الاحتلال يغلق أحياء بالقدس ويحاصر سكانها
شرع الاحتلال الإسرائيلي، أمس، في تنفيذ سلسلة “عقوباته الجماعية” ضد المقدسيين بهدم عدد من المنشآت الفلسطينية، ضمن 14 منزلا مقدسيا مُهددا بالهدم في المرحلة الأولى، بما يؤدي إلى تهجير عشرات، إن لم يكن مئات، العائلات المقدسيّة، في إطار سياسة تهويد القدس المحتلة وتغيير معالمها وتفريغها من سكانها لصالح تكثيف إحلال المستوطنين مكانهم.
وأمام طغيان التيار اليميني الإسرائيلي المتطرف؛ أغلقت قوات الاحتلال أحياء فلسطينية كاملة في القدس المحتلة وشددت من حصار سكانها، وسط مطالب وزراء يمينيين في حكومة “بنيامين نتنياهو” بفرض طوق أمني محكم حولها لقمع الغضب الفلسطيني العارم، بخلاف رأي أوساط أمنية إسرائيلية تحذر من “الإغلاق” خشية “اندلاع حريق أوسع نطاقا”، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.
وما تزال أجواء التوتر والاحتقان تعمّ المدينة، وأنحاء الضفة الغربية، وسط نشر الاحتلال قوات إضافية وتعزيز إجراءاته الأمنية والعسكرية المُشددة لقمّع الغضب الفلسطيني العارّم، خشيّة تنفيذ عمليات فلسطينية جديدة ضد أهداف إسرائيلية رداً على جرائم الاحتلال.
وعلى وقع مطالب الفلسطينيين بمواجهة عدوان الاحتلال أثناء تشييع جثمان الشاب الشهيد الذي ارتقى بنيرانه؛ فمن غير المستبعد تعليق الآمال العريضة لمساعي وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، خلال زيارته الحالية إلى فلسطين المحتلة واجتماعه مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بوقف التصعيد، في ظل التوتر الأمني القائم والذي لا يخدم تحركه كثيراً.
وتنتظر حكومة الاحتلال انتهاء زيارة “بلينكين” من أجل بدء تنفيذ مخطط استيطاني ضخّم في القدس المحتلة، لإقامة مستوطنات في منطقة “E1” بين القدس ومستوطنة “معاليه أدوميم” الإسرائيلية الجاثمة فوق أراضي المدينة المحتلة.
ويبدو أن حكومة الاحتلال لن تتسرع في مناقشة خطوات تعزيز الاستيطان خلال زيارة المسؤول الأمريكي خشيّة الصاق تهمة التصعيد بها، بما يجعلها تتريث إلى حين مغادرته المنطقة للبدء في مخططها الاستيطاني الضخّم، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” ألإسرائيلية.
ويدفع غلاة المستوطنين لإقامة ما يسمى “حيّ عطروت” الاستيطاني في القدس المحتلة، يضم قرابة 9 آلاف وحدة استيطانية، بالإضافة إلى تعزيز البناء في “E1″، بما يستهدف فصل المدينة عن محيطها الفلسطيني بالكامل.
كما بدأت حكومة الاحتلال بتنفيذ سلسلة القرارات الانتقامية التي اتخذها ما يسمى المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغّر “الكابينيت”، بتنفيذ مخطط لهدم 14 منزلاً في مدينة القدس المحتلة بحجة “عدم الترخيص”.
واستخدمت قوات الاحتلال نفس الذريعة، أمس، لهدم منزل مُشيّد منذ 15 عاماً في “جبل المكبر”، بما أسفر عن طرد أفراد عائلتين مقدسيتيّن من سكانه، كما هدّمت، تحت نفس المزاعم؛ منشأة تجارية فلسطينية وسوراً استناديًّا وجرّفت أرضاً في مدينة القدس المحتلة.
غير أن أوساط سياسية وأمنية إسرائيلية تحذر من “اشتعال الميدان، نحو اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة في حال قرر “الكابينيت” تنفيذ عملية عسكرية كبرى بمدن الضفة الغربية، بحيث قد يصعب معها احتواء تداعياتها القاتمة”، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
واعتبرت الصحيفة نفسها أن “التحدي الكبير الذي يقف أمام “نتنياهو” في الفترة القريبة، يتمثل في وقف التصعيد المتفاقم في الأراضي الفلسطينية المحتلة بسبب عدد الشهداء الكبير برصاص قوات الاحتلال، فيما قد يصل التوتر الأمني إلى ذروته خلال “شهر رمضان المبارك” القريب، بحيث لا تنقص أعواد ثقاب من شأنها أن تشعل ناراً كبرى”، بحسب تعبيرها.
وحذرت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى، مثل صحيفة “معاريف”، من أن “التصعيد الكبير في الساحة الفلسطينية، من شأنه أن يمس بمصالح إسرائيلية أكبر بكثير في هذا الوقت، ولا سيما في مسألة إيران وتوثيق التحالفات في العالم، بينما لايخدم اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة تلك المصالح، بما يحتم على حكومة “نتنياهو” أن تمنع تطور الأوضاع نحو ذلك الحد”، وفق قولها.
وفي الأثناء؛ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد الشاب “نسيم نايف أبو فودة” (26 عاماً) متأثراً بإصابته برصاص في الرأس أطلقها عليه جنود الاحتلال في مدينة الخليل، بالضفة الغربية، بما يرفع عدد الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا برصاص الاحتلال منذ بداية العام الحالي إلى 35 شهيداً، بينهم 8 أطفال وسيدة مسّنة، بينما سجلت محافظة جنين العدد ألأكبر من الشهداء بواقع 20 شهيداً فلسطينياً.
وأفادت “الصحة الفلسطينية” بأن قوات الاحتلال المتواجدة على الحاجز العسكري الواقع جنوب الحرم الإبراهيمي، اطلقت الرصاص الحي صوب مركبة الشاب “أبو فودة”، مما أدى لإصابته برصاصة في الرأس، نقل على إثرها الى المستشفى في المدينة، ووصفت حالته الصحية بالخطيرة ومن ثم تم الإعلان عن استشهاده.
نادية سعد الدين / الغد
التعليقات مغلقة.