متحف مادبا.. مقتنيات “تختزل” الحياة الشعبية والتقليدية للمدينة

يتميز متحف مادبا الأثري والشعبي بوجود البيوت القديمة المتلاصقة التي تتزين أرضياتها بلوحات الفسيفساء التي شهدت تاريخ وحضارات تحكي أسرار وخفايا الأجداد الذين ساهموا في بناء المدينة على مدى العصور.
ويختزن المتحف الذي أنشأته دائرة الآثار العامة العام ( 1978)، في طياته إرثا للحياة وارتباطا وثيقا بين الماضي والحاضر، وشاهد للعيان لأهمية المدينة التاريخية والحضارية عبر الآثار المنتشرة في أرجائها، وفق مدير آثار مادبا خالد الهواري.
ويشير الهواري لـ “الغد” أن المتحف يتكون من جناحين: الأول (الحياة الشعبية والتقليدية) والثاني (متحف المقتنيات الأثرية)، يحتوي متحف الحياة الشعبية والتقليدية داخل المتحف على البيت الشعبي الذي يعد من أهم ركائز المتحف والذي يحتفظ على أرضية مرصوفة بـ “حجارة الفسيفساء” كلوحة فنية كبيرة حافلة بنقوش ورسومات من العصور الرومانية، عمونية، وبيزنطية، إلى جانب أشكال هندسية متفاوتة على الجدران تظهر فيها دوائر ومستطيلات ملونة وبأحجام متباينة، إضافة إلى صور حيوانات ونباتات ذات قيمة في العصور السابقة.
ويضيف، على مدخل غرفة مُقابلة، أشجار صغيرة على الزوايا الأربع يظهر فور تجاوزها ممر متفرع إلى ثلاثة أقسام تحمل عناوين “التراث والتاريخ”، و”الإثنولوجي”، و”الملتقى”، تُلخّص في مجملها الأزياء والملابس الأردنية الشعبية، والحلي النسائية المستخدمة في المناسبات، والأدوات المنزلية التراثية، في القسم الأخير تحديدا قطع فخارية مُكتشفة في المكان ذاته، مشيرا إلى أنه في العام ( 1987)، استملكت دائرة الآثار العامة بيوتا قديمة إضافية، لتكون نواة متحف جديد مجاور للسابق قبل ضمهما معاً، حيث تم دعم الموقع بقطع فسيفساء أخرى نقلت من مناطق محيطة ومجموعة متنوعة من التيجان، مع المحافظة على أعمدة صخرية ارتبطت بأحداث شهدتها المنطقة.
كما يضم المتحف في شكله الحالي: فخاريات، ونحاسيات، وزجاجيات تعود للعصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية ترافقها مواد تعريفية، مشيرا إلى قطعة “أم الوليد” المائلة للشكل المخروطي بأحجار عتيقة من المحتويات المهمة بعد ثبوت عودتها للقرن السادس الميلادي وصيانتها عند اكتشافها في معهد الترميم في جنيف. ومن المعروضات قطع نقدية فضية ودنانير ذهبية أموية وخريطة للمدينة بنقوش ورموز متداخلة.
ويقول الهواري إن المتحف يقدم في زاوية للمقاطع المرئية عرضاً عن مدينة مادبا يتناول انتقال القبائل إليها وإعادة إحيائها العام 1880 ميلادية، والعثور على قطع أثرية تحكي تاريخاً يمتد للعام 1200 قبل الميلاد، واكتشاف مقبرة تاريخية ومقتنيات لها علاقة بملوك في عصور سابقة.
تحويل المتحف إلى متحف إقليمي مستقبلاً
ويؤكد بأنه سيتم تحويل المتحف إلى متحف إقليمي مستقبلا وفق رؤية دائرة الآثار العامة التي وضعت تصورا شاملا للمشروع بالتشاركية مع الجامعات (جامعة لاسيريا وجامعة غانون الأميركية وجامعة بيروجيا الإيطالية وجامعة لاسينزا الإيطالية) بالتعاون مع المركز الأميركي للأبحاث الشرقية بإنشاء متحف مادبا الإقليمي، وذلك حسب الابتكارات الهندسية الجديدة التي تواكب المواصفات العالمية فيما يخص إنشاء المتاحف، وذلك في موقع القصر المحترق وسط مدينة مادبا، وهذا المشروع في مرحلة الدراسات والتصميم وذلك بكلفة تقديرية حوالي 4 ملايين دينار.
ويضيف الهواري، ضمن المشروع نقوم حاليا بإعادة تأهيل المتحف الحالي، وتم نقله الى قاعات جديدة بعد أعمال الصيانة اللازمة وأيضا قمنا بتجهيز مستودع للقطع الأثرية حيث تتراوح القطع الأثرية حوالي 14000 ألف قطعة، وبالتالي تحتاج الى مكان آمن ومناسب يحفظ القطع بطريقة يسهل الرجوع إليها عند الحاجة.
كما سيتم إعادة طريقة العرض المتحفي من خلال عرض قصة مادبا عبر الفترات الزمنية والتي تبدأ من العصور الحجرية مرورا بالعصور البرونزية والحديدية والكلاسيكية وصولا إلى العصور الإسلامية.
ويقول، يهدف المشروع إتاحة وعرض مصادر الإرث الأثري من منطقة مادبا. ومن خلال هذه الأعمال ويرتكز المشروع على ثلاثة أهداف رئيسية وهي: بناء القدرات، يعمل مشروع متحف مادبا الأثري الإقليمي بالتعاون الوثيق مع دائرة الآثار العامة على تدريب المتخصصين المحليين وتعزيز التشغيل المحلي وإدارة المتحف في المستقبل. وبدءا من موسمنا التجريبي للعام 2016 والذي أقيم في متنزه مادبا الأثري الغربي، استخدمنا أنشطتنا الميدانية كفرصة تدريبية للطلبة في مرحلة الدراسات العليا والمرحلة الجامعية الأولى وموظفي دائرة الآثار العامة والمتطوعين.
وتعزيز الإرث الأثري وحمايته والارتقاء به، وفقا لاستراتيجيات دائرة الآثار العامة في مجال إدارة وحماية الإرث الأثري الأردني، فقد صمم المشروع بأكمله كأداة لرفع مستوى الوعي بالتهديدات المحتملة التي تواجه الإرث الأثري والتحديات المتعلقة بتعزيز وحماية الإرث الأثري في محيط المجتمعات المحلية.
ويهدف المشروع من خلال الأنشطة التعليمية والمشاركة المجتمعية بدءا من الوقت الحالي وطوال فترة حياة المتحف، إلى تشجيع وتيسير عملية زيادة وعي الوعي العام بالقيم المدنية الجوهرية للإرث الأثري الأردني والحد من التهديدات التي يتعرض لها الإرث الأثري، وتعزيز مبادئ التنمية المستدامة)، والترويج للسياحة المستدامة في مدينة مادبا وما حولها. يعد هذا الهدف من أهم أهداف المشروع والذي يسعى إليه إلى إدارة مشهد إرث ثقافي واسع يضم مجمعا حضريا في وسط مدينة مادبا وكامل المنطقة المحيطة بالمدينة.
وتضم منطقة مادبا 12 موقعا نشطا حاليا عثر بها على لقى أثرية غنية تنتمي إلى مجموعة مقتنيات المتحف، ولا يهدف متحف مادبا الأثري الإقليمي إلى عرض التاريخ الإقليمي واللقى الأثرية والإرث الثقافي في مدينة مادبا فحسب، بل إنه يهدف أيضا إلى ربط المدينة والمتحف بالمناطق المحيطة بهما، من خلال تطوير مسارات سياحية داخل محافظة مادبا.

 

أحمد الشوابكة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة