أحزاب “ع السكين”

بداية، لا بد من التوافق على أن الوحدة الوطنية، والاصلاح السياسي والاقتصادي، والأمن والاستقرار المجتمعي، مقترن بالولاء والانتماء لهذا الوطن الجميل ولكل ذرة من ذرات ترابه، فالوطن لا يقبل القسمة الا على نفسه، وحب الوطن هو القاسم المشترك الأكبر الذي يجتمع عليه كل الأردنيين الشرفاء، فلا داعي أن نفاضل أو نكامل، أو أن نجد المشتقة الثانية لذلك الحب، فحبنا للأردن قيمة مطلقة مفتوح الفترة من المالانهاية الى المالانهاية، حفظ الله هذا الوطن من كل سوء، وجعله واحة أمن واستقرار. هذا ما أحببتُ أن أبدأ به كمقدمة لموضوع مقالتي هذه.

 

المفارقة العجيبة التي ارتكزتُ عليها في هذه المقالة؛تمثلت بوجه الشبه الكبير ما بين العديد من الأحزاب و “معرشاتالبطيخ” والتيجعلتْ هذا الشبه الكبير جرعة محفزة لوجبة سياسية كاملة الدسم من منظوري السياسي المتواضع،ومنزوعة الدسم من منظور العديد من تلك الأحزاب. حيث إن التنمية السياسية، والتنمية البشرية، وخلق فرص عمل جديدة، وجذب الاستثمار الداخلي والخارجي، ودعم الشباب، تُمثلالقناع الجميل للعديد من هذه الأحزاب الذي يخفي وجها آخر لخططه وبرامجه المزعومة!

 

استوقفتني ” معرشات البطيخ ” والتي تنتشر على جنبات الطرق وخاصة الخارجية منها، والتي تعرض أنواعا وأصنافا مختلفة من البطيخ؛ حسب الشكل والمنشأ والحجم والملامح ” مخطط أو أخضر كامل أو متلون”. والحلو في الموضوع أن أصحاب تلك المعرشات يحاولون جذب الزبائن وإقناعهم بالشراء من خلال الفحص السريري للبطيخة باستخدام تقنية ” الطبطبة” وعلى طريقة نانسي عجرم ” يا طبطب، يا دلع، يا قولي أنا تغيرت عليه”، ومن ثم استخدام التقنية التي تشبه تقنية سونارالحمـــل” التصويرفوقالصوتيللحملD / 3D4 ” قبل استخدام طريقة جــورج وســـوف ” طبيب جرّاح”ليكونالبيع بعدها  “ع السكين” وليصبح الزبون على ثقة أكيدة بنوعية البطيخة المنوي شراؤها، ومدى مطابقتها للمواصفات والمقاييس التي تم اخباره عنها قبل عملية البيع من حيث اللون والطعم.

 

وهنا أقف مُتسائلا كمواكن مطعون من الخاصرة؛ هل ستدخل التنمية الحزبيةمضمار المعرشات أيضا؟ وهل سنلحظ ولادة مرحلة جديدة لجذب الاستثمار الداخلي والخارجي وخلق فرص نواب جديدة؟  وهل ستصبح هذه الفرصذات صيغة تنافسية في سوق الأسهم والبورصات؟ وهل سيصبح لدينا معرشات حزبية على جنبات الطرقات تلتقط المارة؟ وهل سيصبح هناك لوحات اعلانية تُعرض فيها فرص تنموية وبربقندات حزبية موجهةبطريقة أحاديةالمنظور وتروج لمشاريع نواب مختلفة الشكل والمنشأ والحجم والملامح ” مخطط أو لون واحد أو متلون“؟ وهل سنشهد في الأسابيع القادمة حملات يتم فيها جذب الزبائن وإقناعهم من خلال الفحص السريريباستخدامتقنية “الطبطبة” وتقنيةسونارالأصواتوطريقةالطبيبالجرّاح؟ وبالتالي يكون الزبون على ثقة أكيدة بالنوعية، ومدى مطابقته للمواصفات والمقاييس والغاية المرجو تحقيقها من وراء ذلك.

 

وأخيرا، هل نحن على أبواب خصخصةحزبية جديدة؟ ونمطا جديدا للاستحمار؟

 سؤالا يتيما أبقيه معلقا كجرس كنيسة هرم واختتم…!!

 

بقلم  / د .عبدالله سليمان درادكه

جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة