البلديات.. مديونيات مرتفعة ورؤساء بلا صلاحيات

قال خبراء في الشأن البلدي “إن بنود قانون الإدارة المحلية لا تلبي الطموحات، بل على العكس تسمح بتغول الوزارة على رؤساء البلديات”، مؤكدين “أن الصلاحيات كلها أصبحت بيد الوزير وحده، لا البلدية”.
وانتقدوا، في ندوة نظمتها مجالس “الغد”، وجود أكثر من 50 مادة في قانون الإدارة المحلية، تشترط موافقة وزير الإدارة المحلية، عند أي إجراء يقوم به مجلس أو رئيس البلدية، الأمر الذي يجعل رؤساء البلديات عبارة عن رؤساء وحدة تتبع الوزارة.
وأضاف هؤلاء الخبراء، أن الحكومات غير مقتنعة بأن البلديات هي الخلايا الأولية للتنمية، مشيرين إلى أن مجالس البلديات والمحافظات الحالية، لا علاقة لها باللامركزية؛ إذ فقدت السمة الرئيسة لها، والمتمثلة بأنها مؤسسات أهلية مستقلة ماليًا وإداريًا بموجب القانون.
وأشاروا إلى أن “ثقة المواطن في البلديات، سواء فيما تقدمه من خدمات أو تعزيز عملية التنمية، باتت معدومة”، مشددين على أن المواطن أصبح ينظر للبلديات على “أنها ممثل الحكومة في الجباية، إذ بات مقتنعًا بأن ما يدفعه من رسوم وبدل مسقفات لا تعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه المحلي من نظافة وإنارة”.
وأكدوا أهمية تعديل النظام الانتخابي للبلديات، والاعتماد على القوائم النسبية، مطالبين بضرورة إيجاد قانون للانتخابات يتناسب ومتطلبات النظام السياسي، موضحين “أن قانون النسبية يضمن تمثيلا أوسع للقطاعات الاجتماعية والسياسية، والإثنية كذلك”. كما دعوا في الوقت نفسه إلى ضرورة عدم اللجوء إلى الإقصاء المباشر الفج، الذي يسهم بتوليد احتقانات.
وفيما يتعلق بالتضخم الحاصل بأعداد موظفي البلديات، وخصوصًا منذ العام 1995 وحتى الآن، أرجع الخبراء أسباب ذلك إلى قرارات وزراء البلديات، المتمثلة بإلغاء عدد من مجالس الخدمات المشتركة، وإحالة العاملين فيها للعمل في البلديات، الذين تجاوزت أعدادهم الآلاف.
وأكدوا أن الأمر لا يقتصر على ذلك، فالضغوطات التي تمارس على البلديات من الحكومات وبعض النواب، كانت سببًا وراء تعيين أعداد كبيرة من الموظفين، مشيرين إلى أن “ملف التعيينات يعد أحد أشكال التغول من الحكومة المركزية على البلديات”.
وفيما أكدوا أهمية منح البلديات أداة تنفيذية قوية مثل إنشاء ما يسمى بشرطة البلدية تقوم بتنفيذ القوانين، واتخاذ الإجراءات بحق المخالفين، أوضحوا أن هنالك ضرورة لتفعيل الأذرع الاستثمارية للبلديات، ومنحها القوة، التي ستنعكس نتائجها على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، وأن تتمتع بالدور التنموي الحقيقي على أرض الواقع.
إلى ذلك، تحدث عضو مجلس الأعيان، الدكتور خالد البكار، عن أهمية ودور البلديات في “ترجمة أي نمو حاصل في الاقتصاد على التنمية، والذي لا بد أن يشعر المواطن بأثره من خلال تحقيق التنمية المنشودة عبر البلديات التي تعد اللاعب الرئيس في العملية التنموية”.
وقال “في حال لم يتحسن وضع البلديات لتقوم بذلك الدور التنموي، فلن يستطيع أحد القيام به لا الحكومة المركزية، ولا مؤسسات الدولة المختلفة”، مضيفًا “أن البلديات في تماس مباشر مع المواطن، لكونها تقدم مختلف أنواع الخدمات له”.
وأكد البكار “أنه إذا لم يطرأ عليها أي تحسن ملموس على تلك الخدمات، فإن المواطنين لن يلمسوا أي تطور في أرقام النمو الاقتصادي”.
وأشار في الوقت نفسه إلى وجود ثلاثة تحديات رئيسة تواجه البلديات حاليًا، أبرزها تلك المتعلقة بارتفاع نسب المديونية التي أثقلت كاهلها، والتي تجاوزت الـ350 مليون دينار.
وبين البكار “أن القروض المترتبة على البلديات وصلت لنحو 80 مليون دينار، إلا أن التوقعات تشير الى ارتفاعها”، مشيرًا إلى أن “هناك حوالي 180 مليون دينار مترتبة على البلديات، تحت بند الحساب المكشوف، الأمر الذي له تبعات سلبية على البلديات، لارتفاع الفوائد السنوية المترتبة عليها نتيجة ذلك، والتي تصل
لـ9 % سنويًا على كل حساب مكشوف”.
ولفت إلى أن التحدي الأول هو ذلك المتعلق بـ”المخصصات المالية المتأتية للبلديات بموجب بنود قانون الإدارة المحلية لا تصرف كاملة، حيث إن 50 % من عوائد المحروقات المخصصة لها، والتي تصل قيمتها لـ450 مليون دينار، لا يحول منها سوى 155 مليون دينار، أي ما نسبته 17-18 % من عوائد المحروقات”.
“أما التحدي الثاني فيكمن في التشريع؛ إذ يحوي قانون الإدارة المحلية أكثر من 50 مادة تشترط موافقة وزير الإدارة المحلية، لدى أي إجراء يقوم به مجلس أو رئيس البلدية”، حسب البكار الذي رأى أن ذلك “يمثل المركزية المطلقة للوزارة، إذ إن رؤساء البلديات أقرب ما يكونون رؤساء وحدات تابعة للوزارة”.
في حين حدد البكار التحدي الثالث، بـ”ضعف قدرات الموظفين، الذي يحد من قدرة البلديات على قيادة حراك تنموي في المملكة، مع عدم توفر التمويل اللازم، ومنحها الصلاحيات الواسعة للقيام بأدوارها”.
وأكد “أهمية توفير وحدات تنموية، وأخرى تختص بالشراكة مع القطاع الخاص في البلديات، ورفدها بالكوادر المؤهلة، للسير قدماً في التنمية المنشودة”، موضحًا “أن هذا الأمر يتطلب إعطاء البلديات الصلاحيات لاستقطاب هذه الكوادر، ومنح الأجور الشهرية التي تتواءم مع كفاءاتهم”.
ومن جهته، قال رئيس بلدية الكرك الكبرى، المهندس محمد المعايطة “في الأردن ليس هناك قناعة لدى الحكومات المتعاقبة بأن البلديات هي الخلايا الأولية للتنمية، وهي خط الدفاع الأول للوطن عبر تكريس الولاء، والانتماء لدى المواطنين، بل وتعزيز ثقتهم بأجهزة الدولة، باعتبارها جزءا من المؤسسات الحكومية”.
وشدد على أن “تمثيل المجالس البلدية لأدوارها الفعلية على أرض الواقع ودون تقييد، يتطلب ترسيخ محورين أساسيين، هما: الديمقراطية، واللامركزية”، قائلًا “إن الديمقراطية وما تتضمنه من حاكمية رشيدة ما تزال غير مطبقة بصورتها الفعلية، وكذلك الأمر بشأن ملف اللامركزية”.
وبين المعايطة “أن العمل البلدي بات يتراجع منذ أعوام، فالقانون الوحيد الذي منح هامشا من الصلاحيات والسلطات للبلديات، ورسخ جزءا من مفاهيم اللامركزية الحقيقية كان ذلك المطبق في العام 1955″، مؤكدًا أن “كل التعديلات التي طرأت على قوانين البلدية والإدارة المحلية، منذ ذلك الوقت ضيقت من صلاحيات البلديات، وابتعدت بنودها عن العمل بمبادئ اللامركزية”.
لذلك، فإن “مجالس البلديات والمحافظات الحالية، لا علاقة لها باللامركزية، فقد باتت عبارة عن دوائر تتبع لوزارة الإدارة المحلية، وفقدت السمة الرئيسة، والمتمثلة بأنها مؤسسات أهلية مستقلة ماليًا وإداريًا بموجب القانون”، وفق المعايطة الذي أكد “أهمية الإصلاح السياسي، الذي يسبق أي إصلاح آخر، أكان ماليًا أم تشريعيًا أم إداريًا، ما يتطلب إجراء تعديلات على قوانين الانتخابات النيابية والبلدية والحزبية، بغية ـتعزيز ثقة المواطن في مخرجات صناديق الاقتراع”.
وقال “إن هذه الخطوة ستعيد للمواطن ثقته مجدداً في البلديات، التي باتت مفقودة حالياً، وهو ما يدفع به لعدم إبداء أي نوع من التعاون معها”.
ولعل ما يعزز كذلك من تطور البلديات، حسب المعايطة “القوة التي يجب أن تتمتع بها الأحزاب السياسية، إذ إنه في الستينيات والسبعينيات كان هنالك أثر لهذه الأحزاب في البلديات وعملها”.
ويتوافق رئيس بلدية اليرموك، محمد الزعبي، مع سابقيه، في أن “ثقة المواطن في البلديات سواء فيما تقدمه من خدمات، أو تعزيز عملية التنمية، باتت معدومة”.
وشدد على أن “المواطنين ينظرون للبلديات على أنها الممثل للحكومة في الجباية، لذلك عند دعوتهم لدفع المسقفات أو الرسوم المختلفة المترتبة عليهم لصالح البلدية، فإنهم يعتقدون أنها ستعود لخزينة الدولة وليس لتنفيذ جملة من الخدمات المختلفة لهم مثل الإنارة، أو النظافة”.
وأكد الزعبي “أن البلديات تعد النواة الأولى للديمقراطية، والتطوير الإداري، والمفتاح للتنمية، في وقت تعاني فيه من ارتفاع حجم المديونية، مقابل انخفاض أرقام الموازنات المالية السنوية المخصصة لكل منها”.
واستند في رأيه إلى أن “الموازنة المالية السنوية لبلديته تقدر بنحو 1.2 مليون دينار، منها 920 ألف دينار تنفق على أجور العاملين فيها، وحوالي 250 ألفا مخصصة للإنارة”.
وأوضح الزعبي “أن تعزيز التنمية يعد حجر الأساس في استعادة ثقة المواطنين، خصوصًا لدى تنفيذ مشاريع استثمارية مستدامة، توفر فرص عمل لهم”، معربًا عن أسفه من أن “بلديته لا يخصص لها أي موازنات مالية لتنفيذ المشاريع الاستثمارية، لكونها توزع بناء على الأمزجة الشخصية للمسؤولين، وليس ضمن معايير واضحة ومحددة”.
وبخصوص الضغوطات الشعبية على رؤساء البلديات من قبل المواطنين بشأن التعيينات، قال الزعبي “إن هذا الأمر مرتبط بشخص رئيس البلدية في المقام الأول، وإن كان يرصخ لمثل هذه الضغوطات أم لا، بحيث هو وحده من يستطيع ضبط هذه العملية ضمن أسس عادلة”.
وبشأن قانون الإدارة المحلية، اعتبر الزعبي “بنوده الحالية لا تلبي الطموحات، بل تسمح بتغول الوزارة على رؤساء البلديات التي تحولت لوحدات تابعة لها، في ضوء أن الصلاحيات كلها بيد الوزير وحده لا البلدية”.
وبدوره، أوضح رئيس بلدية الزرقاء الكبرى، المهندس عماد المومني “أن وجود البلديات في الأردن سبق تأسيس الدولة، فقد كان لها دور كبير وأساسي في كل المجالات”، قائلًا “إنه في ظل ضعف الدولة العثمانية وتفككها كانت البلدية تقوم بدور الحكم المحلي الحقيقي”.
وأضاف “لكن ونتيجة للتعديلات المتعددة على القوانين، فإن أدوار البلديات التي تقوم بها في ذلك الوقت تم سحبها بشكل كامل، بل وأصبحت مقيدة أكثر من أي وقت مضى”.
وحول الوضع المالي للبلديات، أشار المومني إلى أن “عوائد المحروقات المخصصة للبلديات، التي ارتفعت نسبها من 8 % إلى 50 %، تعد من الروافد الأساسية لها للقيام بالأعمال المناطة بها”.
وأكد “لكن، وللأسف، فإن الحكومة لا تورد هذه النسبة الكاملة للبلديات، بل إن جزءا كبيرا منها ينفق على النفقات الجارية الخاصة بها وبدوائرها الرسمية، بينما المتبقي من تلك الحصة لا يحول إلا في أوقات متأخرة من العام”.
وقال المومني “إن ذلك يحدث إرباكا ماليا للبلديات، على الرغم من أن البلدية لها حق وفقا للقانون، لكنه يصل منقوصا وبشكل غير منتظم، وهذا ما يدفع البلدية للجوء إلى ما يسمى بالحساب الجاري المكشوف، الذي يشكل عبئًا مالياً عليها”.
ودعا المومني، الحكومة، إلى “اتخاذ الحلول الناجعة للتعامل مع مديونية البلديات والتخفيف من الأعباء المالية عليها، مثلما حدث في العام 2017 عندما سددت الحكومة المديونية، باستثناء تلك المترتبة على بلديتي إربد الكبرى والزرقاء الكبرى”.
كما دعا وزارة الإدارة المحلية للتعامل مع ملف مديونية البلديات بجدية، من خلال مجلس الوزراء، مع ضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتجميد الحسابات المكشوفة في كثير من البلديات، وتحصيل الفوائد المترتبة عليها نتيجة ذلك، لمنحها فرصة تنظيم أوضاعها، وتنفيذ مهامها الموكلة اليها”.
وأكد المومني “أن البلديات، وخلال جائحة كورونا، أثبتت أن لديها القدرة على القيام بالأدوار المساندة الكبيرة، ما يؤكد أن عمل البلدية يعد جزءًا أساسيًا من ترسيخ القضية الديمقراطية، ورفع سوية الخدمات، وتعزيز المسيرة التنموية في أنحاء المملكة”.
وشدد على ضرورة دعم الاستقلالية الكاملة للبلدية، بحيث يناط بوزارة الإدارة المحلية مهام الإشراف عليها وليس التدخل في صلاحياتها.
وبين في الوقت نفسه “أن نظام المشتريات الحالي للبلديات منحها القدرة على إعادة ترتيب أوضاعها بشكل أفضل من السابق وضمن خططها التنموية”.
ورأى المومني “أنه لا يوجد مصلحة لأي جهة كانت بأن تقزم من دور البلديات، إلا من لا يتمتع بأي أفق سياسي، وعلى العكس، فإن الأدوار التي تقوم بها البلدية لا بد من توسيعها لا تضييقها”.
وأشار إلى أنه من بين الأدوار المهمة للبلديات، “التصدي لقضية البطالة والتخفيف من نسبها، عبر منحها الصلاحيات الواسعة في عملها لتتمكن من خلال توفير فرص العمل في مختلف مناطق المملكة”.
وأكد المومني ضرورة أن “يعدل النظام الانتخابي للبلديات، والاعتماد على القوائم النسبية، بحيث لا بد من إيجاد قانون للانتخابات يتناسب ومتطلبات النظام السياسي، دون اللجوء للإقصاء المباشر الفج الذي يسهم بتوليد احتقانات، نحن في غنى عنها”، مضيفًا “أن قانون النسبية يضمن تمثيلا أوسع للقطاعات الاجتماعية، والسياسية، والإثنية كذلك”.
ملف التعيينات في البلديات
ألقى المعايطة مسؤولية “التضخم بأعداد موظفي البلديات منذ العام 1995 وحتى الآن، إلى قرارات وزراء البلديات، المتمثلة بإلغاء عدد من مجالس الخدمات المشتركة، وإحالة العاملين فيها للعمل في البلديات، الذين تجاوزت أعدادهم الآلاف”، مؤكدًا “أن الأمر لا يقتصر على ذلك، فالضغوطات التي تمارس على البلديات من الحكومات وبعض النواب كانت سبباً وراء تعيين أعداد كبيرة من الموظفين”.
وأكد “أن ملف التعيينات يعد أحد أشكال التغول من الحكومة المركزية على البلديات”.
المشاريع الاستثمارية
أرجع المعايطة “فشل العديد منها، لكونها لم تنفذ وفقاً لدراسات محددة، وإنما تم إسقاطها على البلديات من قبل وزارة الإدارة المحلية، ودون أي مشاورات مع البلدية”.
وتطرق إلى “اتحادات البلديات” الذي ترفض الحكومات وجودها، على الرغم من أنها تسهم في توفير “مظلة لبناء القدرات البشرية، وتوفير الاستشارات الفنية للمشاريع، بحيث تكون بمثابة أداة فنية مساندة للبلديات، بعيداً عن أي شأن سياسي”.
وأكد “أهمية منح البلديات أداة تنفيذية قوية مثل إنشاء ما يسمى بشرطة البلدية تقوم بتنفيذ القوانين، واتخاذ الإجراءات بحق المخالفين”.
معيقات تحد من عمل البلديات
ومن المعيقات التي تحد من عمل البلديات، في رأي رئيس لجنة السياحة والآثار في مجلس محافظة جرش، الدكتور يوسف زريقات “ازدواجية المعايير والسياسات المتبعة مع البلديات من قبل الحكومة، وبشكل أخص من وزارة الإدارة المحلية”.
ومن بين التحديات التي تواجه مجالس المحافظات، أجملها زريقات بـ”عدم صرف المخصصات المالية للمجالس من قبل الحكومة على مدى عامين متتاليين سوى ما نسبته 45 % من القيمة الإجمالية التي تبلغ 125 مليون دينار”.
وأشار إلى أن “مجلس محافظة جرش قدم نحو 1.7 مليون دينار لبلديات جرش الخمس من مجمل الموازنة المخصصة لها، والبالغة نحو 8.6 مليون دينار”.
وبين زريقات “أن إحدى المشكلات التي تقف عائقاً أمام سير العمل في مجالس المحافظات، إقرار الموازنات المالية لها، وتأخر طرح العطاءات والمباشرة في تنفيذها نتيجة ذلك الأمر، في ضوء أن الموازنة للمجلس لا ترصد للعام المقبل”.
وشدد على أهمية وجود ضمانات لتنفيذ المشاريع وإنفاق المنح التي تخصص للبلديات، حتى تصرف على تنفيذ مشاريع تنموية، أو أخرى للتدريب والتأهيل.
وبين “أن المجلس، خلال جائحة كورونا، قدم تمويلاً لإنشاء مركز صحي، وآخر لبناء مدارس، في حين خصص نحو 7.5 مليون دينار لعامين متتاليين لإقامة شبكات مياه في جرش، والتي جميعها تصب في المشاريع التنموية”.
حلول ترفع سوية العمل البلدي
وحول الحلول التي ترفع من سوية العمل البلدي في المملكة، حدد البكار بعضًا منها، كـ”إجراء تعديل تشريعي بطريقة مستعجلة وأخرى متأنية، وتنفيذ حوار وطني واسع حول قانون الإدارة المحلية”.
كما لا بد من “نقل الصلاحيات المتعلقة بالمشاريع التنموية إلى رؤساء البلديات وبشكل فوري، مع منحهم فترة تجريبية لمدة ستة أشهر لمراقبة أدائهم بهذا الشأن”، حسب البكار الذي اقترح أن “تجري المجالس البلدية والمحافظات مشاورات فيما بينها لتحديد الميزة التنافسية لكل محافظة لتوجيه المشاريع بشأنها، ومن ثم تحديد جوانب الإنفاق المالي المخصص لها”.
ودعا إلى “ضرورة البدء بعملية تدريب وتأهيل الكوادر، ومنح البلديات صلاحيات استقطاب الكفاءات، فيما نحو 60 % من موظفيها لا يتمتعون بالمؤهلات الفنية والإدارية المطلوبة”.
وأكد البكار أن الحكومة يقع على عاتقها دعم البلديات عبر إجراء مقاصة مالية، حيث إن مخصصات عوائد المحروقات المالية التي تقدر في حدها الأدنى بـ400 مليون دينار لا يصل منها للبلديات سوى 155 مليون سنوياً فقط”.
واقترح أن “يحدد نوعين من التمويلات للبلديات، الأول يمنح للمشاريع التنموية الرئيسة ودون أي فوائد تذكر، وأخرى تمنح لتلك التي تخدم أعمال البلدية، وبفائدة تتراوح ما بين 2 % و 4 % فقط”.
“تعد مسألة إنشاء الاتحادات أمراً في غاية الأهمية، ولا يقع ضمن أهدافها ممارسة العمل السياسي، وإنما التنموي”، وفق البكار الذي أكد أهمية “إنشاء وحدة مشتركة لكل محافظة، مع استقطاب الكفاءات لإدارتها، بحيث تتولى مهمة تحديد الميزة التنافسية للمحافظة، التي تساعد على مركزية التخطيط، تفادياً لتنفيذ مشاريع شبيهة بتلك التي تقوم بها البلديات الأخرى”.
ومن بين التوصيات التي أوردها البكار “تحديد شكل العلاقة بين المجالس البلدية والمحافظات والتنفيذية، والأدوار لكل منها وبصورة تكاملية فيما بينها، حيث يشوب المشهد حالياً نوع من الضبابية في هذا الشأن”.
وكانت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، أعدت مقترحات بشأن قانون الإدارة المحلية، إلا أن الحكومة آنذاك لم تتريث في إصدارها لنسخة القانون المعمول به حالياً، ما نتج عنه بنود قانونية “قاصرة، وعرفية”، مشددًا على “ضرورة إجراء تعديلات على القانون الجديد، مع تفويض صلاحيات أوسع لرؤساء البلديات للقيام بمهامهم”.
ومن ناحيته، اقترح الزعبي حلولا للنهوض بواقع العمل البلدي، تتضمن ضرورة “تعديل القانون الحالي لضمان منح صلاحيات أوسع لرؤساء البلديات ضماناً لتحقيق التنمية في مختلف المجالات، وضمن مناطق المملكة كافة”.
واعتبر “أن قانون الإدارة المحلية الحالي سلب الكثير من حقوق المواطنين، بل ويسمح بتغول الوزارة على رؤساء البلديات، ما يحد من عملها، بل ولا يحقق مفهوم اللامركزية، وإنما يعزز فكرة المركزية بصورة أو بأخرى”.
كما أن من التحديات التي تواجه العمل البلدي “الزيادة المطردة في السكان، وخاصة اللاجئين السوريين، التي تشكل ضغطاً كبيراً على البلديات، وتستدعي اتخاذ إجراءات للتخفيف منها مالية وغيرها”، حسب الزعبي.
وفي رأي المومني، فإن “تكريس قضية الاستقلالية المالية والإدارية للبلديات أمر في غاية الأهمية، ولا بد أن ينعكس من خلال التشريعات، مع تقصير الإجراءات البيروقراطية المتبعة من قبل المعنين في وزارة الإدارة المحلية، وما بين البلديات كذلك”.
وشدد على أن “هنالك ضرورة لتفعيل الأذرع الاستثمارية للبلديات ومنحها القوة التي ستنعكس نتائجها على مستوى الخدمات المقدم للمواطنين، وأن تتمتع بالدور التنموي الحقيقي على أرض الواقع”.
وأكد “أن بنود القانون الحالي منحت الوزير صلاحيات حل البلدية ووفقاً لما تقتضيه المصلحة العامة، وتعد بمثابة سيف مسلط على البلديات ويشكل تهديدا لوجودها”.
وقال المومني “إن العلاقة بين المجالس البلدية والمحافظات لا تتعدى كونها تقع ضمن الإطار البروتوكولي، ما يستدعي ضرورة إعادة النظر بشأنها، بحيث قد يجري العمل في مرحلة ما على انتخاب المحافظ”.
ولعل من التوصيات المهمة بشأن تحديد العلاقة بين المجالس البلدية والمحافظات لتصبح أكثر تكاملية، رأى زريقات “أن انعدام القنوات التواصلية بين الطرفين يمنع وجود خطة تنموية مستدامة متبعة، التي مردها الى التشريع المعمول به حالياً، الذي لا يؤطر شكل هذه العلاقة”.
فيما قال المعايطة “إن الحكومات عندما أوجدت مجالس المحافظات لم تنظر اليها على أن لديها عملا حقيقيا وتنمويا، وتقدم مختلف الخدمات في المحافظة، بل لا يمتلك الأدوات للقيام بهذه المهام”، مضيفاً “لا يمكن إيجاد مجالس محافظات تقوم بأدوار حقيقية إلا عند منحها الاستقلالية المالية والإدارية، والصلاحيات اللازمة للقيام بأدوارها، بحيث تكون بمثابة السلطة العليا في المحافظة”.
وبشأن تعديلات قانون الإدارة المحلية المطلوبة، فقد حددها المعايطة بـ”ضرورة تعديل بنود الانتخاب لتكون مبنية على القوائم النسبية، لضمان التمثيل الحقيقي لأصوات الناخبين في المجالس البلدية”.
في حين أكد أنه لن يتحسن الوضع المالي للبلديات، “إذا لم يكن هنالك تحويل كل المستحقات المالية للبلديات من قبل الحكومة، مع ضرورة أن يكون هنالك تعاون بين البلدية والمواطنين”.
وفي شأن مجلس التنظيم الأعلى، شدد المعايطة على أنه لا بد من “إعادة النظر بنظام الأبنية المعمول به حالياً، لكونه يتضمن العديد من البنود التي تشكل إجحافاً بحق المواطنين”.
كما أكد “أهمية إعادة وجود اللجنة اللوائية التي كانت مشكلة بموجب النظام السابق، حيث جاء إلغاؤها لمنح صلاحيات أوسع لوزير الإدارة المحلية، الذي لديه أحقية بإعطاء الموافقات ومن خلال مجلس التنظيم الأعلى الذي أصبح وجوده معيقا للاستثمار”.

فرح عطيات/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة