إزالة منحوتة للفنان غسان مفاضلة في عجلون تثير الأسئلة حول مصير الأعمال الفنية في المساحات العامة

تثير إزالة منحوتة للفنان غسان مفاضلة منتصبة في مساحة عامة بعجلون منذ العام 2013 مرة أخرى قضية الأعمال الفنية التي تقتنيها الجهات الثقافية المختصة من الفنانين الأردنيين بهدف تزيين الفضاءات العامة من ساحات وحدائق وجزر وسطية ثم تُجتث وتُلقى في المستودعات لتختفي في غياهب النسيان.
يقول النحات غسان مفاضلة عن الواقعة: بعد أن علمت بتعرض أجزاء من عملي النحتي «تحليق» للسرقة والتخريب، ذهبت لمعاينة حجم الضرر الذي لحق به في موقعه على مدخل مدينة عجلون، بهدف إصلاحة واقتراح نقله إلى مكان آخر أكثر أمناً، تفاجأت باجتثاث العمل كاملاً من مكانه الذي انتصب فيه قبل 12 عاماً بمناسبة اختيار عجلون مدينة للثقافة الأردنية لعام 2013.
ويتابع مفاضلة حول عمله النحتي: العمل النحتي الذي تمّ انجازه بالتعاون مع وزارة الثقافة، وبتمويل من ميزانية مشروع المدن الثقافية، مكوّن من قضبان وصفائح معدنية بارتفاع 6 أمتار. وينتمي العمل ببنيته وتكوينه الإنشائي إلى الأعمال الميدانية التفاعلية. بنيته التكوينية والإنشائية تتيح له أن يتحرك حركة اهتزازية «صعوداً ونزولاً» بفعل الحركة الطبيعية للريح التي تصطدم بالدائرة العلوية المجتزأة من منتصف العمل. وبالأمكان أيضا تسلق العمل والوقوف أو الجلوس على جناحه العلوي وتجربة الشعور بالتحليق وفق حركة الاهتزاز المفتوحة على أفق وقمم جبال عجلون.
تنطلق الرؤية الفنيّة للعمل من الإيقاع البصري لجبال عجلون، ومن التشكيلات الحركية التي تتيحها العلاقة بين قمم الجبال والسفوح والوديان.ويستمدالعمل تكوينهالإنشائي والتعبيري من الحركة الانسيابية للانحناءات والامتدادات التي تتقاطع مع حركة جبال عجلون، ومع فرادة تشكّلاتها الطبوغرافية.
استساغة العمل!
ويضيف حول ظروف انجاز المنحوتة ونصبها في مساحة عامة بعجلون: وبعيداً عن الميزانية المتواضعة التي أُقرت للعمل، والتي اضطررت إلى تكملة تكاليفه التأسيسية والتصنيعية على حسابي الشخصي، وبعد أن تمت الموافقة عليه من قبل اللجان المختصة في وزارة الثقافة، وبعد أن تمّ إقرار موقع تنصيب العمل بالتنسيق مع بلدية عجلون ودائرة الثقافة في المحافظة نفسها، اكتشفت دائرة الثقافة ما غيرها، وبعد مرور أكثر من عقد على العمل الرابض على مدخل المدينة؛ أن «الرأي العام» في محافظة عجلون لم يستسغ دلالات ومرامي العمل الجمالية والتعبيرية!.. إضافة إلى أن موقع العمل نفسه آيلٌ لمشروعٍ آخر!.
وعّبرمفاضلة عن بالغ أسفه واستيائه لما يحصل في المشهد الفني والثقافي الأردني، وعدم احترام الأعمال الإبداعية، حيث قال:
أحياناً، لا أصدق أنّ ما نعيشه واقعاً حقيقاً!.. إنه أقرب ما يكون إلى الحلم. الحلم الذي ينجيك من بؤس الوقع وعبثيته. هل تتذكّر صندوق الملك عبدالله الثاني للثقافة الذي رُصد له قبل 15 عاما نحو 10 مليون دينار، أو 100 مليون، لا فرق، بما أنه صار أثراً بعد عين، وما دامت النتيجة هي «الدرجة الصفر» في القول والفعل، وفي الثقافة والحياة والبؤس على حدٍ سواء.
الأردن شيّد قبل نحو 10 آلاف عام أول تماثيل مصنّعة في التاريخ البشري، والتي ما تزال تماثيل عين غزال شاهدة عليها منذ العصر الحجري الحديث. ناهيك عما شهده المكان الأردني من حضارات وأمم ومماللك تعاقبت علي جغرافيته،لتجعل منه متحفاً مفتوحاً وزاخراً بالأوابد والشواهد الحضارية والتاريخية والفنيّة التي سطّرت أولى ابجديات التحدي والاستجابة في مدونات علاقة الإنسان مع المكان على مرّ العصور.
الجهات الرسمية
«الدستور» توجهت لمدير منطقة عجلون حمزة الصمادي، والذي أكد لـ»الدستور» أن المنحوتة محفوظة حالياً في مستودعات بلدية عجلون، وأن إزالة المنحوتة تم بحكم الضرورة، حيث سيتم إنشاء «سوق ريف عجلون» في المكان، وهومشروع تنموي تكلفته عالية ورصد له موازنة كبيرة كما قال، كما أنه يخدم المجتمع المحلي لا سيما المزارعين. مدير ثقافة عجلون سامر فريحات قال إن اختيار مكان المنحوتة لم تقرره مديرية الثقافة، وانما بلدية عجلون بالتنسيق مع الفنان، كون البلدية كانت شريكة باحتفالية عجلون مدينة الثقافة الأردنية عام 2013، وأظن أن مكان المنحوتة لم يكن مناسباً، وهذا مسؤولية الفنان والجهات التي نسق معها.
خالد سامح/ الدستور