استئناف التصدير لسورية.. هل ينهي 13 عاما من أزمات القطاع الزراعي؟
مع تحميل أولى شحنات الخضار والفواكه إلى سورية أمس بعد توقف دام 13 عاما، أكد خبراء أن هذه الخطوة تعيد الأمل للصادرات الزراعية الأردنية لأسواق سورية وأوروبا الشرقية، مرجحين أن يسترد الاقتصاد الزراعي عافيته، لا سيما وأن المزارع الأردني بدأ باستيعاب تقنيات الزراعة الحديثة التي ستمكنه من إنتاج وفير بجودة عالية وأكثر تنافسية هذه المرة.
وبين هؤلاء الخبراء لـ”الغد” أن استئناف التصدير لا بد أن يتزامن مع توجيه الدعم من قبل الجهات ذات الاختصاص للوصول إلى مواصفات أسواق أوروبا ذات القيمة العالية والمستدامة، تحقيقا لنمو الاقتصاد الزراعي وزيادته لرفد الدخل القومي.
وفي هذا الصدد، بين وزير الزراعة الأسبق المهندس سعيد المصري، أنه كان للحرب الأهلية في سورية نتائج مدمرة على الاقتصاد الزراعي الأردني، موضحا أن سورية كانت سوقا رئيسة للمنتوجات الزراعية الطازجة الأردنية، وعلى رأسها البندورة، حيث بلغ حجم صادراتنا السنوية إليها في نهاية 2010 حوالي 7500 شاحنة مبردة، أي نحو 100 ألف طن.
وأضاف المصري أن سورية كانت أيضا معبرا للترانزيت للمنتوجات الزراعية الأردنية المصدرة إلى وسط أوروبا كدول البلقان، وكذلك إلى دول آسيا الوسطى وروسيا، حيث وصل معدل الصادرات لتلك الدول من 70 – 100 ألف طن من الخضراوات والفواكه، لكن التصدير توقف إلى تلك الأسواق في 2013 بشكل شبه تام، ما ألحق أفدح الخسائر بالمزارعين والمصدرين.
وتابع: “بقي الأردن محاصرا باقتصاده الزراعي بخيارات محدودة، وفي حالات أخرى مكلفة، كحلول بديلة، لكن بعودة الأمل مع استئناف الصادرات الزراعية الأردنية للأسواق السورية وأوروبا الشرقية والعراق، يمكن استعادة الاقتصاد الزراعي لعافيته، لاسيما وأن المزارع الأردني بدأ باستيعاب تقنيات الزراعة الحديثة التي ستمكنه من تحقيق إنتاج وفير وبجودة عالية بحيث يكون أكثر تنافسية هذه المرة”.
من جهته، رأى سفير الأمم المتحدة للأغذية سابقا والخبير الدولي في الأمن الغذائي فاضل الزعبي أن ما حدث يمثل بشرى سارة، لأنه يعني أن يستعيد المزارعون نشاطهم التصديري إلى سورية وأوروبا.
وأضاف الزعبي: “فقدنا الكثير من الأسواق بسبب الأزمة السورية من 2010 لغاية الآن، وهو ما كان له تأثير سيئ جدا حتى على طبيعة الإنتاج الزراعي الذي بدأ يتشكل ليوائم الأسواق المجاورة فقط، بينما كان سابقا يتوجه للأسواق الأوروبية ذات القيمة العالية.
وبين أننا بحاجة إلى زيادة هذه الجهود، وخاصة مع فتح هذا الممر الحيوي لزراعاتنا، مشيرا إلى أن مصر الشقيقه أعلنت أنها خلال الخمس سنوات الأخيرة استطاعت فتح 90 منفذا للتصدير إلى دول بأسواق عالية القيمة مثل اليابان والفلبين وغيرها، وهو ما يتيح أن تكون الصادرات ذات مورد إضافي.
وقال: “نأمل بعد فتح المعبر وإعادة التصدير أن يتزامن ذلك مع توجيه الدعم من قبل جهات ذات الاختصاص، لتوفير أسواق ذات قيمة عالية ومستدامة في أوروبا تحديدا حتى نحقق نموا في الاقتصاد الزراعي والإنتاج الزراعي، للمساهمة الفعالة في رفد الدخل القومي”.
من جهته، بين مدير اتحاد المزارعين محمود العوران، أن إعادة فتح المعبر الحدودي مع سورية ذو فوائد إيجابية تنعكس على القطاع الزراعي، سواء كانت سورية مقرا لحاصلاتنا أو ممرا باتجاه أسواق أوروبا وتركيا، لكون هذه المناطق لا تتمتع بالظروف الجوية السائدة لدينا في منطقة وادي الأردن، وهذه ميزة نسبية، ففي الوقت الذي تشهد فيه دول أوروبا هطولات ثلجية، نجد أن منطقة وادي الأردن تنتج المحاصيل البستانية، وهو أمر إيجابي ينعكس على باقي القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وزاد العوران: “من شأن ذلك أن ينعكس أيضاً على أسطول النقل وقطاع الخدمات وباقي سلاسل التوريد”، متمنيا على الجانبين الأردني والسوري تذليل أي معيقات أمام حركة الصادرات، ومنها تسريع الإجراءات بحيث تصل الـخضار للمستهلك طازجة، وكذلك لا بد من إعفاء جميع صادراتنا من أي رسوم أو ضرائب حكومية.
بدوره، قال الباحث والخبير في الشؤون الزراعية والتنموية د. حسان العسوفي، إن الصادرات الأردنية من الخضار والفواكه، تساهم في رفع قيمة الصادرات الزراعية بشكل عام وشكلت تقدماً ملحوظاً في السنوات الماضية وتحديداً 2024.
وأضاف إن إعادة سوق خضار العارضة للتصدير للشقيقة سورية تعد خطوة واعدة وبالاتجاه الصحيح، فالسوق السورية تعد نافذة اقتصادية للمنتج الأردني من الخضار والفواكه، وبأقل التكاليف، مما يعزز القيمة التنافسية للمنتجات الأردنية ويقلل من حدة الاختناقات التسويقية، هذا فضلاً عن كون المنتجات الأردنية تحظى بقبول واسع لدى الأشقاء السوريين وهي مرغوبة جداً.
وبين أنه المسؤولية الآن تقع على عاتق المزارع في تقديم منتج منافس وبنوعية جيدة، وهو ما يحدث من خلال الرياديين الأردنيين عبر تطبيق أفضل الممارسات الزراعية السليمة.
وكان وزير الزراعة خالد الحنيفات، أكد أنه سيكون لفتح باب التصدير إلى سورية أثر إيجابي في استعادة السوق السورية، خصوصا في موسم الشتاء، ولا سيما للزراعات الشتوية في وادي الأردن.
وأشار الحنيفات إلى أن الظروف الإقليمية أثرت على جميع القطاعات في الأردن، لكن القطاع الزراعي كان الأكثر تضررا لأن المنتج الزراعي سريع التلف، مؤكدا أن الانفراجة الحالية تشكل دافعا للقطاع الزراعي لاستعادة الأسواق الخارجية كافة.
وأوضح أن هناك توجيهات ملكية للتعاون مع الأشقاء في سورية، بتزويدهم بكل ما يمكن، سواء من الإنتاج الزراعي أو الصناعي، داعيا إلى ضرورة خدمة القطاع الزراعي السوري عبر توفير التكنولوجيا والبحث العلمي وما توصلت إليه الزراعة في الأردن، وتسخيره لخدمة الأشقاء السوريين من خلال تطوير القطاع الزراعي عبر تسيير انسياب السلع وتسهيل الاتفاقيات ما بين القطاع الخاص سواء في الأردن أو سورية وذلك بإنشاء شراكة حقيقية بين المزارعين الأردنيين والمزارعين السوريين.
من جانبه، أكد القائم بأعمال السفارة السورية في عمّان إحسان رمان على أهمية التعاون والتنسيق مع الأردن في ما يتعلق بالتصدير والاستيراد، مشيرا إلى أن الأردن قيادة وشعبا كان داعما للشعب السوري، ولدينا اهتمام كبير بالتعاون في كافة القطاعات لخدمة الشعبين الشقيقين.
وأكد رئيس جمعية الاتحاد لمصدري ومستوردي الخضار والفواكه سليمان الحياري، أهمية السوق السورية للمنتج المحلي، مبينا أنها وصلت قبل العام 2010 إلى أكثر من 300 ألف طن، والتي كانت تصل إلى السوق السورية وعبوراً للأسواق الأوروبية، وهذا يشكل ثلث الصادرات المحلية.
وكانت جمعية اتحاد المصدرين الأردنيين، أشرفت أمس على تحميل أولى شحنات الخضار والفواكه إلى سورية من سوق العارضة المركزي، بعد توقف دام 13 عاما.