إضراب شامل في الضفة.. وعشرات الإصابات في مواجهات مع الاحتلال
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات البحث المُكثفة عن الأسيرين الفلسطينيين اللذين حررا أنفسهما من سجن “جلبوع”، بعد اعتقال الأسرى الأربعة الآخرين نهاية الأسبوع الماضي، وسط إضراب تجاري شامل عم مدينة جنين، وأنحاء مختلفة من الأراضي المحتلة.
وتتركز عمليات البحث عن الأسيرين الطليقين؛ مناضل انفيعات وأيهم كممجي، في مدينتي جنين، مسقط رأس منفذي عملية “نفق الحرية”، ويوكنعام الواقعة في فلسطين المحتلة العام 1948، والمناطق القريبة منهما.
وطبقاً للتقديرات الأمنية الإسرائيلية؛ فإن الأسيرين لا يتواجدان معاً وإنما افترقا، حيث نجح أحدهما في الدخول إلى الضفة الغربية، بينما ما يزال الآخر في فلسطين المحتلة العام 1948.
ووسعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من مساحة المطاردة تجاه أرجاء الضفة الغربية، وسط قلقها من قيام الأسيرين بتنفيذ هجوم ضد قوات الاحتلال، طبقاً لمزاعم ما نقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية.
تزامن ذلك مع نقل سلطات الاحتلال للأسير المُعاد اعتقاله، زكريا الزبيدي، إلى مشفى “رامبام” الإسرائيلي في حيفا، شمال فلسطين المحتلة، بعد تعرضه للاعتداء خلال اعتقاله وتدهور حالته الصحية، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية.
وقال الناطق باسم الهيئة، حسن عبد ربه، في تصريح أمس، “إن الاحتلال نقل الأسير الزبيدي للمشفى بعد الاعتداء عليه، حيث بدا في الصور المنشورة له بعد اعتقاله بأنه تعرض للضرب الشديد في الجهة اليسرى من وجهه”.
ولفت إلى أن الاحتلال يمنع إصدار أي معلومات حول الأسرى الأربعة الذين أعيد اعتقالهم بعد انتزاعهم الحرية من سجن “جلبوع” قبل أيام.
وأوضح أن جهاز المخابرات الإسرائيلي “الشاباك”، هو من يعطي المعلومات حصراً بشأن الأسرى الأربعة، للإعلام الإسرائيلي، في حين مُنع محامو الهيئة من زيارة الأسرى الأربعة والاطلاع على أوضاعهم.
ورفضت السلطات الإسرائيلية السماح للمحامين بلقاء الأسرى الأربعة من سجن “جلبوع”، حيث مددت محكمة الصلح في مدينة الناصرة الفلسطينية، اعتقالهم بتسعة أيام لغاية 19 أيلول (سبتمبر) الحالي، وذلك بعد إعادة اعتقالهم من قبل قوات الأمن الإسرائيلية.
وطبقاً للمواقع الإسرائيلية؛ فإن شرطة الاحتلال تعد لائحة اتهام بحق الأسرى المُعاد اعتقالهم بالتخطيط لعملية “تخريبية” حكمها يصل لـ15 سنة سجناً، وتهمة مساعدة آخرين بالهرب من السجن تصل عقوبتها لـ20 سنة.
وأفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بأن “قرار الشرطة الإسرائيلية مبني على أن يكون الأسرى قد خططوا لتنفيذ العملية بعد الهروب”، وذلك بعدما تم أسرهم مجدداً في زنازين توقيف منفصلة.
جاء ذلك على وقع تصريحات لرئيس الحكومة الإسرائيلية، “نفتالي بينيت”، وصف فيها واقعة هروب 6 أسرى من سجن “جلبوع”، شديد الحراسة، بـ”الفشل والإخفاق”، منتقداً بشدة “مصلحة السجون”، ومعتبراً أن “أنظمة الدولة تتدهور وتحتاج للإصلاح”، وفق قوله.
فيما أكد وزير الجيش الإسرائيلي، “بيني غانتس”، حرص حكومته على تحسين وتعزيز الوضع الاقتصادي للفلسطينيين واستمرار التنسيق مع السلطة الفلسطينية.
وفي الأثناء؛ عم الإضراب الشامل، أمس، محافظة جنين، وأنحاء مختلفة من الضفة الغربية، لدعم ونصرة الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وأغلقت المحال والمصالح التجارية أبوابها، فيما شُلت حركة المرور نسبياً، وبدت الشوارع شبه خالية، وذلك بدعوة من القوى الوطنية والإسلامية لتنفيذ إضراب شامل، وتكثيف كل أشكال المقاومة والتصدي بالتظاهر في كافة المواقع، والمواجهة الشاملة على نقاط التماس مع الاحتلال.
وأكدت القوى أن الإضراب يأتي إيماناً بعدالة قضية الأسرى واستكمالاً للفعاليات المستمرة دعماً لنضالاتهم، ووقوفاً إلى جانب أهالي الأسرى في سجون الاحتلال الذين تحملوا كل أشكال التنكيل والابتزاز.
وقال منسق فصائل العمل الوطني في جنين، راغب أبو دياك، إن الإضراب يرسل رسالة مفادها أن الشعب الفلسطيني لن يترك أسراه وحدهم في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرضون لها من قبل إدارة سجون الاحتلال.
فيما أصيب، أمس، عشرات من الفلسطينين وطلبة المدارس، بحالات اختناق خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، اندلعت في بلدة سعير ومخيم العروب شمال مدينة الخليل.
وأفادت الأنباء الفلسطينية بأن العشرات من طلبة المدارس أصيبوا بحالات اختناق، خلال قمع قوات الاحتلال لمسيرة طلابية تضامنية مع الأسرى، حيث أطلقت خلالها قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاههم، مما أدى لإصابة العشرات منهم بحالات اختناق، تم علاجهم ميدانيا.ً
كما أصيبت عشرات الطالبات والمعلمات داخل مدرستهم بالاختناق جراء استنشاقهم للغاز المسيل للدموع، كما اصيب عدد كبير من أهالي المخيم بحالات اختناق.
واندلعت المواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، بعد اعتلاء جنود الاحتلال لأسطح عدة منازل في المخيم، وإطلاق وابل من قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية داخل المخيم.
وفي حين طالبت فصائل وشخصيات فلسطينية، بإعادة صياغة البرنامج الوطني الفلسطيني وفق استراتيجية وطنية، ترتكز على خيار المقاومة واستمرار الانتفاضة، وذلك في الذكرى الـ16 لاندحار الاحتلال الإسرائيلي عن القطاع، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن “قضية الأسرى عبرت وبشكل حقيقي عن وحدة الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقوقه، تماماً كما وحدته قضية القدس ومقدساتها.”
وأضاف أبو ردينة، أن “الشعب الفلسطيني يقف دائماً صفاً واحداً في الدفاع عن ثوابته ومقدساته، وهي رسالة للجميع أنه بدون الاعتراف بالحقوق الفلسطينية كافة، وعلى رأسها القدس والأسرى والشرعية الدولية والقانون الدولي، فستبقى المنطقة بأسرها تحترق، ولن يتحقق الأمن والاستقرار والازدهار لأحد.”
وأكد التمسك الفلسطيني بإقامة الدولة المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، معتبراً أن “أي محاولة للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والدينية لن تؤدي سوى إلى مزيد من التوتر والدمار.”
وأضاف أن الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية “لن يسمحوا بالتحايل على موضوع القدس أو أياً من الثوابت الوطنية، وأن صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته أسقطت “صفقة القرن”، ومشروع الدولة ذات الحدود المؤقتة، وكذلك ستسقط كل المحاولات المشبوهة لتصفية أقدس القضايا العربية “قضية القدس وفلسطين والمقدسات”.
وكانت قوات الأمن الإسرائيلية قد اعتقلت الأسيرين زكريا الزبيدي (45 عاماً) ومحمد قاسم عارضة (39 عاماً) في موقف للشاحنات في قرية أم الغنم بالقرب من جبل الطور، وذلك بعد ساعات من اعتقال الأسيرين محمود عبد الله عارضة (46 عاما) ويعقوب محمد قادري (49 عاما) في أطراف مدينة الناصرة، وذلك يومي الجمعة والسبت الماضيين.
نادية سعد الدين/الغد
التعليقات مغلقة.