البركة//د فخري النصر
البركة : هي النماء والزيادة وثبوت الخير وادامته , فإنها إذا حلت في القليل كثرته، وإذا حلت في الكثير نفع به قال تعالى : ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ الأعراف: 96 . والبركة حقيقتها الثبوت واللزوم والاستقرار والنماء وهي تفيد من حولها ، وهناك التبريك بالدعاء ويقال : باركه الله , وبارك فيه، وبارك عليه، وبارك له قال تعالى : ﴿ تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ﴾ الأنبياء: 81 وقال تعالى: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ﴾] الأنعام: 92] . واذا نظرنا حولنا نجد ان البركة ظاهرة في احوال بعض الاصدقاء الاتقياء , فتجد فمنهم الرجل الصديق التقي الامين الورع صاحب الخلق الرفيع , الذي دخله المادي محدود, والراتب القليل الثابت , فتجد البركة في ماله وعياله وحياته ونفسيته ومن حوله , فلا اعطال تصيبه في ماله او سيارته او بيتة او تجارته , فلا ينفق المال الكثير في العلاج والاصلاح البيتي , ولا يدفع نفقات عالية على معيشته , فهو مستقر الحال لا يطلبه الدائنون , ومبارك له في دينه ودنياه وصحته وعياله , فهو مستقر في الحياه الزوجية والعائلية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية , ويطيع الله يودي الفرائض والنوافل ويساعد الاخرين ويقدم الخير للجميع , فلا يحسد ولا يغتاب ولا يكره. وفي الطرف الاخر تجد الرجل ذو المال الكثير والمنصب الكبير والعيال الكثر, لكنه قليل البركة كثير الامراض , كثير التذمر والشكوى والعتب على الناس , متعب نفسيا وماديا وصحيا وجسديا , كثير السهر مع التفكير والنكد ليلا , محمل بالأمراض النفسية والجسدية , كثير المشاكل والمصادمات , متوتر عائليا ونفسا واجتماعيا , لا يودي الواجبات الدينية والفروض , وان ادائها تكون ناقصة امام الناس فقط , عن أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: “إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ تَعَالَى: “يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا”، وَقَالَ تَعَالَى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ” ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ! يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟”.
كيف نزيد البركة في بيوتنا ؟
– قراءة وتدبر القرآن الكريم : يقول الله تبارك وتعالى: {وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ }الأنعام92، فالقرآن جعله الله بركة من خلال إتباع تعاليمه وقراءته وتحكيمه والتداوي به، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البيت الذي يذكر فيه القرآن تسكنه الملائكة، وتهجره الشياطين، ويتسع بأهله ويكثر خيرًا. – التقوى والإيمان بالله: والتقوى بأن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله. يقول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } الأعراف96. -الدعاء واقامة الصلاة : فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطلب البركة في أمور كثيرة، فقد علمنا أن ندعو للمتزوج فنقول: « بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير » وكذلك الدعاء لمن أطعمنا: « اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم ، وارحمهم » ,وإقامة الصلاة: يقول الله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } طـه:132. – الصدق في القول والمعاملة من بيع وشراء والتبكير في طلب الرزق : قال صلى الله عليه وسلم : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما , والتبكير في طلب الرزق وانجاز الأعمال في أول النهار : فقد دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة في ذلك :: « اللهم بارك لأمتي في بكورها » – الاجتماع على الطعام والبسملة : كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: كلوا جميعًا ولا تفرقوا فإن البركة في الجماعة, فطعام الواحد يكفي لاثنين وطعام الاثنين يكفي الثلاثة والأربعة , و قوله صلى الله عليه وسلم : « البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من حافتيه، ولا تأكلوا من وسطه » والبسملة ضرورية في بداية الطعام : يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ولا عشاء, إذًا فذكر الله والبسملة لا بد أن يبدأ بهما الإنسان في كل شيء حتى عند جماع الزوجة يقول: اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا, فإذا رزق بمولود في تلك الليلة بارك الله له فيه لأن أي عمل لا يبدأ باسم الله فهو أبتر أي مقطوع البركة. – السحور وماء زمزم : كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: تسحروا فإن في السحور بركة والمراد في البركة الأجر والثواب، ولكي يكون الإنسان مرتاحًا في الصوم., وشرب ماء زمزم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ماء زمزم مباركة إنها طعام طعم وشفاء سقم. -ليلة القدر والعيدان : يقول الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ }الدخان3, ويعني ليلة القدر، فهي خير من ألف شهر. {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ }القدر3,والعيدان: عيد الاضحى وعيد الفطر هما يومان باركهم الله سبحانه وتعالى . – المال الحلال والبعد عن المال الحرام وكثرة الشكر : فالله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، يقول سهل رحمه الله في آكل الحرام: عصت جوارحه شاء أم أبى، ومن أكل الحلال أطاعت جوارحه ووفقت للخيرات , والبعد عن المال الحرام بشتى أشكاله وصوره فإنه لا بركة فيه ولا بقاء قال تعالى :{ يمحق الله الربا ويربي الصدقات } البقرة:276] مع كثرة الشكر والحمد لله تعالى على النعم التي لا تعد ولا حصى قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }إبراهيم7 . -الصدقة والبر وصلة الرحم : كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: صدقة السر تطفئ غضب الرب ,ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمرن الديار ويزدن في الأعمار, والإنفاق والصدقة؛ فإنها مجلبة للرزق كما قال تعالى : { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه } [سبأ:39]. -الزواج: يعتبر الزواج من الوسائل الجالبة للبركة على الزوج والزوجة كما يقول الله تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }النور32 -حسن التوكل على الله والاستغفار قال تعالى : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } الطلاق:3 وقال صلى الله عليه وسلم : « لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا » ,والاستغفار ضروري ومهم لكل مسلم يعتبر مصدرا للبركة كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب. قول تعالى : { فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ، يرسل السماء عليكم مدرارا ، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا } نوح:10-12. -ترك سؤال الناس؛ قال صلى الله عليه وسلم : « من نزل به حاجة فأنزلها بالناس كان قمنا أن لا تسهل حاجته، ومن أنزلها بالله تعالى أتاه الله برزق عاجل أو بموت آجل »والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا