الإبادة الجماعية العلنية ومحاسبة الاحتلال // سري القدوة
جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة من أكبر الجرائم في العصر الحديث، وأن نضوج المسار القانوني والفهم الدولي لما يعانيه شعبنا ساهم بشكل كبير في الذهاب إلى محكمة العدل الدولية لمحاسبة دولة الاحتلال على جرائمها وأن محكمة العدل الدولية وصلت إلى نتائج مهمة للقيام بعدد من التدابير التي تؤكد أن دولة الاحتلال ترتكب جريمة الإبادة الجماعية، وأن هذه التدابير ملزمة لكل الدول الأعضاء في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وتوازي أو تفوق أهمية مجلس الأمن الدولي .
لا بد من استمرار العمل بشكل واسع النطاق وتنسيق المواقف مع مختلف المنظمات الدولية من اجل استمرار محاكمة الاحتلال على جرائمه والوصول إلى عمل تراكمي قانوني وحث دول العالم على مسائلة الاحتلال واتخاذ خطوات مباشرة لمحاسبته واتخاذ خطوات دبلوماسية واقتصادية تجاه دولة الاحتلال، ومنها التوقف عن تقديم المساعدات لها وخاصة المالية والعسكرية .
ما من شك بان محكمة العدل الدولية توجه البوصلة بشكل صحيح وتؤكد على أهمية تطبيق القانون وهذا مسار مهم إلى جانب المسارات الدبلوماسية الأخرى، وخاصة أن اتفاقية منع الإبادة هي الاتفاقية الوحيدة التي لم تضع عليها دولة الاحتلال أي تحفظات مطلقا، وتحقيق العدالة للقضية الفلسطينية مهم للغاية وان المجتمع الدولي بات مقتنعا بعدالة الفضة الفلسطينية مما يدل على مكانتها وأهميتها السياسية على المستوى الدولي وان جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري التي يتعرض شعبنا لها منذ عشرات السنين لا يمكن ان تستمر او تمر دون عقاب .
وفي ظل ضعف الموقف الدولي الرسمي وعدم قدرة الأمم المتحدة على اتخاذ موقف واضح من إنهاء حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ضمن المنظومة الدولية لا بد من مضاعفة العمل وأهمية التوجه الى القضاء الدولي كون أن المسؤولية القانونية تقتضي منع ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وواجب دول العالم مقاطعة دولة الاحتلال اقتصاديا ودبلوماسيا .
ما قامت به جمهورية جنوب إفريقيا يشكل خطوة مهمة على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي وليس عابرا بل خطوة إستراتيجية يجب البناء عليها وأن لديها الفرصة عالميا للمساهمة في خلق منظمات ومبادئ قانونية في ظل شريعة الغاب الموجودة حاليا في العالم .
ما يحدث في قطاع غزة هو إبادة جماعية علنية، ودعوات رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو الصريحة إلى تهجير الفلسطينيين قسريا، وحرمانهم من أدنى مقومات الحياة دليل على ذلك، ولا بد من استغلال القرارات التاريخية لمحكمة العدل الدولية، وتطبيق التدابير الاحترازية الصادرة عنها والتي يجب ان تؤدي إلى وقف إطلاق النار وأن قرار محكمة العدل الدولية أهم وأقوى من قرار مجلس الأمن الدولي الذي يخضع لسيطرة الفيتو وبالتالي يصبح القرار مختطفا لصالح من يتحكم في فرض سيطرة الفيتو على مجلس الأمن ويبقى خيار السلطة القضائية أهم واقوي من السلطة التنفيذية .
لا يمكن الخروج من دوامة الحرب دون العمل بمسؤولية من اجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وإيقاف العدوان وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة ويجب على المجتمع الدولي – وعلى وجه الخصوص – الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية أهمية الإسراع في الاعتراف بها على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ليتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة وليتحقق السلام الشامل والعادل للجميع .
سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com
التعليقات مغلقة.