناء المستقبل وسط تحدٍ هو الأكبر أمام الاقتصاد الوطني، يتمثل باستيعاب أكثر من مليون شاب وشابة في سوق العمل، وزيادة فرص العمل من 1.6 مليون فرصة إلى 2.6 مليون فرصة خلال السنوات المقبلة.
وترتكز الرؤية على النمو المتسارع والارتقاء بجودة الحياة في إطار نهج مستدام، وعبر ثمانية محركات لنمو الاقتصاد، تغطي 35 مـن القطاعات الرئيسـة والفرعية، وتتضمـن أكثر من 366 مبـادرة، و10معايير لقياس الأداء، و4 جهات مسؤولة عن التنفيذ ضمن إطار زمني متسلسل ومرحلي، وبتكلفة 41 مليار دينار.
إن المكانة الرفيعة والاحترام العالي الذي يحظى به جلالة الملك على المستوى العالمي مكنت البلاد من تحقيق مؤشرات اقتصادية تعتبر انموذجا، وهو ما تشير اليه دائما المؤسسات الدولية التي تنظر الى نموذج الاصلاح الاردني على انه الافضل بين دول المنطقة، والذي ظهر جليا خلال الفترة الأخيرة في قيام وكالة موديز للتصنيف الائتماني برفع التصنيف الائتماني للاردن ولأول مره منذ 21 عاما.
— (بترا)
التعليقات مغلقة.