متى تنفض السياحة البيئية غبار المقالع الحجرية بعجلون؟
لم تعد مسألة معالجة البؤر البيئية الساخنة بمحافظة عجلون، وعلى رأسها المقالع الحجرية غير المرخصة، تقف عند ضبط المخالف منها وإيقافها عن العمل، بقدر ما هي ضرورة لاستدامة البيئة والتخلص من ضجيج منفر للسكان والزوار، وتشويه للجمال الجاذب للاستثمار.
هذه القضية، لم تكن غائبة عن ناشطين بيئيين ومعنيين بحمايتها، وذلك من خلال إطلاق تحذيراتهم في أكثر من مناسبة، مؤكدين أن التخلص منها جذريا لا يمكن أن يتم إلا بإعلان المحافظة إقليما تنمويا، ما يعني وقف تراخيص مثل هذه المقالع، وتشديد الرقابة والعقوبات للتخلص من كل تلك البؤر الساخنة.
وتؤكد مصادر بيئية، وناشطون في المحافظة، أنه ورغم ما يعلن عنه من حملات وضبوطات وإغلاقات للمقالع الحجرية، إلا أنها ما تزال غير كافية، ولا تشكل أكثر من 20 % من المقالع المخالفة، عازية ذلك إلى عدة أسباب من أهمها إخلاء الموقع من الآليات ومغادرته في حال سماع العاملين فيه بقدوم لجان المتابعة.
الناشط البيئي مهند الصمادي، أكد أن محافظة عجلون لم تعد تحتمل أي إضرار ببيئتها والتي تشكل رأس مالها وأهم عوامل الجذب السياحي والاستثمار فيها، ما يستدعي ضرورة معالجة مختلف البؤر البيئية فيها، وإيجاد الحلول الجذرية لها، خصوصا فيما يتعلق بتنظيم ملف المقالع، وتشديد الرقابة وعدم السماح بإقامة مثل هذه الأنشطة بالقرب من التجمعات السكانية والأنظمة البيئية المهمة.
وشدد على ضرورة أن تخضع هذه المشاريع لدراسات تقييم الأثر البيئي والاجتماعي الشاملة قبل منح الترخيص، لا سيما أن القوانين والأنظمة المعمول بها تنص على ذلك بشكل صريح وهي تراعي الحساسية البيئية وقياس الأثر التشريعي للاتفاقيات الدولية والقوانين والأنظمة الوطنية.
وأكد المهندس البيئي محمد فريحات على ضرورة التخلص من جملة بؤر بيئية ساخنة بمحافظة عجلون، فهي أصبحت حاجة أساسية وجب إنجازها، وبالتزامن مع النهضة التنموية والسياحية التي تنتظرها المحافظة، خصوصا بعد إنجاز مشروع التليفريك، وما بدأت تشهده المحافظة من تضاعف في أعداد زوارها، وتوقع إنشاء مشاريع أخرى جاذبة للسياح.
ودعا إلى زيادة الدعم للجهات الرقابية، ونشر الوعي المجتمعي، وتفعيل التشريعات التي تضمن إيجاد الحلول الجذرية لعدد من البؤر الساخنة الجاثمة على الساحة العجلونية منذ عقود، مشيرا إلى أن إعلان المحافظة إقليما تنمويا سيخلصها من كثير من هذه القضايا نظرا لما سيتظمنه الإعلان من تشريعات وقوانين تمنع ترخيص هكذا مشاريع.
ويقول المختص في الشأن البيئي خالد العنانزة، إن البؤر البيئية الساخنة، لا سيما ملف المقالع الحجرية، والطرح العشوائي للأنقاض، ومخلفات التنزه في محافظة عجلون، ستبقى تؤثر سلبا على عموم التنمية خصوصا السياحية، لافتا إلى أنه ورغم كل الإجراءات والجهود الرسمية والأهلية التي تسعى في ملف المقالع الحجرية للموازنة ما بين كونه باب رزق للكثيرين، يجب أن تلتفت إلى أهمية الحفاظ على الجانب البيئي في المحافظة والذي يرتبط ارتباطا وثيقا بموضوع السلامة العامة والتنمية السياحية، داعيا أصحابها إلى الإلتزام بتنفيذ أحد أهم اشتراطات التراخيص لهذه المقالع، والمتمثل بتعهدهم بإعادة تأهيلها وإصلاح الضرر بعد استكمال العمل بها، لضمان عدم تشوه الطبيعة، وترك المكان آمنا.
وكان رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن المهندس زياد السعايدة، أكد استمرار الهيئة في تكثيف عمليات الرقابة ومواصلة جولاتها الميدانية على جميع المقالع والكسارات ومواقع حقوق التعدين المنتشرة بمختلف مناطق المملكة، للتأكد من حصولها على التصاريح والرخص اللازمة لممارسة النشاط والعمل ضمن الإحداثيات والمناطق المحددة في الرخصة وضمان التزامها بخطة إعادة تأهيل الموقع وبمعايير المحافظة على البيئة وشروط السلامة العامة خاصة ما يتعلق منها بإجراءات الحد من الغبار والضجيج، والتأكد من امتلاكها أنظمة السلامة والوقاية والفلاتر المطلوبة لخفض التلوث الناتج عن الغبار المحتمل صدوره عن طبيعة النشاط.
وأعلن في تصريح صحفي عقب الحملة التفتيشية المفاجئة التي نفذتها الهيئة خلال الأسبوع الماضي وشملت جميع المقالع العاملة بمحافظة عجلون، أن كوادر الهيئة تمكنت من ضبط المقالع المخالفة التي تعمل دون ترخيص وإيقافها عن العمل وعددها 10 مقالع بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والجهات المختصة، وتم تحويل القائمين عليها الى الحكام الإداريين لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم استنادا لأحكام قانون المصادر الطبيعية والتشريعات ذات العلاقة، وذلك بعد أن تم منحها سابقاً مهلة لتصويب اوضاعها بناء على المتابعات والجولات التفتيشية والملاحظات التي وجهت لها سابقاً لتلافي اغلاقها واتخاذ الإجراءات القانونية بحقها ودون أن تقوم بتصويب الوضع.
وأكد أن هذه الحملة تأتي في إطار الدور المناط بالهيئة بموجب أحكام التشريعات النافذة، وضمن سلسلة من الحملات والجولات التفتيشية المكثفة.
وأكد المهندس السعايدة أن الهيئة لن تتهاون في التصدي للاعتداءات الجائرة على المصادر الطبيعية وهدر المال العام واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها لضمان الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين وتعزيز الاستدامة البيئية. مشيدا بدور الأجهزة الأمنية والجهات ذات الاختصاص في التعاون مع الهيئة للتأكد من اتباع الإجراءات الوقائية اللازمة أثناء ممارسة العمل.
من جهتها، تشير تقارير مديرية البيئة في المحافظة أن نسبة كبيرة من تلك المقالع لا تقوم بأي إعادة تأهيل بعد إنهاء العمل، رغم اشتراط ذلك عليها، وتوقيعها على كفالات.
وأكد مدير البيئة في محافظة عجلون الدكتور مشعل الفواز، أنه ورغم كل الإجراءات والحملات، وبما فيها الحملة الأخيرة، فإن زهاء 70 مقلعا حجريا ما تزال تعمل من دون تراخيص، و تعمل سرا وبعيدا عن الأنظار، بحيث يتوارى أصحابها ويتم إخلاء الآليات منها في حال تناهى إلى مسامعهم أن هناك لجان تفتيشية قادمة إلى المحافظة، مؤكدا أن ما تم إغلاقه من المقالع المخالفة لا يتعدى 20 %.
وأشار إلى أن المديرية حولت العام الماضي 18 قضية بيئية مخالفة إلى النائب العام، كالسماد العضوي غير المعالج وبعض محال السكراب، فيما تم إغلاق 23 مقلعا ومحلا مخالفة خلال نفس الفترة.
وزاد، أنه تم التعامل 132 شكوى بيئية مختلفة داخل المحافظة وضمن الوحدات الإدارية فيما تم زيارة 280 منشأة داخل المحافظة منها ما يختص بعمل المديرية ومنها ما هو مشترك مع دوائر ومؤسسات رسمية أخرى، مشيرا إلى أنه تم منح 49 ترخيصا لمنشآت ومصانع .
عامر خطاطبه/ الغد
التعليقات مغلقة.