الأغوار الجنوبية: موسم البصل والملوخية يزيد من خسائر المزارعين
افقدت مواسم الخسارة المتتالية للمزارعين بالأغوار الجنوبية الأمل في الزراعة، وإمكانية تحسن الأحوال بعد سنوات من الخسائر المتراكمة، ودفعتهم للتفكير في هجرة الزراعة والبحث عن بدائل رغما من عدم توفرها لديهم بسبب خبرتهم التاريخية في الزراعة فقط، وعدم قدرتهم على العمل في قطاع آخر.
فقد شملت الخسائر ما تبقى من الأمل، وهو موسم البصل والملوخية اخيرا وفقا للعديد من المزارعين، حيث تراجعت بشكل كبير أسعار هذين المنتجين، واللذين ينتجان بكثرة في الأغوار الجنوبية، بعد نهاية موسم الزراعات التقليدية من البندورة ومختلف أصناف الخضار.
وأكد مزارعون، بان أسعار الملوخية والبصل وصلت إلى مستويات لم تصل إليها سابقا بعد أن كان المزارع يعول عليهما لتحسين الموسم قليلا.
وأشاروا إلى أن سعر كيلو البصل واصل للسوق بلغ حوالي 5 قروش. في حين كلفة زراعة الوحدة تصل إلى 12 ألف دينار. أي ان الوحدة كاملة لا تجمع من كلفتها سوى 4 آلاف دينار.
وبينوا أن أسعار الملوخية تردت لتصل إلى 10 قروش للكيلو غير المنظف ولم يحصل المزارع حتى على كلفة زراعتها.
وقال المزارع المشاعلة، إن كيلو البصل يباع للمواطنين من التجار بسعر 50 قرشا في حين أن كيس البصل يباع بالسوق المركزي بنصف دينار. وكيلو الملوخية يباع للمواطن بحوالي دينارين للكيلو في حين أن المزارع يبيعها بسعر 10 قروش للكيلو.
وبين أن المزارعين وصلوا لوضع يرثى له جراء هذه الزراعات الخاسرة.
ويؤكد العديد من المزارعين، انهم أصبحوا بحاجة ماسة الى المساعدة العاجلة بكل الأشكال من قبل الأجهزة الرسمية لتمكينهم من تخطي الأوضاع الصعبة، التي يعيشونها بسبب ما وصفوه باسوأ المواسم الزراعية على الاطلاق، مطالبين بمساواتهم بقطاعي الصناعة والتجارة، حيث تلقى العاملون فيهما مساعدات مالية كبيرة خلال الجائحة.
ويؤكد مدير زراعة الأغوار الجنوبية المهندس ياسين الكساسبة، ان الموسم الحالي هو الأسوأ بسبب ظروف عديدة، مشيرا إلى أن المزارعين كانوا ينتظرون أن يتحسن الموسم من محصولي البصل والملوخية في الفترة الحالية، لكن الأوضاع جاءت معاكسة للآمال وكانت الأسعار في الحضيض، وتكبد المزارعون خسائر كبيرة تراكمت مع خسائرهم في موسم البندورة والخضار الأخرى.
وبين أن المزارعين كل عام يعيشون على أمل أن يتحسن الموسم الزراعي، ويعوضون خسائرهم في بعض المحاصيل، وخصوصا ما حدث الموسم الماضي في محصولي الحمص والبصل.
وقال رئيس اتحاد المزارعين بالكرك عصمت المجالي، إن المزارعين بالأغوار الجنوبية في حال يرثى له بسبب الخسائر الكبيرة التي يتعرضون لها كل موسم، وخصوصا الموسم الحالي، حيث الخسائر كبيرة ولا يمكن تحملها على الاطلاق بسبب تردي موسم البندورة بشكل أساسي ومختلف المنتجات الزراعية.
ولفت إلى أن العديد من المزارعين باتوا فاقدين للأمل في عملية الزراعة برمتها، ويتطلع العديد منهم إلى وقف الاستمرار بهذه المهنة رغم عدم توفر البديل لهم، مؤكدا انه من المتوقع أن تنخفض مساحات الزراعة للموسم المقبل كثيرا عن الموسم الحالي، بسبب هجرة المزارعين لأراضيهم وتركها بورا، بعد الخسائر المتراكمة.
وبين المجالي أن هناك أملا بان تقوم الحكومة والأجهزة المختلفة بمساعدة المزارعين، من خلال جدولة القروض وإعفاء فوائد القروض، وإعفاء من فاتورة أثمان مياه الري والتي هي الأخرى تساهم في خسارة المزارعين، رغم ضعف تزويد المزارعين بالمياه في بعض الأوقات، إضافة إلى وقف المطالبات الأمنية والمالية على آلاف المزارعين بالكرك، والذين تراكمت عليهم الديون لمختلف الجهات المالية الرسمية والخاصة والشركات.
ويتوقع أن يحجم مئات المزارعين في مختلف مناطق الأغوار الجنوبية بمحافظة الكرك، عن البدء في إعداد وتجهيز أراضيهم الزراعية، استعدادا لزراعتها مع بدء الموسم الزراعي المقبل، بسبب مخاوفهم من تكرار تعرضهم للخسائر المالية التي تعرضوا لها الموسم الماضي.
وخلال المواسم الزراعية الأخيرة تعرض غالبية المزارعين بالأغوار الجنوبية لخسائر مالية كبيرة، ما اضطر عشرات المزارعين إلى إلقاء منتجاتهم الزراعية وخصوصا محصول البندورة، وهو المحصول الأكثر إنتاجا بالأغوار على الطريق العام وفي مجاري الأودية والسيول.
وأكد رئيس لجنة الزراعة والتنمية في مجلس محافظة الكرك عن منطقة الأغوار الجنوبية فتحي الهويمل، ان الموسم الحالي كان أصعب المواسم على المزارعين بالأغوار الجنوبية، ما افقدهم كل ما يملكون من المواسم السابقة، لافتا أن هناك مخاوف من هجرة أعداد كبيرة منهم لاراضيهم وتركها بورا بلا زراعة، ما يعني حدوث نقص كبيرة من المنتج الزراعي الموسم الحالي، بدون تدخل رسمي لإغاثة المزارعين بالأغوار الجنوبية.
وبين أن أعدادا كبيرة من المزارعين أوقفت زراعة مساحات من أراضيها أصلا الموسم الحالي، وستزداد المساحات المهجورة للموسم المقبل، بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها الموسم السابق، لافتا إلى أن هناك تقديرات لخسائر مالية تصل إلى حوالي 7 ملايين دينار، نتيجة زراعات لم تجد تسويقا وبقيت أسعارها دون كلفة الإنتاج ومن بينها البصل والبندورة وغيرها من المحاصيل.
وأشار إلى أن أكثر من 35 ألف دونم من أصل 50 ألف دونم تزرع سنويا بمحصول البندورة بالأغوار الجنوبية، وفي كل عام تتعرض المنطقة والمزارعون لخسائر كبيرة بسبب غياب التنسيق الزراعي لمنتجات الأغوار الجنوبية، والتي تساهم في عمليات التصدير الوطنية للمنتجات الزراعية سنويا، مطالبا الجهات الرسمية بتوفير إجراءات مساندة للمزارعين أسوة بالصناعيين والتجار خلال جائحة كورونا، والتي قدمت الحكومة خلالها مئات الملايين من الأموال لهاذين القطاعين.
ويؤكد المزارع علي المشاعلة من غور الصافي، ان المزارعين بالأغوار الجنوبية وبعد سنوات ومواسم الخسارة الكبيرة باتوا فاقدين للأمل بعودة قطاع الزراعة إلى سابق عهده، وانهم وان بقوا في القطاع، إلا أنهم وبسبب عدم وجود مهنة أخرى لديهم يعملون فيها.
من جهته أكد المهندس الكساسبة انه تمت خلال الفترة الماضية وبناء على توجيهات من وزير الزراعة العمل على تأجيل اقساط القروض لفترة معنية، إضافة إلى إعفاء العديد من المزارعين من فوائد القروض للموسم الماضي، بسبب الاضرار التي لحقت بهم من الظروف الجوية.
وبين أن تزويد المياه للمزارع يجري بشكل جيد ولا يوجد نقص، حيث تقوم سلطة وادي الاردن بتزويد كل وحدة زراعية بكمية مياه تصل الى 2500 متر مكعب من المياة دون نقص.
ويقدر المهندس الكساسبة المساحات الزراعية بالأغوار الجنوبية بحوالي 55 ألف دونم، تزرع منها 30 ألف دونم كل موسم، بمحاصيل البندورة والخضراوات الأخرى وحوالي 12 ألف دونم بمحصول العنب وحوالي 4 آلاف دونم بالموز، لافتا إلى أن مساحة لا تزيد على 5 آلاف دونم هي التي يتم تركها بورا ولا تزرع بمختلف المناطق.
هشال العضايلة/ الغد
التعليقات مغلقة.