الاحتلال يدمر برجًا يضم مقر الجزيرة ووسائل إعلام عالمية في “غزة”
استهدفت طائرات الاحتلال برج الجلاء الذي يضم مقرّ شبكة الجزيرة في غزة بسلسة غارات أدّت إلى انهياره بالكامل، في حين قتل إسرائيلي وأصيب العشرات في قصف للمقاومة برشقات صاروخية استهدفت تل أبيب وضواحيها ردًّا على مجزرة ارتكبها الاحتلال صباح اليوم السبت في مخيم الشاطئ بغزة أسفرت عن وقوع شهداء عدة.
وقبيل قصف برج الجلاء -الذي يضم أيضا من بين وسائل الإعلام وكالة “أسوشيتد برس” (Associated Press) الأميركية- رفض ضابط مخابرات إسرائيلي السماح للموظفين في البرج بالعودة إلى إخراج بعض مقتنياتهم وأدوات العمل الإعلامية، إذ أمهلهم الضابط في اتصال هاتفي بضع دقائق. وكان البرج -وهو من بين الأقدم في القطاع- يضم 60 شقة، تقطن فيها أسر، وتعمل فيه فئات مهنية من المحامين والأطباء وغيرهم.
وقال رئيس شبكة الصحافة الأخلاقية الدولية آيدن وايت إن استهداف إسرائيل مكاتب صحفية دولية في غزة يرقى إلى جريمة حرب تستحق المساءلة.
وفي أول تعليق للمقاومة على تدمير البرج، قال أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام -الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- إن على “سكان تل أبيب والمركز أن يقفوا على قدم واحدة، وأن ينتظروا ردّنا المزلزل”، وكانت القسام قالت قبل قليل إنها جهزت نفسها لقصف تل أبيب 6 أشهر متواصلة.
كما قالت سرايا القدس في بيان إن “العدو يرتكب حماقة سيدفع ثمنها غاليا باستمرار عدوانه وهدم المباني والأبراج المدنية”.
بالمقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه كانت توجد في مبنى الجلاء مكاتب إعلامية مدنية “تتستر من ورائها حماس وتستخدمها دروعا بشرية”.
تل أبيب وضواحيها
من جهة أخرى، أكدت مصادر طبية إسرائيلية سقوط قتيل و46 جريحا إسرائيليا في مناطق متفرقة، منذ منتصف الليل وحتى ظهر اليوم السبت، وذلك جراء بسبب صواريخ فصائل المقاومة.
وقال مراسل الجزيرة في عسقلان -إلياس كرام- إنه شاهد رشقات صاروخية متتالية وجهتها فصائل المقاومة في غزة نحو تل أبيب وضواحيها الجنوبية والشرقية والشمالية، كذلك سقطت بعض الصواريخ على مطار بن غوريون وريشون لتسيون، وخلّف قصف المقاومة قتيلا وكثيرا من الجرحى في مدينة رمان غان الواقعة شرقي تل أبيب، فضلا عن دمار واسع ببعض المباني.
وذكر المراسل أن استهداف المقاومة مناطق شرقي تل أبيب يعني استمرار إغلاق منشآت إسرائيلية حيوية مثل مطار بن غوريون الدولي المعطل، وكذلك يعني أن فصائل المقاومة لا تطلق الصواريخ بطريقة عبثية، وإنما توجهها إلى أهداف محددة.
ورصدت كاميرا الجزيرة الأوضاع في وسط تل أبيب عقب إسقاط صواريخ من قطاع غزة على المدينة، حيث بدت الشوارع شبه خالية. وذلك بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي أن على سكان تل أبيب الدخول إلى الملاجئ والبقاء فيها حتى إشعار آخر.
وقالت كتائب القسام إن “قصف شارع هرتزل في ذكرى النكبة يحمل رسالة قوية وضربة للعدو وكيانه وسيادته”.
وأصابت صواريخ المقاومة هذا الصباح مستوطنة إسرائيلية في الضفة قرب مدينة نابلس، ومنطقة قرب مدينة الطيبة العربية، وأضاف المراسل أن سكان المدينة خرجوا إلى الشوارع فرحا بوصول صواريخ المقاومة إلى مناطقهم.
كذلك بلغت صواريخ أخرى المناطق الجنوبية لمدينة عسقلان فضلا عن مدينة أسدود، وركزت المقاومة على ضرب بلدات غلاف غزة في الساعات الـ24 الماضية بالهاون والصواريخ قصيرة المدى، فضلا عن استهداف تجمع الدبابات الإسرائيلية الموجودة عند تخوم القطاع.
وعقب استهداف كتائب القسام تل أبيب وضواحيها، ردّت المدفعية الإسرائيلية على الفور بقصف مواقع داخل قطاع غزة، وقال جيش الاحتلال إنه استهدف 20 منصة صاروخية في قطاع غزة خلال الساعات الأخيرة.
مجزرة مخيم الشاطئ
وكانت وزارة الصحة في غزة قالت في وقت سابق اليوم السبت إن 10 شهداء -بينهم 8 أطفال وسيدتان- انتشلوا من منزل بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، في حين لا تزال فرق الدفاع المدني تعمل على إزالة الركام للبحث عن مزيد من الجثامين.
وكانت الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت المنزل المكون من 3 طوابق بصواريخ عدة وسوّته بالأرض على رؤوس ساكنيه.
وأفاد شهود عيان بأن منزل عائلة أبو حطب قصف بـ3 صواريخ دون سابق إنذار ولا صواريخ تحذيرية لإخلائه كما جرت العادة، وأدى القصف إلى تدميره بالكامل على رؤوس قاطنيه.
ناج وحيد
وقال يوسف أبو الريش وكيل وزارة الصحة بغزة إن الناجي الوحيد من مجزرة الشاطئ هو طفل رضيع لم يتجاوز شهرين، وأضاف أبو الريش -في تصريحات متلفزة- أن كلمة مجزرة لا تفي ما حدث بمخيم الشاطئ حقه.
وردًّا على مجزرة المخيم، أعلنت كتائب عز الدين القسام أنها قصفت مدينتي بئر السبع وأسدود برشقات صاروخية ردا على استهداف البيت الآمن في مخيم الشاطئ، وانتقامًا لشهداء مواجهات الضفة.
كذلك أعلنت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- أنها أطلقت ضربات مركزة بعشرات الصواريخ باتجاه مدينة سديروت، عقب قصف المنزل في مخيم الشاطئ.
وفي مساء اليوم، ذكر مراسل الجزيرة أن غارات إسرائيلية استهدفت منشأة رياضية وسط مدينة غزة، ومحطة لتحلية المياه شمالي المدينة، كما استهدفت منزل القيادي في حركة حماس خليل الحية شرق المدينة.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي إسقاط طائرة مسيرة كانت في طريقها إلى إسرائيل من غزة، ومقتل اثنين من مشغليها.
وقد قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية عددا من المناطق في قطاع غزة خلال ساعات الفجر وصباح اليوم، واستهدف القصف منزلا في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، ومجمع أنصار الحكومي غرب غزة، كذلك كثف الاحتلال قصفه بالمدفعية والدبابات صباح اليوم على المنطقة الشرقية لمدينتي غزة وخان يونس.
واستهدف القصف الإسرائيلي أيضا مناطق جباليا شمالي القطاع، وذكرت وكالة الأناضول أن 4 فلسطينيين استشهدوا في القصف الإسرائيلي على جباليا.
وقالت وزارة الداخلية في غزة إن طائرات الاحتلال قصفت مساء الجمعة مقرّ قيادة وزارة الداخلية والأمن الوطني في مجمع أنصار، وأدى ذلك إلى تدميره بالكامل وإلحاق أضرار كبيرة بعدد من المقار الحكومية المجاورة.
وقالت مراسلة الجزيرة في غزة -هبة عكيلة- إن الاحتلال استهدف بناية سكنية في منطقة تل الهوى، وتضررت بنايات مجاورة جراء القصف، كذلك قصف الطيران الإسرائيلي شققا سكنية في شمال مدينة غزة.
30 صاروخا
وأوردت المراسلة أن الجيش الإسرائيلي قصف منطقة تل قلبيو شمال القطاع بـ30 صاروخا على نحو متتابع قبل فجر اليوم، تسبب في تدمير مسجد بالكامل والمنازل المحيطة به، وقد سقط في هذا القصف 3 شهداء وكثير من المصابين، ولم يسبق القصف أي تحذير إسرائيلي لسكان المنطقة.
وقالت المراسلة إن سكان غزة الذين يفقدون منازلهم جراء القصف يلجؤون إلى منازل الأقارب أو الأصدقاء، وبعضهم يبقى في حدائق المستشفيات أو بجوار ذويه المصابين داخل المستشفيات.
وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة أنها تقوم وبوجه عاجل بتحويل المدارس المجهزة لديها لتكون ملاجئ للفلسطينيين الذين توجهوا إليها بحثًا عن مأوى وملاذ آمن، جراء القصف الإسرائيلي العنيف الذي أصاب منازلهم.
وأشارت الأونروا إلى أنها لم تتمكن بعد من تفعيل إجراءاتها كاملة، جراء القيود المفروضة على حركة الموظفين بسبب القصف العنيف على قطاع غزة.
وتسببت الغارات الإسرائيلية في انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة في محيط الأماكن المستهدفة في غزة، وأعلنت شركة كهرباء غزة تعطل 8 خطوط كهرباء رئيسة من أصل 10 بسبب القصف، وحذرت الشركة من انهيار القطاعات الحيوية والصحية نتيجة النقص الحادّ في الطاقة.
وأضافت شركة كهرباء غزة أن إمدادات الكهرباء للقطاع مرشحة للتوقف التام، داعية جميع الأطراف للضغط على الاحتلال لتشغيلها.
صواريخ المقاومة
من جهة أخرى، قالت كتائب القسام إنها قصفت مدينة أسدود بالصواريخ فجر اليوم، وأوضحت أن ذلك يأتي انتقاما للضحايا في الضفة المحتلة وردًّا على استهداف المدنيين شمالي غزة.
وفي وقت سابق قصفت القسام مدينة بئر السبع بالصواريخ ردًّا على الأحداث في الضفة الغربية. وقالت سرايا القدس إنها قصفت بالصواريخ اليوم عسقلان وسديروت ونتيفوت وياد مردخاي ونحال العوز وإيرز وكرميا.
وذكر مراسل الجزيرة أن صفارات الإنذار دوّت اليوم في منطقة النقب الغربي المتاخمة لقطاع غزة.
كما قالت سرايا القدس إنها قصفت موقع كرم أبو سالم العسكري بعدد من قدائف الهاون وصواريخ بدر-1.
وذكر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن نحو 200 قذيفـة صاروخية أطلقت من غزة منذ السابعة مساء أمس الجمعة وحتى السابعة صباح اليوم، وقال أفيخاي أدرعي -في تغريدة- إن الطائرات الحربية الإسرائيلية أغارت على فتحة نفق تابع لحماس، يضم عتادا عسكريا، وتقع الفتحة قرب روضة أطفال ومسجد وفق وصفه.
كذلك قال أفيف كوخافي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إن الضربات التي شنّتها إسرائيل ألحقت ضررا كبيرا بمنظومة تصنيع الصواريخ لدى حركتي حماس والجهاد، وسيتطلب الأمر منهما وقتا طويلا لإعادة بنائها.
وبث جيش الاحتلال مقاطع فيديو عبر حسابه في تويتر قال إنها لعملية استهداف راجمات صواريخ في قطاع غزة الليلة الماضية، وأشار إلى أن تلك الراجمات كانت تستهدف مواقع إسرائيلية في القدس المحتلة.
يشار إلى أن التصعيد الأمني والميداني في قطاع غزة مستمر منذ الاثنين الماضي، حيث قصفت فصائل المقاومة مدنا وبلدات إسرائيلية ردًّا على شنّ الجيش الإسرائيلي غارات واسعة على جميع مناطق القطاع، وترد الفصائل الفلسطينية بإطلاق الصواريخ بكثافة على عدد من المدن داخل إسرائيل.
ومنذ 13 أبريل/نيسان الماضي تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية جراء اعتداءات وحشية ترتكبها الشرطة الإسرائيلية ومستوطنون في القدس والمسجد الأقصى ومحيطه وحي الشيخ جراح، إثر مساع إسرائيلية لإخلاء 12 منزلا من عائلات فلسطينية وتسليمها لمستوطنين.
التعليقات مغلقة.