الإعلام العربي يغرق بـ”طوفان الأقصى”.. وقصور بمخاطبة الغرب

فيما كشفت الحرب الأخيرة التي يخوضها الفلسطينيون ضد الآلة العسكرية الصهيونية، عن قصور إعلامي كبير في مخاطبة العقل الغربي بمسلماته ومفاهيمه، أكد خبراء لـ”الغد”، ضرورة  الاهتمام بالمحتوى العربي وتوجيهه نحو القضايا الرئيسية التي يعيشها الإنسان في المنطقة، داعين إلى إيجاد سبل لزراعة الإعلاميين العرب في المؤسسات الغربية لتسهيل عملية التأثير وإيصال الرأي.

والحال أن التأثير العربي الضعيف مقابل القدرة الغربية على الإقناع، كان واضحا خلال التغطية الإعلامية للحرب الوحشية على غزة، خصوصا بعد أن ضخ الغرب مئات الآلاف من التقارير المكتوبة والمصورة، لتبرير مواقفه بدعم الكيان الصهيوني لهجومه الغاشم.

وفي هذا السياق، قال وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأسبق سميح المعايطة إنه “حتى يكون التأثير العربي في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي قويا، لا بد من موقف عربي موحّد، وبنفس مستوى التعامل مع القضايا الكبرى مثل القضية الفلسطينية”.
وأضاف المعايطة أن ذلك يحتاج أيضا إلى جهات منظمة موجودة تعمل دائما في الغرب، وتتابع تغيرات الرأي العام هناك، والأهم أن يكون لديها عقل سياسي يديرها، وتمويل قادر على توفير الإمكانات.
وأشار إلى أن الأمر الآخر، يتعلق بأن “المنطق الذي نحاول تقديم عبره روايتنا هو منطق عاطفي ولا يتناسب مع مصالح الغرب أو المجالات التي تهمّهم”.
واعتبر أن “غالبية المؤثرين في العالم العربي يبحثون عن متابعين لغايات الكسب المالي، كما أن المضمون في غالبيته ترفيهي أو ساذج، وأحيانا يصل إلى مستوى بالغ من التفاهة”.
وأضاف: “لهذا فليس لدى هؤلاء المؤثرين قدرة على التعامل مع القضايا الكبرى أو العميقة”.
وأشار المعايطة إلى أن اللغة الإنجليزية التي يفتقدها الكثير من المؤثرين والإعلاميين في الأردن والعالم العربي “هي عامل مهم، لكن لو كانت هناك مؤسسات تعمل بشكل منظم فمن المؤكد أن هناك حلولا لهذه المشكلة”.
وقال: “نحن في العالم العربي لا نتحدث للآخر”، مضيفا أنه “حتى في الأزمات فإن التباينات في عالمنا العربي وحتى ضمن أبناء القضية الواحدة تجعلنا نوجه صراعاتنا أو خلافاتنا نحو أنفسنا وليس لمواجهة العالم الغربي”.
بدوره، قال مؤسس وعضو مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور إن موضوع التأثير وصناعة التأثير في العالم العربي “ضعيف جدا في العديد من المستويات باستثناءات قليلة جدا”.
وأضاف منصور: “نحن على المستوى السياسي تابعون ولسنا دولا لديها استقلالية عن السياق الغربي، كما أننا تابعون اقتصاديا”.
ولفت إلى أنه “إذا كان الوضع العربي السياسي والاقتصادي مرتهنا دوليا، فإن ذلك سيؤثر على الوضع الثقافي والإعلامي للعرب، حتى لدى الدول الغنية الخليجية التي باتت تدافع عن سيادتها ببناء علاقات ذات تبعية عالية للغرب”.
وأضاف: “إذا كان الإعلام مستقلا وكانت هناك استراتيجية إعلامية تريد أن يكون إعلامها وطنيا ليس بقصد التعبئة والحشد الداخلي؛ لأن أغلب الإعلام العربي هو إعلام يصفّق للحكومات”.
وقال: “إذا أردنا إعلاما على مقاييس إقليمية ودولية فيحتاج ذلك إلى موارد مالية عالية ويحتاج إلى مساحة واسعة من الحرية”.
وتحدّث عن تجربة شبكة الجزيرة التي حصلت على الموارد، وأُعطيت لها مساحة من الحرية، وهيأتها الحكومة القطرية لتكون رقما صعبا في المعادلة، وبالتالي أصبحت قوة ناعمة تستطيع الدفاع عن الدولة والكيان القطري، ولتصبح لاعبا إقليميا ودوليا.
وأشار منصور إلى أن “الجزيرة” لها تأثير على جميع المستويات، وبكل اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، ومجموعة من اللغات الأخرى، وتركت أثراً ووقعا وحضوراً.
وبين أن “هناك ظواهر كانت عالمية وعابرة للحدود، فمحمود درويش كان عابرا للحدود ولم يكن شاعرا فلسطينيا فقط، بل لعقدين من الزمن كان مؤثرا إقليميا وعالميا، بالإضافة إلى غيره من الشخصيات، لكن أولئك لم يكن عملهم مبرمجا، بل كانوا حالة استثنائية”.
من جانبه، أكد خبير مواقع التواصل الاجتماعي يزن صوالحة أن من أسباب ضعف التأثير العربي على مواقع التواصل الاجتماعي هو الغيرة من نجاح الآخرين.
وأضاف صوالحة أن “الناجح تتم محاربته في بعض الأحيان، على الرغم من أن المحتوى الجيد لا نجد له داعمين”.
وأكد أن المشكلة تكمن أيضا في سلوك الأشخاص ودعمهم للشخص المشهور أصلا، لافتا إلى أن من يمتلك عددا هائلا من المتابعين في الأغلب محتواه ضعيف، ولا يمتلك محتوى مبنيا على معلومة مؤكدة.
واعتبر أن جزءا مهما من المؤثرين العرب لا يستطعون مخاطبة الغرب باللغة التي يفهمها؛ لأن هناك ضعفا واضحا في المعرفة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هناك بعض المؤثرين مثل جو حطاب يُتابع من قبل الغرب بشكل كبير، نظرا لأن محتواه مقبول داخليا وخارجيا.
وأضاف صوالحة: “نحن كمستخدمي مواقع تواصل اجتماعي علينا أن نسعى للبحث عن محتوى يثقّف الناس ويرفع من خبراتهم ومعلوماتهم، وليس الاكتفاء بالترفيه فقط”.
وشدد على أن معظم المؤثرين العرب لا يمتلكون فكرا سياسيا ناضجا، ولا لغة إنجليزية مقبولة وصحيحة ومؤثرة.
وأكد ضرورة أن يمتلك المؤثر تقنية السرد القصصي والأسلوب التسويقي بلغته الأم، وباللغة الإنجليزية ضمن الحد الأدنى للتأثير في العقل الغربي.
وقال: “علينا إقناع الجيل الجديد باستخدام أدوات تمكنهم من العمل في مواقع مختلفة، وعلى الصحفي أن يمتلك مهارات محددة، ويجب أن يكون هناك تعاون بين الصحفي والأشخاص المؤثرين وإخضاعهم لدورات تعليمية تثقيفية، وتطوير أدواتهم حول كيفية البحث عن المعلومات الصحيحة”.

محمد الكيالي/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة