إغلاق شبه تام في الخرطوم.. و12 قتيلا و300 جريح حصيلة الاحتجاجات
الخرطوم – شهدت مدن العاصمة السودانية الثلاث، أمس حالة من الإغلاق شبه التام للمؤسسات العامة والخاصة، بعد يوم من خروج مئات الآلاف في تظاهرات لمعارضة لإجراءات الجيش الأخيرة.
وكانت حالة الإغلاق شبه التام القاسم المشترك بين مدن الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري التي تشكل معا العاصمة السودانية، حيث أوصدت أبواب المؤسسات الحكومية والخاصة والأسواق.
ومنذ صباح أمس تعيش العديد من المدن السودانية الأخرى حالة من الشلل التام؛ في ظل إغلاق المؤسسات الحكومية والشركات والأسواق والمحال التجارية، وطال الإغلاق المدارس والجامعات.
وعادت حركة المرور في العاصمة السودانية إلى الانسياب بشكل شبه طبيعي بعد فتح 3 من أصل 5 من الجسور الرئيسية الخمسة التي تربط مدن الخرطوم.
وعلى صعيد آخر، دخلت قوات الأمن السودانية في حالة من الكر والفر مع شبان في مناطق سكنية، في محاولة لفتح الشوارع الداخلية وإزالة المتاريس التي نصبوها في تلك المناطق.
وخلال الأيام الماضية، نصبت ما تطلق على نفسها بـ”لجان المقاومة” العديد من المتاريس في الطرق الرئيسية والفرعية وحرقت الإطارات، احتجاجا على الإجراءات الأخيرة للجيش.
وأول من أمس شارك مئات الآلاف في تظاهرات تطالب بإعادة الحكومة التي يقودها المدنيون إلى الحكم، في تحرك حمل اسم “مليونية 30 أكتوبر”.
وبينما قالت لجنة أطباء السودان إن ثلاثة متظاهرين قتلوا برصاص الأمن في التظاهرات، نفت الشرطة السودانية إطلاق النار على المحتجين خلال المظاهرات، وقالت عبر التلفزيون الرسمي إن أحد أفرادها أصيب بطلق ناري.
وقبل أسبوع انقلب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان على شركائه المدنيين في المؤسسات السياسية خلال مرحلة انتقالية كان يفترض أن تتيح للسودان التحول الى الديموقراطية عام 2023 بعد سقوط حكم عمر البشير الذي استمر 30 عاما.
وأدت الخطوة إلى موجة إدانات الدولية ومطالبات بالعودة إلى الحكم المدني، وسط تحذيرات للسلطات العسكريّة من استخدام العنف ضدّ المتظاهرين.
مع ذلك، قتل 12 متظاهرا خلال الاحتجاجات المستمرة منذ نحو أسبوع فيما اصيب بجروح حوالي 300 شخص.
من جهتها، نفت الشرطة السودانية في بيان استخدام الرصاص الحي، وقالت “هنالك مجموعات من المتظاهرين خرجت عن السلمية وهاجمت الشرطة وبعض المواقع الهامة ما دعا الشرطة لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم وتؤكد الشرطة أنها لم تستخدم الرصاص”.
وبعد أن تراجعت حدة التظاهرات ليل أول من أمس في الخرطوم وأم درمان، عاد المتظاهرون صباح أمس إلى الشوارع واستخدموا الحجارة والإطارات لإغلاق الطرقات.
وكانت قوات الأمن أنتشرت بكثافة في شوارع الخرطوم صباح أول من أمس وأغلقت الجسور المقامة على النيل التي تربط مناطق الخرطوم ببعضها، وأقامت هذه القوات أيضا نقاط مراقبة في الشوارع الرئيسية، وفتشت بشكل عشوائي المارة والسيارات.
وعادت خطوط الهاتف التي كانت معطلة إلى حد كبير أول من أمس إلى العمل. لكن شبكة الإنترنت ما زالت مقطوعة.
وذكر شهود ومراسلو وكالة فرانس برس أن التظاهرات بدأت بعيد ظهر أول من أمس في ضاحية أم درمان بشمال غرب الخرطوم وامتدت سريعا الى جميع أحياء الخرطوم، كما انطلقت تظاهرات في مدينتي بورتسودان وكسلا في شرق السودان.
ومنذ الاثنين الماضي، تغير المشهد تماما في السودان بعد سنتين من حكم انتقالي هش. ففي العام 2019، اتفق العسكريون الذين تولوا السلطة بعد الإطاحة بعمر البشير إثر حركة احتجاجات شعبية عارمة غير مسبوقة، والمدنيون الذين قادوا تلك الاحتجاجات، على تقاسم السلطة لمرحلة انتقالية يتم في نهايتها تسليم الحكم الى حكومة مدنية منتخبة ديموقراطيا.
لكن البرهان أعلن الاثنين الماضي حل مؤسسات الحكم الانتقالي، مطيحا بشركائه المدنيين من السلطة، وأيضا بآمال التحوّل الديموقراطي.
وأوقفت قوات عسكرية القادة المدنيين فجر الاثنين الماضي واقتحمت مقرّ التلفزيون الرسمي الذي أعلن من خلاله البرهان بعد ساعات حلّ كلّ المؤسّسات السياسيّة للمرحلة الانتقاليّة في البلد الذي يعدّ من بين الأفقر في العالم.
وفور إطاحة البرهان بالمدنيّين، بدأ السودانيّون “عصيانا مدنيا” وأقاموا متاريس في الشوارع لشلّ الحركة في البلاد، ما دفع قوات الأمن إلى استخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع ضدهم.
ويقول خبراء إن الناشطين أكثر تنظيما الآن بفضل تجربة 2019. ويحظون بدعم المجتمع الدولي الذي فرض عقوبات على العسكريين.
والخميس الماضي طالب مجلس الأمن الدولي في بيان صدر بإجماع أعضائه، بـ”عودة حكومة انتقاليّة يديرها مدنيّون”، مبديا “قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة”.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس الماضي “رسالتنا معا إلى السلطات العسكرية في السودان واضحة، ينبغي السماح للشعب السوداني بالتظاهر سلميا، وإعادة السلطة إلى الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون”.
وجمّدت الولايات المتحدة كما البنك الدولي مساعداتهما للسودان الذي يعاني الفقر والغلاء.
كما قرّر الاتّحاد الإفريقي تعليق عضويّة الخرطوم، وطالب مجلس الأمن بالدفع باتّجاه العودة إلى مؤسّسات الحكم الانتقالي التي كان يُشارك فيها المدنيّون.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.