“الإخوان”.. نهاية 71 عاما من العمل المخالف للقانون

بعد مرور 71 عامًا على قرار الأردن القاضي بتصويب أوضاع الجمعيات لتتماشى مع القوانين السارية، والتي تهدف لضمان السلم المجتمعي وحماية المصالح الوطنية، اختارت جماعة الإخوان المسلمين طيلة هذه العقود العمل خارج إطار القانون، ورفضت الامتثال لمتطلبات التصويب وتمخض عن ذلك مخاطر كبيرة، لا سيما بعد توجيه اتهامات لبعض أفرادها بمحاولات تصنيع صواريخ ومواد متفجرة، لتهدد أمن المجتمع بأسره.

وأكد سياسيون أنَّ الأردن أصدر قانونًا عام 1954 يقضي بحل الجمعيات كافة وتصويب أوضاعها بما يضمن العمل وفق الدستور والقانون، مشيرين إلى أنَّ جميع القوانين والأنظمة في العالم تُجرِّم امتلاك أي فرد أو جماعة الأسلحة وأن تبقى حصرًا بيد الدَّولة، لكنَّ الجماعة بقيت تعمل حتى وصل العمل إلى حدود الإرهاب وتخطيط أفراد منتسبين لها بالتخطيط لتصنيع صواريخ ومتفجرات وطائرات بدون طيار.
تجاوز القانون
وبين وزير العدل الأسبق الدكتور إبراهيم العموش أنَّ القانون وضع لحماية المواطنين والأمن والسِلم المجتمعي وحماية مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة، ومن بين هذه القوانين الهادفة لحماية كافة مكونات الدولة، قانون الأسلحة والذخائر وقانون العقوبات وقانون مكافحة الإرهاب وقانون الجرائم الإلكترونية.
وأكد العموش أن جميع القوانين تجرم صناعة الذخائر والمتفجرات وحيازة الأسلحة إلا بعد الحصول على الترخيص من الجهات المختصة، مبينًا أن أجهزة الدولة الأمنية معنية بإنفاذ القانون وهذا واجبها القانوني للحفاظ على حياة المواطنين وأمنهم، والحفاظ عليهم من الأفكار الهدامة والجماعات التي تحمل أجندات خارجية أو أفكارا لا تخدم الوطن.
وبين أنه في عام 1946 تم ترخيص جمعية الإخوان المسلمين، وفي عام 1954 صدر قانون يقضي بحل الجمعيات كافة، وعلى الجمعية التي ترغب بالاستمرار تقديم طلب لجهة الترخيص وتوفيق أوضاعهم وفق متطلبات وأحكام القانون، مؤكدًا أن جمعية الإخوان المسلمين لم تقم بتوفيق أوضاعها خلال المدة المحددة بالقانون، وبالتالي اعتبرت منحلة حكما.
وأضاف أنه وبعد ذلك ودون ترخيص، بدأنا نسمع بمصطلح جماعة الإخوان المسلمين، وفي عام 2018 قررت محكمة التمييز اعتبار الجمعية التي أصبحت تعرف باسم الجماعة أو الجمعية منحلة منذ عام 1954.
وأكد أن قرار المحكمة هنا هو قرار كاشف للحل وليس منشئا له، وبالتالي وإذعانا لقرار محكمة التمييز لا بد للدولة من إنفاذه، فسلطات الدولة التنفيذية ملزمة بتنفيذ أحكام المحاكم القطعية.
وأوضح أن جماعة الإخوان المسلمين منحلة حكما منذ عام 1954، وأنَّ نشاطاتها تعتبر محظورة، وبالتالي يعد الانتساب لها أو الترويج لها بأي صورة من الصور، سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو المنابر أو الصحف، محظورًا وموجبًا للمساءلة القانونية، ويحظر أيضا تمويل هذه الجماعة أو التوسط لتمويلها بأي صورة من الصور.
ونوه بأنه يقع على عاتق الإعلام توعية المواطنين بخطورة الانتساب أو الترويج أو تقديم الدعم المالي أو غير ذلك لأي جماعة غير مشروعة.
التمسك بالدستور
بدوره، قال وزير الاتصال الحكومي الأسبق الدكتور فيصل الشبول إنَّ واجب السلطة التنفيذية أن تطبق أحكام القضاء والقانون، ربما تأخرت الخطوة لكن جاء السبب المباشر لهذا الموضوع بعد اكتشاف الخلية الإرهابية وارتباط أعضائها بجماعة الإخوان المسلمين.
وأضاف الشبول إن الأردن يمضي في مسارات التحديث السياسي والإداري والاقتصادي، والمسار السياسي مهم جدا، مع وجود رسوخ مؤسسات الدولة من جهة ووجود حياه مجتمع مدني أساسية، مضيفا إن الحياه السياسية بشكل عام تعني الأحزاب والنقابات والبلديات لكن ضمن إطار القانون والشفافية المطلوبة لتطوير الحياه السياسية.
وأكد أن القرار جاء بعد هذه التطورات الأخيرة، فكان لا بد للدولة أن تتمسك بالدستور وبإنفاذ القانون، وإنفاذ قرارات المحاكم، وفي الوقت نفسه حفظ السلم الأهلي، لأنَّ التعرض لهذا السلم من أي جهة كانت مرفوض ومدان.
وأشار إلى أن الجميع يعمل على التماسك في اللحظة الخطيرة التي تعصف في المنطقة، مبينًا أن الحفاظ على شخصية الدولة الأردنية هو جزء من هويتها وتماسكها الوطني.
وأوضح أن التعبير عبر وسائل التواصل متاح للجميع بشرط الالتزام بالقوانين والأنظمة، مبينًا أن جماعة الإخوان المسلمين محظورة الآن بالقانون، وأي نشر عنها في وسائل التواصل الاجتماعي يعتبر مخالفا للقانون.
وبين أن الأردن تسامح في الكثير من الوسائل التي خالفت القوانين، ونتذكر كيف كان يتم استدراج الشارع واستغلال مشاعر الناس لظروف سياسية، لكن هذا التسامح له حدود ويجب أن نتعامل كدولة بحزم، وقوة، وإنفاذ القانون.
الحل قرار قطعي
من جهته، قال رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب الدكتور مصطفى العماوي: وجب على الحكومات السابقة إنفاذ القانون، مؤكدًا أن ما صدر أمس من قرارات باعتبار “الإخوان” جمعية غير مشروعة، يوجب تنفيذ القانون وحظر الجماعة.
وأشار العماوي إلى أن القضاء أصدر قرارا بحل الجماعة، وكان يجب على الحكومة تنفيذه، واحترام القضاء، مؤكدًا أن القرار غير قابل للطعن، لوضوحه وأخذ مراحله الإجرائية كاملة، فلا مجاملات في تنفيذ القرارات القضائية.
وأشار إلى واجب عدم استغلال المنابر والشوارع ومنصات التواصل الاجتماعي والمساجد ولا أي منبر كان إلا وفق أحكام القانون.
وقال الخبير الأمني والإستراتيجي الدكتور بشير الدعجة، إن مخالفة القانون مرفوضة، وحق الدولة في إنفاذ القانون لحماية الوطن من الأفكار التي تُقطِّع أوصال المجتمع، وموقف الدولة الحازم في مواجهة مخالفة القانون يعكس التزامها الراسخ بسيادة النظام العام خاصة عندما تتعلق الانتهاكات بمحاولات إضعاف البنية الاجتماعية والتشكيك في مؤسسات الدولة أو تقويض وحدتها.
وأضاف الدعجة إن ما قاله وزير الداخلية الفراية اليوم يأتي في سياق تحصين الجبهة الداخلية من أي أفكار أو تنظيمات تتبنى خطابًا تفكيكيًا أو تحريضيًا حتى وإن ارتدت عباءة العمل الدعوي أو السياسي، فالدولة الأردنية لا تقف ضد التنوع أو الاختلاف لكنها ترفض وبشكل قاطع أي نشاط يتجاوز القانون ويهدد السلم المجتمعي، خصوصًا في ظل التحديات الإقليمية والداخلية التي تتطلب أعلى درجات التماسك الوطني والانضباط المؤسسي.
وأضاف إن القضاء قال كلمته في جماعة الإخوان المسلمين المنحلة، والدولة تنفذ القرار، والحديث عن الإخوان المسلمين لم يعد محصورًا في الجدل السياسي بل أصبح محكومًا بقرارات قضائية واضحة ومُلزمة، وعلى رأسها قرار حل الجماعة غير المرخصة، وإن تنفيذ الدولة لهذه الأحكام ليس انتقائيًا أو موجَّهًا بل هو تعبير عن احترام مبدأ الفصل بين السلطات وتأكيد هيبة القانون.
وبين أن وزير الداخلية في تصريحه شدد على أن ما صدر عن القضاء هو نهاية مسار قانوني طويل، وأن الأجهزة المعنية لا تقوم إلا بتطبيق ما يصدر عن القضاء، وهذا التطبيق لا يحمل استهدافًا بل تجسيدًا للعدالة، ويقطع الطريق على من يحاولون إعادة تدوير تنظيمات تم حلّها قانونيًا تحت شعارات جديدة أو تحالفات مموّهة.
وأوضح ان استغلال المنابر والشوارع ومنصات التواصل لجماعة منعها القانون الأردني أمر مرفوض سواء باستخدام المساجد أو التجمعات العامة أو حتى منصات التواصل الاجتماعي لترويج أفكار تنظيم محظور، وهذا تجاوز صارخ للسيادة القانونية ومحاولة لإعادة إنتاج نفوذ غير مشروع تحت ستار التعبير أو الدعوة أو النقد السياسي.
وأكد أن تصريحات الوزير الفراية كانت حاسمة في هذا السياق إذ لا يمكن السماح لجماعة تم حلها بقرار قضائي أن تعود للواجهة تحت أي غطاء، والرقابة ستكون مشددة على أي محاولة لاستغلال المنابر الدينية أو الإعلامية أو الرقمية لتمرير خطاب تلك الجماعة أو تنظيم فعاليات باسمها.
وأكد أن الدولة ترى في هذا النوع من النشاطات اختراقًا مباشرًا لقرارات قضائية وانتهاكًا لروح القانون، ومن هنا فإن التعامل معها سيكون بحزم ليس فقط لحماية القانون بل أيضًا للحفاظ على المسار الإصلاحي من أن يتم اختطافه من قبل جهات لها أجندات تنظيمية لا وطنية.-(نضال النَّوافعة وبركات الزيود- بترا)

بترا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة