أكاديميون يدعون لدراسة وتوثيق تاريخ الحركة الأدبية الأردنية
– دعا أكاديميون إلى دراسة تاريخ الحركة الأدبية والثقافية للأردن ودورها المهم في الحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية الأردنية، لافتين إلى أهمية البدء بدراسات تتناول تطور الحياة الأدبية والفكرية الأردنية لتكون مرجعاً ثقافياً للطلبة والباحثين، من خلال ما نشر في المجلات والكتب عن الكتاب ومسيرتهم الثقافية والأدبية والفكرية.
جاء ذلك في الحوارية التي نظمها منتدى الفكر العربي، أول من أمس، عبر تقنية الاتصال المرئي، وتحدث فيها أستاذ اللغة العربية وآدابها في جامعة آل البيت د. محمد الدروبي حول “بواكير الأصوات الثقافية والفكرية والأدبية في المجلات العربية (1921-1946)”، شارك بالمداخلات، كل من: أستاذة اللغة العربية في الجامعة الهاشمية د. خلود العموش، وأستاذ التاريخ في جامعة آل البيت د. عليان الجالودي، وأستاذ الأدب والنقد وعميد كلية الآداب والفنون في جامعة فيلادلفيا د. محمد عبيد الله، ونائب الأمين العام للشؤون الثقافية في منتدى الفكر العربي كايد هاشم، وأستاذة الأدب العربي في جامعة الشرق الأوسط د. جمانة السالم، وأداره الأمين عام المنتدى د. محمد أبو حمور.
رأى د. محمد الدروبي أن نشاط الحركة الكتابية الأردنية في المجلات العربية التي تصدر خارج الأردن تزامن مع قدوم الملك المؤسس عبدالله الأول، بعد أن تم تأسيس إمارة شرقي الأردن في العام 1921، واستقرار الأوضاع السياسية والإدارية في البلاد، وكان عدد من الكتاب الأوائل من رجال الملك المؤسس، ما يدل على دوره الرئيسي في تحفيز هؤلاء الكتاب وتشجيعهم على الكتابة والإبداع، وارتياد مسارات جديدة من مسارات النشر آنذاك.
وأشار د. الدروبي إلى أن أسباب ضعف النشر في الأردن وتأخر انطلاق الحركة الثقافية والأدبية والفكرية إبان تأسيس الإمارة تعود إلى ضعف حركة التعليم في أواخر عهد الدولة العثمانية قياساً بالبلدان المجاورة، فرغم أهمية المنطقة إلا أن التعليم آنذاك لم يجد ما يعزز دوره في نشر الثقافة والوعي بين صفوف السكان، إضافة إلى قلة التواصل بين المثقفين العرب، ما جعل المشهد الثقافي العربي شبه غائب عن كثير من أهل الأردن، والعدد المحدود للمجلات التي كانت تصدر قبل مائة عام وتصل أحياناً إلى الأردن.
وقال د.الدروبي “إن عدد الكتاب والأدباء الأردنيين الأوائل الذين شاركوا في حراك النشر في المجلات العربية آنذاك يبلغ أكثر من أربعين كاتباً قدموا معارفهم في اثنتين وعشرين مجلة، أهمها مجلة “الرسالة” المصرية التي شكلت حاضنة للكتابات الأردنية خلال العقدين الثالث والرابع من القرن الماضي، مشيرا إلى أنه بالنظر إلى معيار النشر ووفرته، فإن مستويات النشر لدى الكتاب الأردنيين قد اختلفت خلال تلك الفترة التي تغطيها الدراسة”.
د. خلود العموش، قالت “إن توثيق تاريخ الدولة الأردنية والصورة الثقافية والأدبية المنتجة خلال مرحلة تأسيس الدولة الأردنية ينبثق عن أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية وإظهارها”، مشيرة إلى أن عملية التوثيق ليست بالأمر السهل وإنما تحتاج إلى رصد وتحليل وتتبع للمعلومات الواردة عن المنجز الثقافي والأدبي في النثر، والبحث في الوثائق والسجلات والمجلات المؤرشفة التي تعود إلى الأعوام (1921-1946).
ومن جهته، أشار د. عليان الجالودي إلى أن الإمارة في بداية العشرينيات والثلاثينيات استقطبت عدداً كبيراً من المثقفين والأدباء العرب الذين أسهموا بنشاط في تأسيس الحركة الفكرية في الأردن، ومن هنا ينبغي توثيق مساهماتهم في نشأة هذه الحركة، داعيا للعمل على توسيع الدراسات المتعلقة بالحياة الفكرية في الأردن وفلسطين، ذلك أن الكثير من الدراسات اقتصرت على ذكر أسماء الأدباء والمثقفين من دون أن تتطرق إلى ما أنتجه أصحاب هذه الأسماء في المجلات إلا في محاولات قليلة.
بينما رأى د. محمد عبيد الله، أن الأردن عانى قلة عدد المدارس وضعف اللغة العربية خلال العهد العثماني، وأن تأسيس النظام السياسي الأردني على يد أديب وشاعر ومثقف كالملك المؤسس عبدالله بن الحسين شكل بؤرة ثقافية ممتازة جعلت من الثقافة والتعليم عنصرين مميزين في نشأة الأردن الحديث، لافتا الى قلة ظهور الأصوات النسوية؛ حيث يرجع ذلك إلى الأوضاع الاجتماعية والتعليمية للمرأة الأردنية، وأن بدايات النشر النسوي لم تكن سهلة، إذ بدأت تحت أسماء مستعارة.
فيما أشار الباحث كايد هاشم الى دور العلم والمعارف في توسيع آفاق الرؤية تجاه قضايا العصر والقضايا العروبية، وساعد ذلك على تطور النقد محلياً، والاتصال بالآداب الأجنبية وحركات التجديد في الأدب العربي، داعيا إلى فهرسة المجلات الثقافية الأردنية المبكرة والمتأخرة، إضافة إلى الصحف الأردنية والعربية، وإتاحة هذا الأرشيف للباحثين والطلاب على الانترنت، ودراسة دورها لمعرفة نوعية مصادر الثقافة ووسائل الاتصال الثقافي التي كانت موجودة.
بينما تحدثت د. جمانة السالم عن أهمية العمل على توثيق تاريخ الأدب والثقافة في الأردن من جميع جوانبه للوصول إلى دراسة غنية، من خلال الاستعانة بالمجلات والصحف التي كتب فيها أوائل الأدباء والمثقفين الأردنيين، ومضامين الكتب المنشورة، واللجوء إلى أقربائهم وأبنائهم لاستجلاء المعلومات كاملة عنهم، ما يعد سبيلاً إلى تقديم دراسة اجتماعية تاريخية ثقافية تبين حال الأدب في نشأته وتطوراته، والمجلات التي كتب فيها الرواد الأوائل.
وكان قد استهل الحوارية د. محمد أبو حمور؛ حيث أشار الى “أن الإنتاج الأدبي في الأردن كان قبل تأسيس الإمارة مقتصراً على الشعر البدوي، وعندم قدوم الملك المؤسس عبدالله الأول أولى الثقافة بعمومها اهتماماً بالغاً، وكانت توجهاته منصبة على نشر الثقافة والأدب في المجتمع، فمع وصوله إلى عمّان أسس صحيفة “الحق يعلو” التي تعد امتداداً لجريدة الثورة العربية الكبرى “القبلة”، وهو ما جاء منسجمًا مع مشروع تأسيس الدولة”.
عزيزة علي/ الغد
التعليقات مغلقة.