الأردن والإمارات.. صفحة جديدة من العلاقات الاقتصادية

أكد خبراء اقتصاديون أن توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الأردن والإمارات من شأنها أن تساهم في تعزيز صلابة الاقتصاد الأردني ورفع قدراته التصديرية وزيادة حجم الاستثمارات المتدفقة للأردن، وتمكينه من تحقيق مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي، إضافة إلى دعم عملية التكامل الاقتصادي بين البلدين، بما يحقق رؤيتهم المشتركة تجاه التنمية والازدهار الاقتصادي المستدام.


وبحسب هؤلاء الخبراء، تشكل هذه الاتفاقية فرصة ثمينة أمام القطاع التجاري لزيادة حجم التبادل التجاري الحر والاستفادة من شروط قواعد المنشأ وسهولة تنقل السلع بين البلدين، إضافة إلى رفع القدرات التصديرية لقطاعي الصناعة والخدمات، فضلا عن مضاعفة حجم التدفق الاستثماري إلى الأردن لا سيما في ظل تضمن الاتفاق إنشاء مجلس استثماري هو الأول من نوعه بين الأردن ودولة أخرى.
وبقصد تعظيم العائد الاقتصادي والتنموي لهذه الاتفاقية، دعا الخبراء إلى ضرورة بلورة الاتفاقية على أرض الواقع وتعزيز استفادة الاقتصاد الأردني من مجلس الاستثمار المشترك وجذب استثمارات نوعية ذات صلة بالأولويات الوطنية في رؤية التحديث.
ويقدر حجم لاستثمارات المتبادلة بين الإمارات والأردن بحوالي 22.5 مليار دولار، وتعد الإمارات أكبر مستثمر دولي في الأردن، وتتوسع هذه الاستثمارات في قطاعات خدمية وتجارية واسعة.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن والامارات ما يقارب 1.9 مليار دولار في عام 2023، حيث باتت الإمارات الشريك التجاري الثاني عربيا للأردن والخامس عالميا، إذ تشكل حصة المملكة من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية الإماراتية مع الدول العربية 8 %.
وكان الأردن والإمارات، قد وقعا الأحد الماضي اتفاقيتين اقتصاديتين بحضور جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والاتفاقية الأولى هي “اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الأردن والإمارات”، والتي هدفت إلى تعزيز الفرص الاستثمارية والتجارية والتعاون الاقتصادي في عدد من المجالات التي تربط البلدين بفعالية مع الأسواق العالمية.
أما الاتفاقية الثانية فهي “التعاون والمساعدة الإدارية المتبادلة في الشؤون الجمركية بين الأردن والإمارات” وتفضي إلى تطوير التشريعات الجمركية، خدمة للمصالح الاقتصادية للبلدين، ولتبادل المعلومات بين السلطتين الجمركيتين فيهما، بما يضمن تطبيق إجراءات جمركية مُثلى، وفقًا للأطر التشريعية الضامنة لسلامة الإجراءات الجمركية.
ويمر التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الأردن والإمارات في حالة تطور، مستمر إذ سبق للإمارات أن وقعت حزمة مشاريع استثمارية مع الأردن في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي بقيمة 5.5 مليون دولار، كما وقعت الإمارات في الرابع من أيلول(سبتمبر) الماضي، مذكرة استثمار بقيمة 2.3 مليار دولار، لربط ميناء العقبة بمناطق التعدين في الشيدية وغور الصافي.
وقال رئيس غرفتي صناعة عمان والأردن فتحي الجغبير، إن توقيع أول اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة على صعيد التعاون العربي المشترك بين بلدين هما الأردن والإمارات، دلالة واضحة على مستوى العلاقات المتميزة المدفوعة من قبل قيادتي البلدين جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتعكس عمق الأواصر الأخوية والإستراتيجية المتبادلة والنموذج الذي يحتذى به على صعيد التكامل الاقتصادي العربي.
وأكد الجغبير، أن أهمية الاتفاقية الكبيرة في تعزيز التعاون الاقتصادي والتكامل التجاري الاستثماري بين البلدين، تأتي من  كونها ستعزز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية وتحسن سلاسل التوريد، وتسرع نمو القطاعات ذات الأولوية، ولا بد من أن يكون لها تأثير مباشر على معدلات وحجم التجارة البينية خاصة بعد تسجيل التجارة الثنائية بين الأردن والإمارات نموًا بنسبة 36.8 % خلال النصف الأول من العام الحالي، لكن على الرغم من هذا النمو إلا أن الميزان التجاري يميل بوضوح لصالح الإمارات ونأمل من خلال هذا الإتفاقية تحقيق دفعة أكبر لصادرات الأردن وتعزيز الميزان التجاري وحضور المنتجات الأردنية في السوق الإقليمي.
ولفت الجغبير إلى أن الاتفاقية ستلعب دورا كبيرا في تحسين حركة التجارة الأردنية من خلال التحسينات المتوقعة على الإدارة الجمركية، ما يعزز فرص الصادرات الوطنية وانسيابها من جانب، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الإماراتية إلى القطاعات الصناعية الواعدة وتعزيز فرص إنجاز المستهدفات في رؤية التحديث الاقتصادي من جانب آخر.
وشدد الجغبير على أنه من شأن الاتفاقية أن تساهم في تعزيز  تنافسية القطاعات الاقتصادية في الأردن وخاصة القطاع الصناعي، مما يعقد عليه الآمال في فتح آفاق التصدير والمنافذ التسويقية وجذب الاستثمار، داعيا إلى ضرورة بلورة الاتفاقية على أرض الواقع وتعزيز استفادة الاقتصاد الأردني من مجلس الاستثمار المشترك وجذب استثمارات نوعية ذات صلة بأولوياتنا الوطنية في رؤية التحديث.
بدوره اعتبر رئيس غرفتي تجارة عمان والأردن، خليل حاج توفيق أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الموقعة بين الأردن والإمارات، تعد اتفاقية استثنائية وفريدة من نوعها في المنطقة بين بلدين، مؤكدا أنها ستنعكس إيجابا على اقتصاد البلدين وخاصة الاقتصاد الأردني المتعطش للاستثمارات.
وبين حاج توفيق أن أهمية هذه الاتفاقية تنبع من المزايا التي تتمتع بها والتي ستعظم من العائد الاقتصاد والتنموي لها ومن هذه المزايا شروط قواعد المنشأ إضافة إلى ميزة التبادل التجاري الحر، إذ سيكون لذلك انعكاس على تعزيز الصادرات وحجم التبادل التجاري بين البلدين.
ويضاف إلى ذلك تضمن الاتفاقية مبادرة خاصة بقطاع الخدمات الذي يعد نقطة القوة للاقتصاد الأردني، مما سيفتح المجال أمام تصدير الكثير من الخدمات، لا سيما في قطاعات تكنولوجيا والمعلومات والبرمجة، والاتصالات والنقل وغيرها.
وأشار إلى أن ما يميز هذه الاتفاقية تضمنها إنشاء مجلس استثمار بين الأردن والإمارات وهو الأول من نوعه بين الأردن ودولة عربية، وهذا من شأنه أن يساهم في زيادة حجم الاستثمارات الإماراتية المتدفقة للمملكة.
وأكد حاج توفيق أن القطاع التجاري سيكون هو القطاع  الأكثر استفادة من الاتفاقية الموقعة بين البلدين، خاصة مع سعي الاتفاقية إلى تعزيز الشراكة بين المناطق الحرة بين البلدين إضافة إلى تعزيز حقوق الملكية.
من جانبه، قال ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن هيثم الرواجبة، إن الاتفاقية الشاملة بين الأردن والإمارات تعتبر خطوة إستراتيجية لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وخاصة في قطاعات الابتكار والتكنولوجيا.
وأكد الرواجبة أن هذه الشراكة ستساعد في توفير فرص هائلة لتبادل المعرفة والتكنولوجيا، مما يساهم في تسريع التحول الرقمي وتحفيز النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى المساهمة في زيادة حجم التجارة والاستثمارات المشتركة بين البلدين، عدا تعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني من خلال تبني أحدث التقنيات وزيادة الكفاءة الإنتاجية.
وأوضح الرواجبة، أن الإمارات تمثل شريكا اقتصاديا قويا في المنطقة، وهذه الاتفاقية ستفتح المجال لفرص كبيرة في مجالات الاتصالات، التكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي وهذا يعزز من قدرة البلدين على تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص عمل جديدة، خاصة للشباب.
ولفت الرواجبة إلى أن تضمن الاتفاقية مبادرات في مجال التجارة الرقمية سيتيح فرصا كبيرة لنمو التجارة الإلكترونية بين الأردن والإمارات، إذ يمكن الاستفادة من هذه المبادرات من خلال تطوير منصات رقمية مشتركة تربط بين الشركات في كلا البلدين، مما يسهل عمليات التبادل التجاري بشكل أسرع وأقل تكلفة.
كما يمكن الاستفادة من هذه الاتفاقية لتعزيز أمن البيانات وحماية المعلومات المتبادلة في التجارة الإلكترونية، وهو جانب مهم لتشجيع الثقة بين المستثمرين والمستهلكين. من خلال تبني معايير مشتركة في مجالات الدفع الإلكتروني، الشحن الرقمي، وإدارة البيانات، يمكن تحفيز المزيد من الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا وتقليل الحواجز أمام الشركات الناشئة في هذا المجال.
إلى ذلك، أكد مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي، أن العلاقات الأردنية الإماراتية هي علاقة اقتصادية راسخة في تحقيق الرؤى الاقتصادية المشتركة ومبنية على شراكات اقتصادية إستراتيجية في ظل صاحبي الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظهم الله، حيث تجمع البلدين آفاق اقتصادية واعدة ترفد المصالح الاستثمارية والتجارية المشتركة وتعزز التكامل الاقتصادي بين البلدين.
وأشار حجازي إلى أن الأردن والإمارات تجمعهم العديد من اتفاقيات التعاون الاقتصادي ومذكرات التفاهم بينها حزمة مشاريع استثمارية بقيمة 5.5 مليار دولار بموجب مذكرات التفاهم التي وقعت العام الماضي، والشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيتين الشراكة الاقتصادية الشاملة.
ولفت حجازي إلى أن توقيع اتفاقية التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الأردن والإمارات، ستحقق رؤية البلدين المشتركة تجاه التنمية والازدهار الاقتصادي المستدام، وتعزيز الأمن الغذائي والطاقة المتجددة وتوفير فرص العمل، إضافة إلى تحسين سلاسل التوريد، وتسريع نمو القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية لتعزيز تنافسية السوق الأردني والإماراتي مع الأسواق العالمية، وإدارة المخاطر الجمركية والعوائق الحدودية و تعزيز حجم التبادل التجاري الحر بين البلدين من خلال إزالة الحواجز التجارية.
ويرى حجازي أن من شأن الاتفاقية، تعزيز قطاع الاستثمار بين البلدين بتسهيل إقامة المشاريع الاستثمارية المشتركة بين مجتمعي الأعمال في البلدين، إضافة إلى تنشيط ريادة الأعمال وتطوير مشاريع استثمارية ذكية مبنية على تطوير خدمات وصناعات تقنية تتماشى مع المعايير الدولية في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
كما ستعزز الاتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية بما يدعم الابتكار والتجارة والاستثمار بين البلدين والالتزام بأعلى المعايير العالمية، علاوة على تعزيز تنافسية القطاعات الخدمية أهمها قطاعي الصحة والسياحة من خلال إزالة القيود للعديد من القطاعات مما يتيح فرصا استثمارية أكبر، حيث تعد الإمارات المستثمر الأول عالميا في المملكة.
وأكد حجازي، أن تأسيس مجلس الاستثمار المشترك وإذا ما تم بمشاركة القطاع الخاص فإنه سيعمل على وضع خطط وبرامج عمل لتنفيذ مذكرات التفاهم والاتفاقيات والتي ستساعد بشكل كبير على تدفق الاستثمارات البينية بشكل منتظم وواضح وقائم على المنفعة المتبادلة للبلدين.

عبدالرحمن الخوالدة/الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة