الاحتلال يبيح لجنوده إعدام الفلسطينيين دون مساءلة
وكأن جنود الاحتلال الإسرائيلي كانوا ينتظرون إذنا أو تعليمات جديدة حتى يتمكنوا من قتل الفلسطينيين. تظهر التعليمات الجديدة التي صدرت في الأسابيع الأخيرة حسب ما نقلت القناة الإسرائيلية العاشرة، وعممت في وثيقة مكتوبة على عناصر جيش الاحتلال في الضفة، فإنه يتوجب على الجنود إطلاق النار في منطقة المواجهات حتى بعد الانتهاء من عملية رشق الحجارة، وأثناء انسحاب الفتية والشبان من المكان، إذ تتيح تلك التعليمات للجندي إطلاق الرصاص الحي على الفتية المشاركين في رشق الحجارة بعد انسحابهم وفقا لما نشرته “وفا”.
وادعى جيش الاحتلال أن تغيير تعليمات إطلاق النار جاء “لاعتبارات عملياتية”.
وتنص التعليمات الجديدة كذلك على “إطلاق النار تجاه أشخاص يحاولون سرقة سلاح جندي أو يدخلون إلى قواعد عسكرية أو مناطق إطلاق النار بهدف سرقة سلاح أو ذخيرة”.
والتغييرات لا تقتصر على “شعور جندي بوجود خطر على حياته”، وهو تعبير فضفاض وغير واضح إلى حد كبير، الأمر الذي يعد تساهلا في قواعد الاشتباك لاستهداف الشبان والفتية الفلسطينيين في الضفة المحتلة.
ويشير مركز المعلومات الإسرائيلي في الأرض المحتلة “بتسيلم” إلى أن التعليمات الجديدة تبيح إطلاق النيران الفتاكة على الفلسطينيين “دون وجود مبرر”، مبينا أنها تعكس عُمق استهانة إسرائيل بحياة الفلسطينيين.
وبين المركز أن جيش الاحتلال يستخدم عمليا إطلاق النار في حالات كثيرة أخرى، بدعم من الجهاز العسكري وبموافقة بأثر رجعيّ من النيابة العسكرية التي تتجاهل استهداف حياة البشر وتضمن ألا يحاسَب أحد على ذلك، وهذا ما يشكّل لبنة أساسية في بُنية مواصلة إسرائيل استخدامها للعنف المفرط تجاه الفلسطينيين.
“قتلوه بدم بارد، ولم يكن يشكل أي خطر على الجنود، كان أعزل خلف دورية عسكرية مصفحة، أسدل جندي رأسه من بابها الخلفي، وأطلق رصاصة تجاه صدره، استشهد بعد ساعات متأثرا بجروحه”، يقول والد الشهيد محمد منير التميمي.
الشهيد محمد التميمي الذي ارتقى في الثالث والعشرين من تموز (يوليو) من العام الجاري في قرية النبي صالح شمال غرب رام الله. يقول والده إن نجله قتل عن سبق إصرار وترصد، حتى أنه لم يلقِ الحجارة تجاه الدورية العسكرية، حتى وإن ألقى حجارة فهل تؤثر هذه الحجارة بالدورية المصفحة، ويطلق عليه الرصاص بقصد القتل.
ويرى التميمي أن قتل ابنه لم يندرج بأي حال من الأحوال تحت ما يسمى “مبررات إطلاق النار”، وأن التعليمات الجديدة التي صدرت ما هي إلا إعفاء جنود جيش الاحتلال من تبرير قتلهم للفلسطينيين، ليصبح القاتل محميا وفق “إطار قانوني”. ووفق المتابع للشأن الإسرائيلي فايز عباس فإن ما صدر من تعليمات ما هو إلا تجديد لتعليمات قديمة صدرت منذ سنوات، وتحديدا عام 2015، حيث أعطي الجنود الحق بإطلاق الرصاص الحي على كل من يرشق الحجارة.
كما أن التوقيت الذي صدرت به هذه التعليمات جاء بُعيد مقتل مستوطن مؤخرا، وتهدف بالأساس إلى إرسال رسالة للمستوطنين بأن الجيش سيطلق الرصاص بسهولة على كل فلسطيني حتى الذي يرشق الحجارة، حسب عباس.
واعتبر عباس في حديث لـ”وفا” أن جيش الاحتلال يهدف من تعليماته الجديدة تهدئة المستوطنين، رغم أن جيش الاحتلال من أكبر ضباطه وحتى أصغر جنوده يطلقون الرصاص على الفلسطينيين ويقتلونهم بالعشرات بل بالمئات بسبب رشقهم للحجارة حتى من دون أي تعليمات، دون أن يتعرضوا للمساءلة، وإن تمت مساءلتهم فإنهم لا يتعرضون لعقوبة حقيقية رادعة.
وتابع أن إسرائيل تحاول أيضا إرسال رسالة للفلسطينيين بأن كل من يفكر أو يريد رشق الحجارة فإنه سيتعرض للقتل وليس للإصابة.
ويشدد عباس على أن “رخاوة الزناد” سياسة إسرائيلية منذ سنوات طويلة، وهي مستمرة وستستمر وتزداد أكثر في الفترة المقبلة، وهي تتويج للسياسة العنصرية التي لا يمكن وصفها إلا بالخطيرة والحقيرة تجاه الشعب الفلسطيني، ومحاولة للترهيب والتخويف.
ويتساءل: هل تنطبق هذه التعليمات على المستوطنين الذين واجهوا بالأمس جنود الاحتلال بالحجارة عند البؤرة الاستيطانية “حومش”، بل ودعسوا جنديا إسرائيليا؟
ويؤكد رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك أن قتل جنود الاحتلال للفلسطينيين يبرر بناء على تعليمات إطلاق النار، حيث تجدد هذه التعليمات كل فترة، وهي بالأصل مخالفة للقانون الدولي الإنساني الذي ينص على مبادئ الضرورة والتناسق والتدريب.
ويشدد على أن التعليمات الإسرائيلية سواءً القديمة أو الجديدة هي تعليمات تفسح المجال لاستخدام القوة المميتة، بشكل غير متناسب ومن دون أن تكون هناك ضرورة، وهذا ما يظهر من خلال الأعداد الكبيرة من الشهداء الذي قتلوا سواء كانوا في تظاهرات، أو من يتم قتلهم بزعم تنفيذهم لعمليات طعن، ودائماً ما يتم الاستناد لتعليمات إطلاق النار التي تشكل الغطاء القانوني للجنود.
قدمت فلسطين، وفق الدويك، عدة بلاغات سواءً من قبل وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أو عبر المؤسسات الحقوقية الفلسطينية للمحكمة الجنائية الدولية عن عمليات الإعدام التي تتم خارج إطار القانون الدولي، وعمليات الإعدام الميداني وسياسة قتل الأطفال، كما أبرزت تعليمات جيش الاحتلال برخاوة الأيدي على الزناد في البلاغات المقدمة لإظهار هذه السياسة الممنهجة التي يتبعها جيش الاحتلال في جرائمه بحق الفلسطينيين.
وتطرق الدويك إلى تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية التي حققت في جرائم الاحتلال في مسيرات بقطاع غزة، والتي أشارت إلى أن تعليمات إطلاق النار عند الجنود هي تعليمات بحاجة إلى مراجعة، حيث تسبب هذه التعليمات بقتل فلسطينيين على نطاق واسع دون أن تكون هناك ضرورة أو خطورة على حياة الجنود.
وقد سارع رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي نفتالي بينيت لمباركة هذه التعليمات، معتبرا أنها “ستسمح للجنود بالدفاع عن أنفسهم”، وأن الجنود “يجب أن يكونوا قادرين على الدفاع عن أنفسهم، وعنا جميعا”، كما لاقت مباركات من قبل سياسيين إسرائيليين.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.