أمطار الخير تفجر عيونا وينابيع “جرشية” بمشهد جمالي يجذب الزائرين
جرش– فجرت المنخفضات الجوية الأخيرة والتساقط الغزير للأمطار، ما يزيد على 64 عينا وينبوعا للمياه في مختلف قرى وبلدات محافظة جرش، فضلا عن امتلاء البرك المائية وآبار تجميع المياه، في موسم مطري وزراعي مبشر للجرشيين.
وتستقطب عيون وينابيع المياه الجديدة الزوار من مختلف محافظات المملكة للاستمتاع بجمال هذه العيون والينابيع التي تتوزع في مواقع قريبة وذات مناظر جمالية لا تتكرر سنويا إلا في هذا الوقت، أبرزها شلالات نبع المغاسل في مدينة سوف، حيث تدفقت المياه رقراقة من المقاطع الصخرية التي يزيد ارتفاع البعض منها على أربعين مترا في مشهد خلاب.
ويعتبر موقع مياه المغاسل الشهير من المواقع السياحية التي يؤمها الزوار من مختلف مناطق المحافظة والمملكة، وكان في الأيام الماضية محجا للزوار وأبناء القرى المجاورة للتنزه والتمتع بمنظر الشلالات.
وأكد الحاج موسى الريموني، أن مدينة جرش الأثرية والسياحية تجتمع فيها عدة عوامل تجلب الزوار في مختلف المواسم حتى في درجات الحرارة المنخفضة.
وبين أن محافظة جرش تعد مقصدا سياحيا شتويا، خاصة بعد تساقط الأمطار وتوفر ينابيع المياه، والتي منها ما يتفجر خلال فصل الشتاء وتجف في فصل الصيف وهي لا تقل عن 65 عينا، ومنها العيون دائمة الجريان، ويستفيد منها المزارعون، وتعد بحد ذاتها مقصدا سياحيا حيويا، فيما محيطها بيئة ملائمة لنمو العشب والحشائش.
وقال بأن السكان في سوف وساكب وبرما والجزازة يسمعون دوي انفجارات عديدة، عندما تخرج المياه من سفوح الجبال، بعد تساقط غزير للأمطار ويصاحبها تصاعد للأبخرة منها لارتفاع حرارتها، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة تتكرر سنويا في مثل هذا الوقت من كل عام.
وقال المزارع خالد العياصرة، إن منطقة ساكب فيها ما يقارب 10 عيون مياه قديمة، منها الدائمة على مدار العام مثل عين أم جوزة وعين أم جلود، ومنها التي تنساب منها المياه فقط في فصل الشتاء وهي: عين عيصرة وعين المرج وعين الحزار وعين ساكب وعين حيمر.
وتمنى العياصرة، أن تتساقط أمطار الخير وتنساب العيون التي تروي الأشجار والمزروعات، وتعتمد عليها مئات الدونمات في السقاية، وتبشر المزارعين بموسم زراعي جيد.
وأكد الحاج مجدي الحوامدة من سكان بلدة سوف، والتي يزيد عدد سكانها على 30 ألف نسمة، أن عيون مياه جديدة تفجرت خلال الأيام الماضية، والتي تنبع من الجبال المرتفعة في سوف، فضلا عن العيون القديمة والتي ارتفع منسوب مياهها بشكل واضح، ومن أهمها عين البرج والتي تنساب منها المياه على مدار العام ويرتادها السكان والرعاة يوميا.
وأوضح، أنه عند تساقط الأمطار يتفقدون عيون المياه بشكل يومي، حرصا على استبشارهم بالموسم الزراعي، فضلا عن أن هذه العيون تعد مصادر تغذية رئيسية لمياه الشرب في عدة مناطق في جرش، ومن أهمها عين التيس في منطقة الكتة، مشيرا الى ان زيادة منسوب هذه العيون يبشر كذلك بصيف قادم بدون نقص في مياه الشرب وانقطاعات تستمر عدة أشهر عن العديد من القرى الجرشية.
وبين الحوامدة، أن العيون والينابيع تشهد حركة سياحية نشطة في نهاية كل أسبوع، لغزارة مياهها والترويج السياحي لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن تبني وزارة الزراعة مشروع تبطين وصيانة قنوات الري، التي تمر ما بين العيون والينابيع.
وفي منطقة برما والجزازة، أكد أحمد البرماوي أن عين برما القديمة من أشهر عيون المياه في قضاء برما، ويعتمد عليها عشرات المزارعين في ري مزروعاتهم، مشيرا إلى أن الأمطار الأخيرة ساهمت في زيادة تدفقها حتى أغرقت الشوارع والمناطق الزراعية المجاورة لها.
وأشار إلى أن أمطار الخير التي هطلت سيكون لها آثار إيجابية وكبيرة على المزروعات بشتى أنواعها، سواء كانت شتوية أو صيفية، فضلا عن أثرها على الأشجار والغابات والمراعي، ما يعزز آمال المزارعين ومربي الثروة الحيوانية بموسم زراعي جيد.
وقال أحد أبناء بلدة سوف أكرم بني مصطفى، إن “هطول الأمطار المتواصل في مناطق المحافظة وتشكل السيول أدى إلى إعادة إحياء العديد من الينابيع التي تفجرت جراء تجدد مخزونها من المياه بسبب الموجة الماطرة”، مشيرا إلى أن مدينته (سوف) تشتهر بكثرة ينابيعها الأمر الذي يستدعي من الجهات المعنية إيجاد أقنية لها وحمايتها من الاستنزاف والثلوث.
ويسهب بني مصطفى في الحديث عن العيون التي كانت تشتهر بها مدينته، قائلا: “ان لهذه الينابيع ذكريات لا تنسى في الموروث الشعبي السوفي حيث كانت تتدفق هذه الينابيع على مدار العام ولها ارتباط وثيق بقصص الحب والشعر وليالي السمر في ليالي الربيع المقمرة، فضلا عن انها كانت المصدر الذي يتزودون منه باحتياجاتهم من مياه الشرب والغسيل وسقاية مزروعاتهم خلال فصل الصيف”. ودعا سكان المنطقة الجهات المعنية من سلطة المياه والبلدية الى استثمار هذا الموقع سياحيا من خلال إقامة مشروع للحصاد المائي وخزان للمياه وتركيب أجهزة رفع للمياه إلى أعلى الشلال بحيث يصبح متنفسا لأبناء المحافظة، لا سيما وأن المنطقة غنية بالأشجار والمزروعات وأزهار الربيع.
يذكر أن عين المغاسل وعين سوف وعين أم ظاهر كانت ملتقى لكل القرويين، وتعتبر من أكثر أنواع المياه نقاوة، وبفضلها كانت المنطقة سلة غذاء المحافظة ومصدرا مهما للخضار والفواكه للأسواق المركزية في مدن المملكة.
وعانى سكان سوف في السنوات السابقة من نقص في المصادر المائية، نتيجة جفاف بعض هذه الينابيع وتلوث بعضها الآخر بسبب انتشار الحفر الامتصاصية، ونتيجة لذلك تراجعت الزراعة نتيجة قلة المياه التي تستخدم لري المزروعات، وتحول المزارعون في المنطقة إلى زراعة الزيتون والمشمش والحمضيات.
التعليقات مغلقة.