الاحتلال يدعم عصابات تهريب المخدرات للأردن

– لم يكن عبثا؛ دعم المليشيات الشيعية والجيش النظامي السوري السابق لعصابات المخدرات التي كانت تتمركز على الشريط الحدودي مع المملكة، بل فسره خبراء، بأنه توجه سياسي ايراني لإغراق الأردن ودول الخليج بهذه الآفة.

السيناريو ذاته تكرره دولة الكيان المحتل مع الأردن حاليا، إذ ترسل عصابات المخدرات الموجودة في جنوب الاراضي المحتلة، عشرات الطائرات المسيرة المحملة بالمخدرات للأردن، لكن القوات المسلحة الأردنية، أسقطت العديد منها وضبطت حمولاتها من المخدرات.

خلال الشهر الحالي، أسقطت القوات المسلحة 9  طائرات مسيرة محملة بالمخدرات قادمة من الاراضي المحتلة، وضبطت حمولاتها، منها 5 أسقطت فجر أول من أمس، بينما يرجح خبراء، بأن الحدود الجنوبية مع الكيان غير منضبطة، وذلك بسبب استعانة الاحتلال بمعظم قواته الحدودية للمشاركة في عدوانه الوحشي على قطاع غزة ولبنان، واستبدال هذه القوات بأخرى من الاحتياط، في ظل نشاط العصابات الاجرامية الموجودة لديه، لتنفيذ عمليات تهريب للمخدرات الى الأردن بطائرات مسيرة.
ولم يستبعد محللون، بان تكون اعمال هذه العصابات الإجرامية برعاية سياسية من الكيان، عن طريق أشخاص نافذين في مؤسساته الأمنية او العسكرية، بخاصة وان حيازة طائرات مسيرة كالتي أسقطت، لا يمكن ان يتاح تداولها لأشخاص عاديين، الى جانب ان استخدامها يتطلب مهارات وتدريب على استخدام تقنياتها، وهذا لا يتوافر الا للحكومات، ما يثير علامات استفهام حول امكانية حصول أفراد عاديين على مسيرات ذات استخدامات خاصة بالجيوش والدول، واستخدامها في اعمال إجرامية كتهريب المخدرات عبر الحدود.
استاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة الحسين بن طلال د. حسن عبدالله الدعجة، بين انه في الآونة الأخيرة، ازدادت عمليات تهريب المخدرات من جنوب الكيان إلى جنوب المملكة، باستخدام المسيرات، وهو تطور يثير تساؤلات عديدة حول الأطراف التي تقف وراء هذا النشاط الممنهج. هذه الطائرات التي تتطلب تقنيات متطورة وقدرات لوجستية عالية، يصعب أن تكون بيد الأفراد فقط، ما يشير إلى احتمال تورط مؤسسات أمنية متقدمة لتنفيذ مثل هذه العمليات. وهنا يبرز تساؤل مهم: هل يسعى الكيان المحتل عبر هذه الوسائل إلى شن “حرب مخدرات” تستهدف الأردن على نحو مباشر؟ وهل هذه استراتيجية جديدة له، تحاول عبرها النيل من الامن الوطني الأردني عن طريق “حرب الكبتاغون”؟
قد يكون الهدف من هذه العمليات، إضعاف الأردن من الداخل عبر إغراقه بالمخدرات، ما يؤدي إلى زيادة التحديات الأمنية والاجتماعية، وتشتيت جهوده في التفاعل مع قضايا إقليمية جوهرية مثل القضية الفلسطينية. هذا السيناريو ينسجم مع توجهات محتملة لتقليل الضغط الأردني على الكيان في المحافل الدولية بشأن حل الدولتين، خصوصًا أن الأردن يُعد طرفًا أساسيًا في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وفي وقت تزامنت فيه هذه الأنشطة مع انشغال حرس الحدود الصهيوني المحتل في معارك جنوب لبنان وقطاع غزة، فإن المقصود منها قد يكون خلق فراغ أمني، يُستغل لزيادة نشاط التهريب. هذه الديناميكيات تشير إلى وجود استراتيجية متعددة الأبعاد لدى الاحتلال، تهدف إلى توجيه أنظار الأردن نحو أزمات داخلية معقدة.
وأضاف، أنه لكي يتمكن الأردن من مواجهة هذا التحدي، فإنه يحتاج إلى تعزيز قدراته الأمنية والتكنولوجية لمراقبة الحدود بفعالية، بالإضافة إلى تكثيف التعاون مع الشركاء الدوليين والإقليميين لردع هذه الأنشطة. لذا فإن التحرك الحازم والسريع في هذا السياق، لن يحمي الأمن الوطني الأردني حسب، بل سيؤكد أيضًا قدرته على الصمود في وجه أي محاولات لزعزعة استقراره ودوره الإقليمي.
ويؤيده في ذلك الخبير العسكري والاستراتيجي نضال ابو زيد، الذي لفت الى ارتفاع وتيرة عمليات تهريب المخدرات من الكيان الى الأردن مؤخرا وبالذات على الواجهة الجنوبية الغربية، ويبدو انها تحدث برعاية من الكيان المحتل ذاته، اذ تكرر حدوث اسقاط الطائرات المسيرة القادمة من جنوب الاراضي المحتلة  (النقب وبئر السبع) ضمن الواجهة الحدودية نفسها، ومن دون اي اجراءات امنية تذكر من هذا الكيان.
وأشار أابو زيد الى ان ارتفاع حدة الخطاب الاعلامي للاحتلال، حول اقامة جدار وتشكيل فرقة عسكرية على الحدود مع الأردن، يرافقه مسار اعلامي منه، بأن سبب ذلك يكمن في التسلل والتهريب الذي يجري من الحدود الأردنية، يتناسى في نطاقه ان التهريب يجري منه الى الأردن، وليس العكس.
وأضاف أن وراء عمليات التهريب التي نشطت مؤخرا باستخدام طائرات مسيرة عدة اسباب، ابرزها رغبة الكيان المستمرة بمثل هذا النوع من العمليات، يضاف الى ذلك المسار الجغرافي الذي تسلكه مثل هذه العمليات، اذ اصبح خارج السيطرة الامنية للكيان، بحيث تسلك عمليات التهريب مسارا من سيناء الى الحدود المصرية مع الاحتلال الى النقب، ومنها الأردن، وهذا مسار تهريبي نشطت فيها عصابات التهريب من سيناء الى الاراضي المحتلة.
وبين ابو زيد ان رواية الكيان الاعلامية في هذا الجانب، تحتشد بالكذب والزيف، فالحدود الأردنية منضبطة، بينما الانفلات الامني يأتي من داخل حدود الكيان، والمؤشر على ذلك، ان من يضبط الطائرات المسيرة المحملة بالمخدرات هي الأردن، وليس الكيان، مؤكدا ان هذه العمليات التهريبية للمخدرات، تندرج في اطار التوجيه الامني للاحتلال، بإغراق الأردن بالمخدرات، لتكون ممرا الى دول الخليج العربي، وليس فقط الى الداخل الأردني.
وكذلك الأمر بالنسبة للخبير الأمني والعسكري د. عمر الرداد الذي قال إنه ربما يكون مفهوما ان يستهدف الأردن بإغراقه بالمخدرات من مليشيات إيرانية، كانت تسيطر على مناطق الحدود الأردنية السورية، في إطار مشروع سياسي وامني إيراني، تعاونت معه اوساط في القيادة السورية السابقة، وقدمت له دعما بمستويات مختلفة، لكن ان تفتح جبهة على الأردن بالعنوان نفسه من حدوده الغربية في مناطق وادي عربة، لتتكثف عمليات تهريب المخدرات من الكيان للأردن، وعبر طائرات مسيرة، يطرح تساؤلات عميقة، حول ما اذا كانت شبكات المخدرات تعمل بتسهيل وتواطؤ من سلطات الاحتلال، في ظل موقف سياسي معروف لقيادة حكومته اليمينية المتطرفة، والتي تمارس ضغوطات على الأردن، جراء مواقفها من الحرب على غزة، مؤكدا ان هناك تقديرات أردنية مفادها بأن هذه العمليات، غير بعيدة عن اوساط في داخل الكيان المحتل تستهدف تشتشت جهود الأردن في التصدي لجرائمه في قطاع غزة والضفة الغربية، في المحافل الدولية والاممية.

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة