الاحتلال يطرد 13 ألف فلسطيني من القدس لتهويدها
سلب الاحتلال الإسرائيلي “حق” زهاء 13 ألف فلسطيني بوجودهم في القدس المحتلة، بطردهم من مدينتهم والتضييق على معيشتهم فيها وإجبارهم على الرحيل منها لأنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك في إطار سياسة تهويد المدينة، وإحكام السيطرة على المسجد الأقصى المبارك، الذي شهد أمس اشتباكات عنيفة نتيجة تصدي المصلين لاقتحامات المستوطنين الخطيرة لباحاته.
وحرمت سلطات الاحتلال آلاف الفلسطينيين من السكن في مدينتهم المقدسيّة، أسوة بما فعلت مؤخراً مع الأسير المقدسي، صلاح الحموري، الذي أبعدته وطردته إلى فرنسا، وسحبت هويته وحرمته من حق المعيشة في وطنه، بعد 9 أشهر من اعتقاله إداريا، بما يشكل رسالة ردع وقهر للمقدسيين المُتصدين للعدوان الإسرائيلي تحت طائلة الحرمان من مدينتهم.
وتهدف سلطات الاحتلال، من انتهاكاتها المستمرة بحق المقدسيين، إلى تفريغ القدس المحتلة من سكانها الأصليين، من خلال تخفيض عدد الفلسطينيين، عبر تجريدهم الإقامة وطردهم ومعاملتهم كمهاجرين وليسوا سكان المدينة الأصليين، مقابل زيادة عدد المستوطنين، وقمع الغضب المقدسي حيال سياستهم العنصرية والعدوانية، فضلاً عن محاولات تهويد المدينة وطمس معالمها وإخضاعها للسيطرة الإسرائيلية.
وتعكس سياسة الاحتلال، طبقاً لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، افتقاراً إسرائيلياً “للأمان السياسي وألأمني” في القدس المحتلة، والذي تفتقده قوات الاحتلال رغم قوتها العسكرية الضارّبة أمام صمود الشعب الفلسطيني وثبات صلابتهم وتمسّكهم بمدينتهم ورفضهم مغادرتها.
وعلى وقع مطالبة السلطة الفلسطينية بنشر قوات مراقبة أمميّة بالضفة الغربية؛ فقد رفعت سلطات الاحتلال حالة التأهب الأمني في القدس المحتلة، أمس، لقمّع تحرك الفلسطينيين ضد اقتحام عشرات المستوطنين “للأقصى” للاحتفاء بما يسمى “عيد الأنوار”، “الحانوكا”، وسط حماية أمنية مشددة من قوات الاحتلال ودعوات فلسطينية للاحتشاد والنفير العام في المسجد.
واحتشد العشرات من الفلسطينيين داخل المسجد الأقصى، رغم قيود الاحتلال، حيث صدحوا بالتكبيرات، وسط محاولات للتشويش على اقتحامات المستوطنين، وذلك بهدف التصدي لعدوانهم والدفاع عن “الأقصى” وحمايته.
ونشرت قوات الاحتلال المزيد من عناصرها في القدس، وبقية أنحاء الضفة الغربية، خشيّة تنفيذ عمليات فلسطينية ضد أهداف إسرائيلية، في ظل تصاعد انتهاكات المستوطنين ضدّ “الأقصى”، ومنعت أهالي المدينة من دخول المسجد الأقصى لأداء الصلاة في رحابه، تمهيداً لتأمين اقتحامات المستوطنين، كما نشرت الحواجز العسكرية في الأحياء وعند الطرقات المؤدية لأبواب “الأقصى”.
وفرضت قوات الاحتلال قيودا على دخول المصلين للمسجد، كما منعت الشبان والسيدات الفلسطينيين، ممن تقل أعمارهم عن 50 عاماً، الدخول إلى “الأقصى” لأداء الصلاة، مقابل السماح لمجموعات المستوطنين بتنفيذ اقتحامات جماعية لباحاته، من جهة “باب المغاربة”، بحراسة أمنية مشددة من قوات الاحتلال، وفق دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة.
وأفادت “الأوقاف الإسلامية”، أن عشرات المستوطنين نفذوا الجولات الاستفزازية وقاموا بأداء الطقوس والصلوات التلمودية وتلقي الشروحات المُزيّفة عن “الهيكل” المزعوم، فيما توافدت مجموعات منهم إلى ساحة البراق لأداء الصلوات والمشاركة باضاءة “شمعدان العيد” الموجود في المكان.
في حين واصلت ما يسمى جماعات “الهيكل”، المزعوم، دعواتها لحشد أنصارها لتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى، لإحياء مناسبة عيد “الأنوار” المزعوم، الذي يستمر حتى السادس والعشرين من الشهر الجاري.
وتستغل حكومة الاحتلال، الأعياد اليهودية المزعومة بهدف التصعيد في مدينة القدس، عبر تبرير الاقتحامات وإغلاق منافذ المدينة المقدسة وعزلها عن محيطها وتحويلها إلى ثكنة عسكرية ومنع دخول أبناء الشعب الفلسطيني لها، وقمع المصلين والاعتداء عليهم، وتوفير الحماية الكاملة للمستوطنين لاستباحة المكان، وفرض وجودهم داخل المسجد.
وقد حذّر الفلسطينيون من المخاطر التي تتهدد المسجد الأقصى في ظل تزايد الانتهاكات فيه خلال الأعياد اليهودية المزعومة، مشددين على ضرورة الاحتشاد والتصدي لكافة مخططات الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد المتحدث باسم حركة “حماس”، محمد حمادة، أن القدس هي عنوان مُقدس ووطني للشعب الفلسطيني، وسيبقى يدافع عنها لإفشال مخططات الاحتلال، داعياً لتكثيف الرباط فيه، لصد كل محاولات الاحتلال لفرض وقائع جديدة.
وأوضح أن سلوك الاحتلال العدواني تجاه الشعب الفلسطيني والمقدسات لم يتغير بتغير الحكومات الصهيونية، مؤكداً التمسك الفلسطيني بمقاومة ومواجهة عدوان الاحتلال المتواصل بحق الشعب الفلسطيني.
واعتبرت حركة “حماس” أن الاحتلال الإسرائيلي، والجماعات المتطرفة، تتخذ من الأعياد اليهودية عدوانا على المسجد الأقصى ومحاولات لتمرير مخطط تقسيمه، مؤكدة أن “الاقتحام المتكرر للمسجد الأقصى لن يغير من الواقع شيئا أو يمنح الاحتلال فرض السيطرة عليه وسيفشل في تمرير مخططاته”.
ودعت لتكثيف الرباط في ساحات المسجد الأقصى و”شد الرحال إليه” والتصدي لاقتحامات المستوطنين لحماية “الأقصى” والدفاع عنه.
جاء ذلك على وقع مطلب رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، طواقم الأمم المتحدة المتواجدة في فلسطين نشر دوريات مراقبة على الطرقات وفي مناطق الاستهداف، لرصد تصرفات جيش الاحتلال والمستوطنين، وتوثيقها لغرض محاكمتهم.
وأشار اشتية، في تصريح أمس، إلى الإعدامات الميدانية وتصاعد إرهاب جنود الاحتلال والمستوطنين والتي كان آخرها الدهس المتعمد للشقيقين محمد ومهند مطير.
ولفت إلى أن “الأمم المتحدة لديها أكثر من 400 مركبة، وألف موظف، ويمكن تدريبهم لرصد تصرفات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين تمهيدًا لمحاكمتهم”، كما قال.
وندد اشتية بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بتشكيل الحكومة المقبلة، “بنيامين نتنياهو، المناهضّة للحقوق الفلسطينية والتي تمس بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، والذي يعد حقاً غير قابل للمصادرة أو التصرف، حيث جاء بالتضحيات الجسام وأقرته القوانين الدولية، مؤكداً تمسك الشعب الفلسطيني بنضاله حتى ينال حقوقه كاملة.
نادية سعد الدين/ الغد
التعليقات مغلقة.