غابات عجلون.. كيف ندعم جهود قضاء صيف آمن بلا حرائق؟

 مع دخول الصيف في محافظة عجلون، وما يرافقه من ارتفاع في درجات الحرارة، وجفاف الأعشاب، وتزايد أعداد المتنزهين، وتركهم المخلفات القابلة للاشتعال، باتت تلك التحديات تدفع جهات معنية إلى رفع استعداداتها، وتكثيف جهودها لضمان مرور أشهر الصيف من دون وقوع أي حرائق كبرى، قد تأتي على مساحات شاسعة من ثروة وطنية هي الغابات، والتي أصبحت تشكل أساسا في التنمية السياحية التي تشهدها المحافظة.


ويؤكد القائمون على تلك الجهود، سواء الرسمية أو الأهلية والتطوعية والتوعوية، أنها شكلت فارقا في حماية تلك الثروة، مقارنة بمواسم سابقة كان دخول الصيف يشكل حينها كابوسا لهم لما يلحقه بالغابات من خسائر فادحة.


ويؤكد الناشط البيئي المهندس خالد العنانزة، أنه من الضروري مأسسة اتخاذ الإجراءات الاحترازية المبكرة، وتكثيف الجهود الرقابية والتوعوية لأهميتها في حماية الغابات من الحرائق أو التعدي عليها، لافتا إلى أن النتائج حتى الآن، أظهرت انخفاضا بأعدادها، وفق إحصائيات رسمية، ما يستدعي تكثيف هذه الجهود لتشمل إزالة الأعشاب الجافة ومخلفات التنزه التي تساعد على سرعة انتشار النيران حال وقوعها، مؤكدا أن ذلك كفيل بعبور الصيف بشكل آمن من دون وقوع حرائق كبيرة.
ويقول محمد فريحات إنه في حال استمرار جهود الحماية والرقابة والتوعية وتكثيفها وتعزيز الإمكانيات، فإننا قد نصل إلى مرحلة متدنية جدا من الخسائر، بحيث تضمن الحفاظ التام على هذه الثروة الوطنية التي تعد الأساس في أي نهضة سياحية تنتظر المحافظة.
وأكد أن انخفاض أرقام الحرائق والتعدي على الحراج، العامين الماضي والحالي، مقارنة بأعوام سابقة، يدفعنا إلى المزيد من اتخاذ الإجراءات الاستباقية، كإزالة الأعشاب الجافة من جوانب الطرق ومواقع التنزه، وزيادة أعداد الطوافين والمعدات، وتشجيع الجهود التطوعية.
يذكر أن العامين 2020 و2021 شهدا 41 حادث حريق أتت على قرابة 2863 دونما ما بين مملوك وحراج، وتسجيل ضبوطات بعدد 88 و71 على التوالي، إلا أن الحرائق والضبوطات انخفضت إلى زهاء النصف في العامين 2022 و2023.
وأكد منذر الزغول أن الغابات تعد رأسمال المحافظة التي تعتمد التنمية فيها على السياحة، والتي تعد البيئة والغابات أحد أهم عوامل الجذب فيها، لافتا إلى أن شعور المواطن بالمسؤولية المشتركة وأهمية الغابات في أي تنمية سياحية ينشدها، سيسهم إلى حد كبير في حماية غابات عجلون من أي تعديات، مؤكدا أن حمايتها  أصبحت مطلبا شعبيا، لا سيما مع إنشاء كثير من المشاريع السياحية.
ولفت إلى أن كثيرا من المبادرات التطوعية والشبابية، وزيادة وعي المواطن أسهمت في الحد من الحرائق والتعدي عليها.
ويدعو علي المومني إلى التركيز على الجوانب التوعوية عبر كل المنابر المتاحة وتوزيع النشرات والبروشورات التثقيفية بأهمية حماية البيئة على المتنزهين، وأن يتم تحديد مواقع التنزه وحصرها بمواقع محددة، بحيث تكون بعيدة عن أعماق الغابات، وقريبة من خدمات البلديات المتعلقة بجمع النفايات، واللجوء لإغلاق الطرق المؤدية لوسط الغابات، وزيادة دوريات البيئة، وتغليظ وتفعيل العقوبات بحق المخالفين.
وضمن جهودها التطوعية، فقد نظمت جامعة عجلون الوطنية وبالتعاون مع مديرية الدفاع المدني، محاضرة توعوية بعنوان “الغابات: أهميتها وحرائقها ومكافحتها وسبل الوقاية منها”.
وجاءت المحاضرة التي قدمها مدير دفاع مدني عجلون المقدم طلال الدعجة، ضمن مباردة “صيف آمن” التي أطلقتها مديرية الأمن العام، وتهدف إلى نشر التوعية والتثقيف وتوفير بيئة آمنة للمواطنين وحمايتهم من الحوادث الناجمة عن السلوكيات السلبية خلال فصل الصيف.
وأشار الدعجة إلى أن حرائق الغابات والأعشاب تعد من أخطر الكوارث الطبيعية التي تواجه البيئات الطبيعية والإنسانية، والتي تنتج عن مجموعة متنوعة من العوامل الطبيعية والبشرية ولها تأثيرات بيئية واجتماعية واقتصادية هائلة.
واستعرض الدعجة، أنواع الحرائق التي تتعرض لها الغابات وأسباب حدوثها سواء الأسباب الطبيعية منها أو البشرية وطرق مكافحتها، وتأثير الحرائق على الغطاء النباتي والحياة البرية وعلى المناخ، بالإضافة إلى تأثيرها الاجتماعي والذي يتمثل بالأضرار المادية أو الأضرار التي تمس الصحة العامة أو على التكلفة الاقتصادية.
وأشار إلى أن 95 % من الحرائق تقع بفعل بشري وبعضها بشكل متعمد، مؤكداً أن الرسائل المهمة في هذه الفترة هي الرسائل التوعية للمجتمع كافة، منوها إلى أهمية التكاتف معاً من أجل القضاء على هذه الآفة، وعلى أهمية الإبلاغ عن أي حادث حريق، خصوصا المواطنين الذين يسكنون بجانب الغابات الحرجية أو الذين يعيشون في المناطق الزراعية، وضرورة تنظيف المنطقة من الأعشاب لأنها تساعد على انتشار الحرائق، مؤكداً أنه كلما زادت السرعة في الوصول إلى مكان الحريق، زادت السيطرة عليه.
وكشف المقدم محمد عبيدات من الدفاع المدني، أن عدد الحرائق التي تعامل معها الدفاع المدني منذ بداية العام الحالي في تناقص مستمر نظرا للتوعية التي يقوم بها بالتعاون مع الشركاء، لافتا لأسباب الحرائق وما تخلفه من مخاطر على الإنسان والبيئة والتنوع الحيوي.
وأشار إلى أن 99 % من الحرائق مفتعلة لأسباب عديدة، لافتا الى أن صعوية التضاريس تشكل أحد أهم التحديات، غير أن نجاعة الخطط التي تضعها المديرية لمكافحة الحرائق بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة حدت من أعدادها.
ويؤكد مدير زراعة المحافظة المهندس رامي العدوان، أن تراجع عدد حوادث الحرائق مرده أعمال تقليم الأشجار وعمل خطوط نار وتعشيب وحراثة جوانب الطرق تحسبا لنشوب الحرائق، ووجود المتابعة والرقابة الحثيثة، مبينا أن مأموري وطوافي الحراج يبلغ عددهم 50 طوافا موزعين على مساحة تغطي ما نسبته 34 % من مساحة المحافظة البالغة 419 ألف دونم، ما يضمن تسيير 7 دوريات على مدار الساعة.
وزاد أن الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها من قبل الحكام الإداريين والمديرية بالتعاون مع الشرطة والإدارة الملكية لحماية البيئة والسياحة والأجهزة الأمنية، أسهمت في ضبط التعديات على الغابات والأراضي الحرجية، مبينا أن الحرائق إن نشبت كانت في معظمها حرائق أعشاب جافة، وغالبيتها في أرض مملوكة ونسبة قليلة من الأشجار الحرجية.
وأكد العدوان أنه ومع توقع تضاعف أعداد الزوار للمواقع السياحية ومواقع التنزه وسط الغابات خلال أشهر الصيف، فقد رفعت المديرية والجهات المعنية من جهودها، وخاصة المتعلقة بإزالة الأعشاب وجهود النظافة، لمواكبة هذه الزيادة المتوقعة، بحيث تتركز هذه الجهود في جهات معنية، تتمثل بمديريات السياحة والبيئة وإدارة الشرطة البيئية والبلديات، تساندها جهات تطوعية.
وأكد مدير مجلس الخدمات المشتركة المهندس محمد مهيرات، أن كوادر المديرية تنفذ يوميا حملات نظافة في المناطقة السياحية والمناطق الأخرى كافة في المحافظة، وخصوصا القابلة للاشتعال بالقرب من الغابات.
إلى ذلك، أوصى مشاركون في ندوة توعوية حول حرائق الغابات ومخاطرها على البيئة والتنوع الحيوي، بضرورة تكثيف حملات التوعية والتثقيف المجتمعي بخطورة الحرائق وأثرها السلبي على الغابات والبيئة والتنوع الحيوي والأشجار المعمرة والغطاء النباتي لنباتات نادرة أو مهددة بالانقراض.
وأكدوا، في توصياتهم، أن الحفاظ على الثروة الحرجية والحد من الحرائق مسؤولية الجميع، وضرورة الإبلاغ عن المتسببين بقصد أو من دون قصد، كما شددت التوصيات على دور البلديات والجمعيات البيئية ومؤسسات المجتمع المدني وأندية حماية البيئة المدرسية والمراكز الشبابية والجمعيات البيئية في تنفيذ الأنشطة والبرامج التوعوية وتنفيذ الأيام التطوعية للحفاظ على البيئة والثروة الحرجية من أي اعتداءات بالتقطيع أو إشعال الحرائق ورمي النفايات بصورة عشوائية.
وأكدت التوصيات أهمية التنسيق بين الجهات المعنية ذات العلاقة من دفاع مدني وزراعة والإدارة الملكية لحماية البيئة والبيئة للحفاظ على الغابات، بحيث يكون هناك تناغم في العمل وتكامل بين الجهود لإنجاز المهمات المطلوبة عند الحاجة، بالإضافة للتوسع في أعمال التشجير للمساحات الخالية.

عامر  خطاطبه/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة