أكاديميون عرب يناقشون دور الترجمة والأدب المقارن بالتواصل الثقافي
عقد منتدى الفكر العربي، أول من أمس، لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حول دور الترجمة والأدب المقارن في التواصل الثقافي بين الحضارات في المنطقة العربية، حاضرت فيه د.جهاد محمود عواض من مصر، مدرّس الأدب المقارن والنقد الأدبي الحديث في كلية الألسن في جامعة عين شمس وعضو لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة.
وشارك بالمداخلات في اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبوحمور، كل من: د.محمد حمدي إبراهيم أستاذ الأدب المقارن في قسم اللغة اليونانية بجامعة القاهرة ونائب رئيس الجامعة الأسبق، مقرر لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة سابقاً، ود.فواز عبد الحق أستاذ اللغويات ورئيس الجامعة الهاشمية بالأردن، د.سليمان العباس أستاذ اللغة الإنجليزية والترجمة في الجامعة العربية المفتوحة ورئيس الرابطة الأردنية للمترجمين واللغويين التطبيقيين، د.رشا الخطيب أستاذة اللغة العربية وآدابها والحضارة العربية الإسلامية والباحثة في الدراسات الأندلسية والاستشراق، والكاتب والمترجم المصري المعروف شوقي جلال، د.وفاء الخضراء أستاذة الأدب الانجليزي في كلية اللغات والاتصال المتخصصة في دراسات الحضارة بالجامعة الأميركية في الأردن، رغد الحديدي المدرّسة في قسم الترجمة بالجامعة الألمانية الأردنية.
ناقشت المحاضِرة د.جهاد محمود عواض، دور الترجمة المهم في العلاقات بين الشعوب والتبادل الثقافي والحضاري بينها، إضافة إلى دورها في الأدب المقارن الهادف إلى إزالة الحواجز بين اللغات والأفكار، دون فقدان الشخصية أو الهوية الحضارية والذوبان في ثقافة الآخرين أو الإعجاب المفرط بالآداب الأجنبية، لافتا الى ضرورة الاهتمام بجوانب الترجمة المتعددة انطلاقاً من أهداف الترجمة نفسها، وكيفية اختيار المواد المراد ترجمتها، ومؤهلات المترجم، ومواصفات القارئ الذي نترجم له، ومعايير الحكم على الترجمة، وغيرها.
وقد اقترحت د.عواض تأسيس مؤسسة عربية للترجمة والأدب المقارن من أجل إيجاد حركة ترجمة شاملة في الدول العربية، وتحقيق التعاون بين المتخصصين في الأدب المقارن والمترجمين العرب ليكون وجود هذه المؤسسة بداية العمل على استئناف نهضة العالم العربي واستعادة حضوره على خريطة الإنتاج المعرفي اليوم، مشيرة الى أن مدرّس الأدب المقارن والنقد الأدبي الحديث في كلية الألسن في جامعة عين شمس، يبين دور الترجمة المهم في العلاقات بين الشعوب والتبادل الثقافي والحضاري بينها، ودعت إلى ضرورة الاهتمام بالترجمة في جوانبها كافة، ولا سيما من جهة الأهداف، وكيفية اختيار المواد المراد ترجمتها، ومؤهلات المترجم، وعلاقة النص المترجَم بالأصل الذي تُرجم عنه، ومواصفات القارئ الذي نترجم له، ومعايير الحكم على الترجمة، وتحديد ما إذا كانت الترجمة عملاً خاصاً أم خدمة عامة.
وقالت د.عواض “إن الترجمة رافد من روافد الأدب المقارن ودعائمه، حيث تقوم الترجمة بدور جوهري في عملية المقارنة الأدبية والثقافية التي تهدف إلى إزالة الحواجز بين اللغات والأفكار، والتقريب بين الشعوب مهما تباينت الحضارات وتضاربت العادات واختلفت الأذواق، مع الحذر من عدم فقدان شخصيتنا وهويتنا العربية، والذوبان في ثقافة غيرنا، أو الإعجاب المفرط بالآداب الأجنبية”، مبينة أن تأسيس مؤسسة عربية للترجمة والأدب المقارن من أجل إيجاد حركة ترجمة شاملة في الدول العربية، وتحقيق التعاون بين المتخصصين في الأدب المقارن والمترجمين العرب بهدف تحقيق التكامل بين العِلمين، وعقد اتفاقيات مع المراكز الثقافية في الدول المختلفة لتمويل الأبحاث العلمية في الأدب المقارن والترجمة لتكون هذه المؤسسة بداية العمل على إيجاد حالة من تجديد النهوض الثقافي في العالم العربي، واستئناف نهضته واستعادة حضوره على خريطة الإنتاج المعرفي اليوم، ووصل ما انقطع من تراثه الحضاري المدون باللغة العربية والممتد عبر العصور، والذي فاق من حيث الكم أي تراث عالمي آخر.
وقال الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبوحمور، في كلمته التقديمية: “إن مظاهر التصدع في الخطاب الفكري والانهيار في القيم والأخلاقيات سببها ضعف الروابط بالثقافة، واقتحام خطابات التطرف والكراهية وسائل التواصل والإعلام بأجندات تخدم غايات ضيقة وصراعية، ما يستوجب إعادة بناء المجتمعات على أسس ثقافية قوية وأصيلة، وتطوير خطاب عربي ثقافي منسجم مع معطيات العصر والتقدم العلمي والإنساني، فتكفل الأمة العربية استئناف دورها الحضاري في عصر المعرفة والثورة الصناعية الرابعة”.
وأوضح د.أبوحمور أن نشر الثقافة العربية وإزالة الأوهام التي شابت صورة العرب في أذهان أبناء الأمم الأخرى، يتطلبان من النخب الأكاديمية والثقافية أن تضاعف جهودها في حقل الترجمة والأدب المقارن، لدورهما في تحقيق التقارب بين الشعوب والفهم المتبادل والتفاهم، ونشر العلم والمعرفة والإبداع.
وبين د.محمد حمدي إبراهيم، أستاذ الأدب المقارن ونائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، ضرورة الاهتمام الشامل بأنواع الترجمة المختلفة عند تأسيس المؤسسة العربية للترجمة، لتشمل الترجمة العلمية، والقانونية، والسياسية، والأدبية، والتتابعية، والفورية، إضافة إلى دور المؤسسة في تدريب المتخصصين في هذه المجالات على مهارات الترجمة.
واقترح د.إبرهيم تأسيس اتحاد للمترجمين في كل دولة عربية، واتحاد آخر إقليمي عربي يجمع ويوحد جهود المترجمين العرب من أجل مواكبة التطور العالمي وتغيرات العصر الحالي.
وأشار د.فواز عبد الحق أستاذ اللغويات ورئيس الجامعة الهاشمية، إلى الدور المهم لمجامع اللغة العربية في مجال ترجمة المصطلحات، ونشر أدلة متخصصة بها من أجل توحيدها تجنباً للتخبط أثناء الترجمة. وقال إنه لا بد من إلمام المترجمين بهذه المصطلحات وبالحقول التي يترجمون فيها، إضافة إلى إتقانهم لعدة لغات، والحرص على الحيادية في الترجمة من أجل نقل الأفكار كما هي بلا أي تغيير عليها.
وأشار د.سليمان العباس، أستاذ اللغة الانجليزية والترجمة في الجامعة العربية المفتوحة، إلى أن تأسيس المؤسسة العربية للترجمة بحاجة إلى أسس واضحة ورصينة تضمن استمرارية عملها وإنتاجها المعرفي، لتتخطى أعمال الترجمة في الوطن العربي الأعمال الفردية، ويكون هناك تعاون حقيقي ومستمر بين الدول العربية في ترجمة المواد المختلفة حسب الحاجة، بالشكل الذي يقدم الرسالة المطلوبة للفئة المستهدفة من المادة المُترجَمة، فتكون الترجمة نافذتنا على العالم، ننظر من خلالها على إنجازات الآخرين كما ينظرون إلى إنجازاتنا.
وأكدت د.رشا الخطيب، أستاذة اللغة العربية وآدابها والحضارة العربية الإسلامية، أن الترجمة كانت العامل الأكثر أهمية في دفع التجارب الحضارية بمختلف جوانبها في مراحل تاريخية عدة، ابتداء بتجربة الحضارة العربية الإسلامية في فترة الدولة العباسية وحركة الترجمة فيها، والنهضة الأوروبية الحديثة الناجمة عن التواصل الأوروبي مع العالم الإسلامي، وحركة الاستشراق وجهود المستشرقين في الترجمة التي حققت اللقاء الحضاري بين الشرق والغرب، وصولاً إلى ميلاد النهضة العربية الحديثة، والتي كان للترجمة فيها دور مهم في إحياء الأدب العربي من جديد، وتطور الاتجاهات الفكرية والأدبية والنقدية والثقافية.
وأوضح الكاتب والمترجم المصري شوقي جلال، أن أساس نهضة الآداب والعلوم والتكنولوجيا والمعارف كافة هو الانفتاح الحر السمح بين العقول في العالم اعتماداً على منهج التفكير العلمي الذي يعتمد العقل الفاعل والحر سيادة له ومرجعية؛ لذلك من الأهمية بمكان تفعيل الأنشطة المعرفية في المجتمعات العربية، ومن بينها الترجمة ودراسات الأدب المقارن، من أجل تحقيق المشاركة الإبداعية في نطاق الثقافة العالمية غير المحدود.
وبينت د.وفاء الخضراء أستاذة الأدب الانجليزي في كلية اللغات والاتصال في الجامعة الأميركية بمادبا، أن مشروع المؤسسة العربية للترجمة والأدب المقارن يجب أن يأخذ بعين الاعتبار العودة إلى الإرث والزخم الفكري والثقافي للحضارة الإسلامية والعربية؛ إذ إن العديد من المعارف مثل فيزياء الكم والتصوف لها جذور عميقة في العديد من المحطات الذهبية التاريخية للحضارة الإسلامية والعربية، ولا يمكن لهذه الجذور أن تظهر إلا عن طريق حراك في ترجمة هذا الفكر ونشره.
وأكدت رغد الحديدي من قسم الترجمة في الجامعة الألمانية الأردنية، أن مشروع المؤسسة العربية للترجمة والأدب المقارن خطوة مهمة في تشجيع الكُتاب والمؤلفين العرب، ودعم انتشار أعمالهم خارج حدود الوطن العربي بعد ترجمتها، وبناء جسور التواصل بينهم وبين المجتمعات الأخرى.
الغد
التعليقات مغلقة.