أفغانستان.. طالبان تضيق الخناق على مزار الشريف كبرى مدن الشمال

بدأت طالبان الثلاثاء تشديد الخناق على مزار الشريف، كبرى المدن في شمال أفغانستان الذي كان المدنيون يفرون منه بشكل جماعي قبل تقدم المسلحين المحتوم على ما يبدو.
في الدوحة، بدأ اجتماع بين ممثلين للمجتمع الدولي بينهم المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد، في وقت مبكر من بعد الظهر كما ذكر مراسل في وكالة فرانس برس.
وكانت الخارجية الأميركية أعلنت في بيان مساء الاثنين “سيتوجه السفير خليل زاد إلى الدوحة للمساعدة في صياغة استجابة دولية مشتركة للوضع المتدهور بسرعة في أفغانستان”.
وأضافت أنه “سيحض طالبان على وقف هجومها العسكري والتفاوض على اتفاق سياسي، وهو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية في أفغانستان”.
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قرر سحب القوات الدولية من أفغانستان. وأرجأ خلفه جو بايدن الموعد النهائي للانسحاب لبضعة أشهر، إلا أن القوات الأميركية والأجنبية ستغادر بحلول نهاية آب/أغسطس.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أوضحت إدارة بايدن أن واشنطن ستحافظ على “دعمها” الحكومة في كابول، خصوصا في ما يتعلق بالتدريب العسكري، لكن بالنسبة إلى بقية الأمور، على الأفغان ان يقرروا مصيرهم.
وقال الناطق باسم البنتاغون جون كيربي الاثنين “هذا بلدهم الذي يجب أن يدافعوا عنه. هذه معركتهم”.
لكن في شمال أفغانستان، الوضع يتغير بسرعة. فبعد احتلال مدينة قندوز الكبيرة الواقعة في شمال شرق البلاد، وكذلك مدينتي ساري بول وتالقان الأحد في غضون ساعات قليلة، أضافت طالبان الاثنين إلى قائمتها مدينة أيبك البالغ عدد سكانها 120 ألف نسمة والتي سقطت من دون مقاومة.
وباتت طالبان تسيطر على ست من عواصم الولايات الأفغانية البالغ عددها 34 بعدما استولت السبت على شبرغان معقل زعيم الحرب عبد الرشيد دوستم على مسافة حوالى 50 كيلومترا شمال ساري بول والجمعة على زرنج عاصمة ولاية نيمروز البعيدة في جنوب غرب البلاد عند الحدود مع ايران.
وليل الاثنين الثلاثاء، هاجم المسلحون ضواحي مزار الشريف التي حضت الهند رعاياها على مغادرتها، وبول الخمري وفايز آباد، وهي ثلاث عواصم ولايات في الشمال لكن تم صدهم وفق وزارة الدفاع. وقد أعيدوا إلى فرح (غرب) بحسب الشرطة المحلية.
من جانبها، دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الثلاثاء الأطراف المتنازعة إلى وقف القتال في أفغانستان وطالبت طالبان بإنهاء العمليات العسكرية في المدن.
وقالت ميشيل باشليه في بيان “على أطراف النزاع وقف القتال لمنع المزيد من إراقة الدماء. وعلى طالبان أن توقف العمليات العسكرية في المدن. وإذا لم تعد جميع الأطراف إلى طاولة الحوار وتتوصل إلى تسوية سلمية، فإن الوضع المتردي أصلا للعديد من الأفغان سيزداد سوءا”.
كذلك أشارت إلى أن سيطرة طالبان على العديد من المدن “زرع الخوف والرعب” لكنها حذرت من أن انتشار الميليشيات الموالية للحكومة قد يعرض أيضا المدنيين للخطر.
وفر آلاف من شمال البلاد ووصل كثر إلى كابول الاثنين بعد رحلة لعشر ساعات في السيارة عبروا فيها العديد من حواجز طالبان.
وتسيطر حركة طالبان التي تتقدم بسرعة الآن على خمس من عواصم الولايات التسع في الشمال فيما القتال مستمر في العواصم الأربع الأخرى.
ويبدو أن الحركة لا تفكر في إبطاء الوتيرة المحمومة لتقدمها في الشمال. فقد أعلن المتمردون أنهم هاجموا مزار الشريف كبرى مدن شمال أفغانستان وعاصمة ولاية بلخ. لكن السكان والمسؤولين قالوا إنهم لم يصلوا إليها بعد.
وقالت الشرطة في ولاية بلخ إن أقرب موقع شهد معارك يبعد 30 كيلومترا على الأقل منها، متهمة طالبان بأنها تستخدم “الدعاية لترويع السكان”.
وقال مرويس ستانيكزاي الناطق باسم وزارة الداخلية في رسالة إلى وسائل الاعلام إن “العدو يتحرك الآن باتجاه مزار الشريف لكن لحسن الحظ أحزمة الأمان (حول المدينة) قوية وتم صد العدو”.
ومزار الشريف مدينة تاريخية ومفترق طرق تجاري. وهي من الدعائم التي استندت إليها الحكومة للسيطرة على شمال البلاد. وسيشكل سقوطها ضربة قاسية جدا للسلطات.
وتعهد محمد عطا نور الحاكم السابق لولاية بلخ والرجل القوي في مزار الشريف والشمال، المقاومة “حتى آخر قطرة دم”. وكتب على تويتر “أفضل أن أموت بكرامة على أن أموت في حالة من اليأس”.
قد يكون عجز السلطات في كابول عن السيطرة على شمال البلاد أمرا حاسما لفرص الحكومة في البقاء. ولطالما اعتُبر شمال أفغانستان معقلًا للمعارضة في وجه طالبان، فهناك واجه عناصر الحركة أقوى مقاومة عندما وصلوا إلى السلطة في التسعينات.
حكمت طالبان البلاد بين العامين 1996 و2001 وفرضت الشريعة الإسلامية بتفسيرها الصارم لها، قبل أن يطيحها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة.
وتشكّل السيطرة على قندوز الواقعة على مسافة 300 كيلومتر شمال كابول والتي احتلها المتمردون مرتين في 2015 و2016، مفترق الطرق الاستراتيجي في شمال أفغانستان بين كابول وطاجيكستان، أكبر نجاح عسكري لطالبان منذ بدء الهجوم الذي شنته في ايار/مايو مع بدء انسحاب القوات الدولية الذي يُتوقع أن ينتهي بحلول 31 آب/أغسطس.
وفي حين أثبت الجيش الأفغاني عدم قدرته على وقف هجوم طالبان في الشمال، فإنه مستمر في مواجهة المسلحين في قندهار ولشكركاه، وهما معقلان تاريخيان للمتمردين في جنوب أفغانستان، وكذلك في هرات في غرب البلاد.
لكن هذه المقاومة تتم لقاء خسائر مدنية فادحة، إذا أفادت اليونيسف الإثنين عن مقتل عشرين طفلا على الأقل وإصابة 130 خلال الأيام الثلاثة الأخيرة في ولاية قندهار وحدها. (أ ف ب)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة