البيوت تتزين بعودة الحجاج.. وهدايا وتوزيعات بتصاميم مبتكرة للمهنئين
عودة الحجاج إلى بيوتهم بعد أداء مناسك الحج، تعد مصدر فرحة كبيرة للعائلات والأقارب؛ حيث تملأ السعادة والبهجة الأجواء، ويفكر الجميع بطرق تسعد القادمين من الحج وترضي “المهنئين” بهدايا متنوعة ترتبط بالمناسبة.
في السابق كان يتم تعليق “زينة عودة الحجاج” على أبواب المنازل والشرفات ومداخل الحارات، غير أن هناك بعض التغييرات التي طرأت على الأجواء الاحتفالية مع التطورات الحاصلة.
ذلك التغيير في طريقة تزيين البيوت بمناسبة العودة من الحج، بدأ ببيع اكسسوارات الزينة في المحلات التجارية، إضافة إلى وجود أشخاص مختصين في مجال زينة الحج وتوزيعاته وهداياه. لم تعد الزينة تقتصر على بعض أغصان الأشجار الخضراء وصورة للكعبة المشرفة، وعبارات “حجا مبرورا وسعيا مشكورا”، بل أصبحت تشمل تشكيلة واسعة من المجسمات الصغيرة والكبيرة، وكذلك الآرمات الكبيرة التي توضع في مختلف أماكن البيت.
وإلى جانب ذلك، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا مهما في عرض المنتجات المختلفة للهدايا التي يوزعها الحجاج على ضيوفهم والمهنئين. وتشمل مجموعة متنوعة من العلب الفاخرة المصنوعة من النحاس أو الكرتون المقوى، أو أكياسا من القماش الفاخر.
ويتضمن محتوى هذه الهدايا العديد من المنتجات مثل التمر وماء زمزم والمسابح العادية والإلكترونية وسجادات الصلاة والمسواك ومجسمات للكعبة ومباخر وبخور ومصاحف صغيرة وغيرها من التوزيعات الأخرى التي تم ابتكارها، وباتت تقليداً متبعاً لدى الحجاج أو عائلاتهم ممن يقبلون على شرائها لاستقبال “حجاجهم”.
وفرحة العودة من الحج، أصبح حدثًا اجتماعيًا يترافق مع التجهيزات والتقاليد الاحتفالية. فبينما يقوم الحجاج بأداء شعائرهم الدينية، يستعد الأهل والأصدقاء لاستقبالهم بالتوزيعات والهدايا التي تعكس فرحة العودة.
سجى، التي قضت أكثر من أسبوع في البحث عن هدايا التوزيع لاستقبال والديها العائدين من الحج، وجدت نفسها أمام خيارات متعددة ومتنوعة، بأسعار متفاوتة، وتعتبرها “ثيمة” جديدة في موسم استقبال الحجاج والمهنئين في الوقت نفسه.
وتشارك سجى أنها وجدت العديد من الخيارات لتوزيع الهدايا على مهنئي والديها، وتشمل عبوات مياه زمزم، إضافة إلى علب بلاستيكية صغيرة يمكن وضع حبات التمر داخلها. كما اختارت تشكيلة واسعة من المسابح الإلكترونية، التي توضع على بطاقات خاصة تحمل أسماء والديها وعبارات التهنئة بالحج.
وعلى الرغم من وجود هذه الابتكارات الجديدة في توزيعات الحج، إلا أن هناك أشخاصا يرونها مبالغة وتكلفة زائدة على العائلات، خصوصا أن كل من يتوجه للحج قد يدفع مبالغ مالية كبيرة، وتلك التوزيعات قد تكون عبئًا إضافيًا على العائلات، لأن الخيارات تعددت.
وبالمقدور اختيار الهدايا والتوزيعات وفقًا لاحتياجات وإمكانيات الأسرة، ويمكن للتوزيعات أن تكون بسيطة وذات قيمة رمزية بدلاً من التركيز على التكلفة العالية، وفق ما تقوله سجى.
وتسارع الكثير من النساء في مجال التصميم وتجهيز الهدايا بتقديم مجموعة متنوعة من الهدايا المخصصة للحجاج. ومن بين هؤلاء النساء، المصممة دينا عبد الرحمن من خلال مشروعها الشخصي “متجر توزيعات لارا”. وعبر حسابها على وسائل التواصل الاجتماعي، قامت بعرض العديد من التصاميم المتنوعة التي يمكن توزيعها كهدايا كضيافة للمهنئين.
تشهد هذه الهدايا “الموسمية” إقبالاً كبيراً، حيث يتم تلبية طلبات العائلات المتزايدة لتأمين أصناف وأشكال مختلفة ولافتة. وتعد توزيعات ماء زمزم وسجادة الصلاة والمسابح والمسك جزءًا من التوزيعات المألوفة منذ فترة طويلة.
ومع ذلك، لاحظت دينا في السنوات الأخيرة تغيرا ملحوظا في الطلبات، ويرجع ذلك إلى ازدياد أعداد الحجاج والمعتمرين بعد تقليصها خلال فترة الجائحة. فقد زاد الطلب على الهدايا التي تترك ذكرى لدى الحجاج والزوار، مثل مجسمات الكعبة المشرفة والحقائب الصغيرة من القماش أو الورق لتوزيع التمور.
إضافة إلى ذلك، يطلب الكثيرون أشكالًا مبتكرة من مباخر الكريستال وعلب العطر الصغيرة المحشوة بالمسك، وسجادات الصلاة والمسابح، إضافة إلى العديد من الهدايا التي تحمل قيمة وتستخدم لأغراض منزلية مختلفة. وتسعى دينا إلى تقديم تصاميم جديدة ومبتكرة لتلبية احتياجات العائلات بإكسسوارات يمكن استخدامها في مناسبات مختلفة، وهذا ما دفعها إلى التفكير في تصميم أشكال متنوعة وجديدة للهدايا.
في سياق تقديم الهدايا والتقاليد المرتبطة بموسم الحج، يعتبر نايف النوايسة، الخبير في التراث الأردني والشعبي، أن الإنسان يكون أسيرًا لعاداته ولا يتخلى عنها إلا إذا استبدلها بعادات أخرى يقتنع بها.
وبحسب النوايسة، فإن الإنسان يتوارث العادات من جيل إلى آخر، تحديدا المرتبطة بالمواسم والأعياد والمناسبات الاجتماعية، ففي عيد الأضحى، على سبيل المثال، يقدم الناس في وداع الحجاج أهزوجة تعبير عن وداع أحبابهم المسافرين لأداء الفريضة، مثل أهزوجة “يا دريبة الحجاج عرجا وطويلة.. يا دريبة الحجاج يا مستسيرة”. ومن ثم ينتظرون يوم العيد، حيث يصومون الأيام التسعة السابقة للعيد، أو يكتفون بصوم يوم عرفة، وتبقى قلوبهم معلقة بالحجاج في الأراضي المقدسة.
ووفقًا لما يقوله النوايسة، يقوم الحجاج وعائلاتهم بتجهيز أشكال متنوعة من الحلوى استعدادًا لعيد الأضحى. كما تقوم النساء في الليلة السابقة بتحضير الحلويات وكعك العيد، وهن متحمسات لنهار العيد وعودة الحجاج.
وفي يوم العيد، يرتدي الناس ملابسهم الجديدة ويتوجهون إلى المسجد لأداء صلاة العيد، ثم يزورون قبور أقاربهم ويتبادلون التحية، بعد ذلك تبدأ الزيارات العائلية ويتخللها تقديم العيديات والهدايا للنساء والأطفال.
ويضيف النوايسة “بعد ذلك، يعودون إلى منازلهم للبدء في ذبح الأضاحي وتوزيعها على المحتاجين، ويعطون الأولوية للأقارب، وبعد ذلك، يجلسون على أبواب منازلهم، ينتظرون عودة الحجاج، وكلهم رجاء ودعوات بوصولهم سالمين غانمين”.
وبالنسبة للزينة، يقول النوايسة إنها كانت تقتصر على الزينة البسيطة من دون إسراف أو مبالغة. في الماضي، لم يكن لديهم اهتمام كبير بالزينة، وكان شعور القلق حاضرا على الحجاج بوصولهم سالمين من مخاطر السفر في ذلك الحين، وعندما يعود الحجاج بسلام، ينتشر الفرح وتعم السعادة ويتم ذبح الأضاحي وتقديم الحلوى.
وفي الماضي، كان الحجاج يحملون هدايا رمزية بسيطة لا تكلفهم الكثير. وتشتمل هذه الهدايا على ماء زمزم وتمر ومسبحة وأعواد الند والسواك وألعاب خفيفة للأطفال؛ حيث يوازن الحجاج بين التحديات التي سيواجهونها والغاية الدينية التي يسعون إليها، والمسافات الطويلة التي سيسافرونها، وقدر المال المحدود الذي يملكونه.
تجدر الإشارة إلى أن الحجاج الأردنيين بدأوا في العودة إلى منازلهم منذ أيام قليلة، حيث بعضهم عاد مبكرًا، في حين ما يزال البعض الآخر في طريق العودة.
التعليقات مغلقة.