إصدار كتاب “على ضفتي نهر النقد” للشاعر سلطان الزغول
يقدم المؤلف في هذا الكتاب رؤيته للنظرية النقدية من خلال طرفيها: الأول الذي يمثل انغلاق النص على محيطه، والآخر المنفتح على السياقات والجذور. ويظهر بوضوح انحيازه للضفة المنفتحة التي تمثل رؤية ما بعد البنيوية.
ويقول الزغول في مقدمة كتابه: “إنه يتضمن أربع دراسات تتناول مفاصل أساسية في النظرية النقدية الحديثة. ففي بداية الكتاب، يعرض البنيوية التي ترى النص بنية منغلقة، ثم يتطرق إلى مصطلح “الشعرية”، الذي تتفرع عن المدرسة البنيوية. بعد ذلك، ينتقل إلى أطروحة نقدية معارضة تماما، وهي الأطروحة المقصدية التي تقف على الضفة الأخرى، وتنظر إلى النص بوصفه نتاجا قصديا للمؤلف”. وفي النهاية، يختتم الكتاب بالحديث عن التناص بوصفه حقلا معرفيا مستمرا، حيث لا ينفصل أي نص عن تاريخه وإرثه وذاكرته المعرفية.
في الدراسة الأولى، التي جاءت بعنوان “جذور البنيوية ومآلاتها”، يشير الزغول إلى إرث المنهج البنيوي ومرجعياته الفلسفية، والنقد الذي وجه إليه، مبرزا مآلاته التي انتهى إليها. كما يلفت الزغول إلى فرار كثير من أعمدته البنيوية نحو ما بعد البنيوية، ويعرض لتطبيقات هذا المنهج في النقد العربي الحديث.
أما في الدراسة الثانية، فقد ركز المؤلف على “الشعرية” بوصفها مصطلحا يمتلك جذورا عميقة في النقد العربي القديم، كما يعتبر حقلا خصبا في الحداثة الغربية. وقد استعرض التراث العربي، مع عرض تجليات هذا المصطلح في النقد الحديث، سواء في الغرب أو في العالم العربي.
وفي الدراسة الثالثة يتناول النظرية المقصدية التي تركز على دور صاحب الخطاب ومقاصده. ويؤكد الكتاب أطروحة المقاصد والتأويل، حيث لا يغفل دور المتلقي والسياق الاجتماعي والثقافي والسياسي في تشكيل النص. يشير الزغول إلى أن صاحب الخطاب يحدد مقاصده التي تندمج مع قيود عصره والسياق الذي يعيش فيه، إضافة إلى العناصر التي تتسرب إلى النص من دون إرادته.
ويضيف الزغول، أنه في الدراسة الأخيرة التي تناولت الذاكرة، بوصفها ذاكرة الكاتب تعد المحرك الأساسي للإبداع من خلال التناص، وهو أحد أبرز تجليات النقد ما بعد البنيوي، الذي يرى أن النص حقل خصب يشتبك فيه بمرجعياته المعرفية.
ويشير المؤلف إلى أن توظيف التناص في الدراسات النقدية ما بعد البنيوية يعد الرد الأكثر شيوعا على المنهج البنيوي الذي كان ينظر إلى النص بوصفه بنية مكتفية بذاتها. فهذه الدراسات تعتبر النص عبارة عن كتلة من النصوص السابقة، لتفند مقولة انغلاق النص واستقلاله.
كتاب “على ضفتي نهر النقد” للشاعر سلطان الزغول، يأتي ضمن الكتب التي تطلقها وزارة الثقافة الأردنية تحت عنوان “مدن الثقافة الأردنية” عبر خمس سلاسل للنشر، متطورة وعصرية، من أجل أن تسد النقص في المكتبتين المحلية والعربية، حيث تقدم منشورات مهمة في حقول معرفية مختلفة، فجاءت سلسلة “فكر ومعرفة”، التي تسعى إلى خلق الوعي والإدراك وتنمية التفكير وفهم الحقائق وسياقات التاريخ والحياة، وتفسير النتائج والتجربة الإنسانية، وخلق التأمل الفلسفي ضمن آليات المنطق والتحليل العلمي.
أما سلسلة الفلسفة للشباب، فتهدف الى تشجيع الأجيال الجديدة على الإفادة من مناهج الفلسفة في فهم العالم المعاصر، وتوعية الرأي العام بأهمية الفلسفة واستخدامها تقود المعالجة طروحات العولمة وعصر الحداثة، فيما تعنى سلسلة الكتاب الأول بنشر الكتاب الأول للمؤلفين كباكورة لأعمالهم المستقبلية، مع مراعاة الإبداعية والشروط الكتابية الناضجة، أما سلسلة “سرد وشعر”، فتعنى بالكتابات الشعرية والسردية المهمة المغايرة والمختلفة في الطرح والشكل، ذات الجودة والمكانة في تحقيق إضافة نوعية للمكتبتين المحلية والعربية، أما سلسلة “شغف”، فتختص بالمخطوطات الموجهة للطفل شعرا ونثرا، تراعي حاجات الطفل الفكرية والنفسية والوجدانية، وتحقق شروطها الفنية والجمالية والإبداعية.
ويذكر أن الدكتور سلطان الزغول، شاعر وناقد أردني وعضو رابطة الكتاب الأردنيين واتحاد الكتاب والأدباء العرب واتحاد كتاب آسيا وأفريقيا، ورئيس فرع رابطة الكتاب الأردنيين في عجلون في دورتها الأولى، حصل على المركز الثاني في حقل الشعر في مسابقة “الإبداع الشبابي” التي نظمتها اللجنة الوطنية العليا لإعلان عمان عاصمة للثقافة العربية 2002.
صدر له عن البطركة الثقافية، دراسة في سلطة الأب وتمثيلاتها 2017، “البنية الفكرية في القصيدة العربية” 2017، “خطاب التخييل الذاتي في الرواية.. مدونة غالب هلسه الروائية نموذجا” 2022، وفي مجال الشعر صدر له “في تشييع صديقي.. الموت”، شعر 2004، “ارتعاشات على جسد الخريف” شعر، 2007، “فضاء التشكيل وشعرية الرؤى، قراءات في قصة إلياس فركوح القصيرة”، 2010، “تمثيلات الأب في الشعر العربي الحديث”، دراسة نقدية، 2012، “سحابة صهباء فاقع لونها”، قراءات في الشعر العربي، 2013، “القصيدة العربية الحديثة وتعدد المرجعيات”، دراسة نقدية 2015.