الأقصى يشتعل.. الاحتلال يقتحم المسجد ويعتدي على المصلين ويحاصرهم
ما تزال أجواء التوتر والغليان الشديدين تسود المسجد الأقصى المبارك التي اشتعلت ساحاته، أمس، بمواجهات عنيفة عقب اقتحام أعداد كبيرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد والاعتداء على المصلين وإلقاء الأعيرة المطاطية والقنابل الصوتية والغازية باتجاههم، مما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات والاعتقالات بين صفوفهم.
وعلى وقع إحياء الفلسطينيين “ليوم الأسير الفلسطيني” والتوعد بالرد، فإن قوات الاحتلال التي انسحبت بعناصرها ومستوطنيها من باحات المسجد الأقصى بعد إغلاقه ومنع الفلسطينيين من الدخول إليه، قد حولت المسجد إلى ثكنة عسكرية، بإفراغه من المصلين ومحاصرة آخرين منهم داخل المصلى القبلي، الذي فرضت حصاراً حوله.
وقد أعادت قوات الاحتلال فتح أبواب المسجد الأقصى، وأبواب المسجدين “القبلي” وقبة الصخرة المشرفة بعدما تمت محاصرتهما، واقتحامهما، في ظل أجواء من التصعيد المُرشح لتفجر الأوضاع في القدس المحتلة، وأنحاء الضفة الغربية.
واقتحمت قوات الاحتلال بأعداد كبيرة المسجد الأقصى واعتدت على المعتكفين فيه والمرابطين في باحاته، واعتقلت آخرين منهم، وسط إطلاق مكثف لقنابل الصوت والغاز، وأجبرت المصلين على الدخول إلى المصليات وأغلقت أبوابها عليهم، وضيقت على موظفي الأوقاف بالمسجد وأجبرتهم على مغادرة أماكنهم.
فيما قمعت بالقوة المصلين من السيدات وكبار السن والمرابطين في باحاته، وألقت القنابل المسيلة للدموع باتجاههم لإجبارهم على مغادرة المسجد تمهيداً لتوفير الحماية الأمنية لاقتحام المستوطنين المتطرفين لباحاته، من جهة “باب المغاربة”، وتنفيذ الجولات الاستفزازية وأداء الطقوس التلمودية في المنطقة الشرقية من المسجد، وتلقي شروحات عن “الهيكل”، المزعوم، وفق دائرة الأوقاف الاسلامية بالقدس المحتلة.
واعتلت قوات الاحتلال سطح المصلى القبلي عقب محاصرة المصلين داخله، كما حاصرت النساء المتواجدات في قبة الصخرة، واعتدت عليهن بالضرب، وإبعاد المصلين عن مسار اقتحامات مجموعات المستوطنين، كما فرضت إجراءات مشددة وتضييقات على طواقم العمل التابعة لدائرة الأوقاف ومنعت أفرادها من التحرك والتنقل في ساحات الحرم خلال فترة الاقتحامات.
وقد انتشرت قوات الاحتلال عند أبواب الأقصى والبلدة القديمة، بالقدس المحتلة، ومنعت دخول الفلسطينيين للمسجد، وقامت بإلقاء القنابل الغازية المسيلة للدموع باتجاههم، مما أدى لإصابة عدد منهم بالاختناق الشديد، واندلاع المواجهات في منطقة “باب الأسباط”، المؤدية للمسجد، و”باب حطة” بالبلدة القديمة في القدس المحتلة، وسط ترديد المصلين التكبيرات والهتافات الداعية للرد وصد العدوان، فيما ألقى الشبان المفرقعات باتجاه العناصر المتمركزة عند باب الأقصى.
في حين تواصل ما يسمى “منظمات الهيكل”، المزعوم، حشد مناصريها لاقتحام المسجد الأقصى لإحياء ما يسمى “عيد الفصح” اليهودي، وأداء الطقوس فيه ومحاولة إدخال “القرابين” إلى حرم المسجد.
وفي ظل تلك الأجواء المشحونة؛ هدد عضو “الكنيست” الإسرائيلي، المتطرف “إيتمار بن غفير”، بنقل مكتبه من “حي الشيخ جراح” إلى منطقة “باب العامود” بالقدس المحتلة.
من جانبه، دعا خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عكرمة صبري، الأمة العربية والإسلامية لنصرة المسجد الأقصى المبارك في ظل الهجمة الصهيونية التي يتعرض لها، والتدخل لحماية المسجد، وعدم ترك الفلسطينيين وحدهم في هذه المواجهة.
من جهته، قال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، إن حركته أكدت لكل الأطراف التي تواصلت معها أن من حق الشعب الفلسطيني الوصول إلى المسجد الأقصى والصلاة والاعتكاف فيه، ولن يخضع لإجراءات القمع والإرهاب الصهيوني، فلا حق مطلقًا لليهود فيه.
وبين هنية، في تصريح أمس، أن الشعب الفلسطيني يدافع عن نفسه وأرضه، وسيقف في وجه الاحتلال وجرائمه بقوة في كل الساحات، للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، وإفشال مخططات الاحتلال بكل السبل.
وبالمثل؛ أكدت حركة الجهاد الاسلامي أن الانتهاكات والاعتداءات الخطيرة في المسجد الأقصى تدفع نحو المواجهة الشاملة، وتكشف نوايا الاحتلال الذي يمارس التضليل والخداع لتمرير مخططاته التهويدية، داعية، لاستمرار الرباط في المسجد.
فيما حذرت حركة “فتح”، من مخطط الحكومة الإسرائيلية لتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني سيفشلها بإرادته الصلبة، ولن يسمح بالمساس بالمقدسات وسيتصدى لعدوان الاحتلال.
وطالبت المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وصون مقدساته وممتلكاته، وحرية الوصول إلى الأماكن المقدسة، وحرية العبادة، وفقاً لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، التي تنتهكها سلطات الاحتلال.
كما حذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من مخطط الاحتلال لفرض السيادة وتهويد مدينة القدس المحتلة بأكملها، داعية إلى توفير الدعم الكامل لأهل القدس المحتلة، وتشكيل لجان الحماية وتوحيد قواها في الميدان للدفاع عن الشعب والأرض أمام تغول المستوطنين وقوات الاحتلال عليها.
فيما حذر الأمين العام لحركة “المبادرة الوطنية الفلسطينية”، مصطفى البرغوثي، من “انفجار شامل”، مؤكداً أن الفلسطينيين لن يسمحوا بفرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، مهما كان الثمن”.
وطالب البرغوثي العالم بالتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين، وبفرض العقوبات على منظومة الاحتلال والتمييز العنصري الإسرائيلي.
واعتبرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن ما حدث أمس “استفزاز لمشاعر الشعب الفلسطيني والكرامة الوطنية”، مؤكدة تمسك الشعب الفلسطيني المقاومة بكل أشكالها وأساليبها للتصدي لعدوان الاحتلال والمستوطنين المتطرفين.
من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن ما جرى في المسجد الأقصى تصعيد خطير ومحاولة مرفوضة لتشريع ما يسمى بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، داعياً أبناء الشعب الفلسطيني للاحتشاد بالمسجد والدفاع عنه.
وطالب الإدارة الأميركية بوقف عدوان الاحتلال الذي سيشعل المنطقة بأسرها، كما طالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني كخطوة أولى نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.
بدورها؛ طالبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية بالتدخل الدولي المباشر لوقف التصعيد الإسرائيلي الذي يهدد بإشعال ساحة الصراع والمنطقة برمتها، مؤكدة أن صمود المقدسيين والمرابطين وتصديهم لهذه الاعتداءات كفيل بإسقاط مشاريع الاحتلال التهويدية للقدس والمسجد الأقصى.
وحذرت من خطورة استمرار الاعتداءات، التي تعد محاولة إسرائيلية رسمية لتثبيت التقسيم الزماني للمسجد على طريق تقسيمه مكانيا، بحيث تكرس الاقتحامات كجزء من الواقع اليومي المعاش للمسجد الأقصى المبارك.
نادية سعد الدين/ الغد
التعليقات مغلقة.