التحضير لموسم الشتاء.. ميزانية تحتاجها الأسر لمواجهة التحديات
مع بدء برودة الطقس والأجواء الشتوية الماطرة؛ تفكر عائلات في جميع الطرق التي يمكن أن توفر وسائل تدفئة آمنة للأفراد في المنزل وعند التنقل. كما يبحثون عن سبل للتوفير قدر الإمكان من خلال إعادة تدوير ما تم استخدامه في مواسم الشتاء السابقة. حيث تضطر الأسر إلى وضع ميزانية خاصة في ظل ارتفاع أسعار المحروقات، وتوقعات بأن شتاء هذا العام سيكون باردا، مما يتطلب اتخاذ إجراءات احترازية في المنزل لتجنب الأمراض المرتبطة بهذا الموسم.
التحضيرات العائلية لاستقبال فصل الخير والمطر تبدأ باخراج ما تم تخزينه من بقايا ومستلزمات الشتاء الماضي، بهدف إعادة ترتيب وتأهيل المنزل استعدادا لاستقبال فصل الشتاء. هذا الأمر يتطلب من أرباب الأسر تخصيص مبالغ مالية محددة لتأمين البيت بكل ما يحتاجه لضمان شتاء دافئ وساكن تحت أسقف البيوت.
منذ حوالي أسبوع، بدت أسطح وشرفات البيوت الأردنية كأنها لوحات مزخرفة، حيث قامت ربات البيوت بنفض السجاد استعدادا لفرشه، وتنظيم الأغطية الشتوية وتجهيزها على الأسرة. وما زالت العديد منهن في مرحلة “تعزيل” ملابس الشتاء والصيف، بفرز ما يلزم وما هو مناسب، والتخلص من الباقي بتوزيعه على المحتاجين، سواء من المحيطين أو من خلال الجمعيات الخيرية التي تتكفل غالبا بتوصيلها للأسر المحتاجة.
تقول يسرى جبور إن أسرتها تحتاج هذا العام إلى مدفأتين، بعد تعطل إحدى المدافئ العام الماضي. لذلك، قررت الاشتراك في جمعية مع زميلات العمل لتوفير مبلغ مالي تستلمه هذا الشهر، بهدف تأمين تدفئة كافية للمنزل، بما في ذلك مدفأة جديدة وأسطوانات غاز إضافية.
تقول يسرى إنها وزوجها يتفقدان كل عام احتياجات العائلة لفصل الشتاء، وأهمها وسائل التدفئة، الأغطية الشتوية، وملابس الأطفال، حيث يحتاجون كل عام إلى ملابس جديدة ومناسبة. تقوم يسرى بفرز الملابس، والاحتفاظ بما هو مناسب، وتوزيع الباقي أو تبادله مع شقيقتها أو صديقاتها.
يحرص أيمن شهاب على تخزين كميات مناسبة من “الكاز” لضمان التدفئة المستمرة في المنزل عبر الصوبات. بالإضافة إلى ذلك، يستخدم مكيفات الهواء لتدفئة غرف الأطفال، حرصا منه على الحفاظ على نقاء الهواء في الغرف من الغازات المنبعثة من مدفأة الكاز. ويشير أيمن إلى أنه اعتاد على تخزين كمية من الكاز في عبوات خاصة في مخزن المنزل منذ عدة سنوات، بعد أن ارتفعت الأسعار في السنوات الماضية.
ترى أم ليث، وهي أم لخمس أطفال في مرحلة المدرسة، أنها بحاجة إلى مبالغ مالية لتوفير الملابس المناسبة لهم. تحاول التوفير قدر الإمكان من خلال تحويل ملابس الكبار لتناسب الصغار، وإعادة تدوير بعضها، حيث إن الأطفال في مرحلة النمو ويحتاجون إلى كمية كبيرة من الملابس الشتوية للتدفئة. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لشراء ملابس جديدة، مما يتطلب منها وزوجها تخصيص مبالغ مالية إضافية.
تتفق أم ليث مع غيرها من أرباب الأسر على أن فصل الشتاء ليس كغيره من الفصول من حيث متطلبات الأسر، سواء من حيث وسائل التدفئة، الملابس، مؤونة الطعام، وفرش البيت الذي يتجدد بين الحين والآخر، بالإضافة إلى الأغطية الشتوية اللازمة. كل ذلك يستدعي تخصيص مبلغ مالي معين مع بداية أشهر الخريف استعدادا للأجواء الباردة. كما تبرز الحاجة لتفقد المركبات الخاصة وصيانتها لتجنب الانزلاقات المتوقعة.
المختص في علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش يؤكد أن متطلبات فصل الشتاء تحتاج إلى ميزانية أكبر، خاصة للعائلات التي تعاني من أوضاع مالية محدودة وفي ذات الوقت تواجه الحاجة الملحة لتلبية احتياجات الشتاء. من أهم هذه الاحتياجات هي وسائل التدفئة، التي تعزز شعور رب الأسرة بالأمان على عائلته، حيث يوفر لهم بيتا دافئا يحميهم من برد الشتاء القارس. ويعتبر هذا الأمر مهما، وقد يكون الأكثر استهلاكا للميزانية في هذه الفترة.
كما يلفت عايش إلى أن الأسر الكبيرة التي تضم عددا من الأطفال يحتاجون الملابس التي توفر لهم الدفء، وهو ما يتطلب ميزانية مناسبة. وقد يضطر الكثير من الأهل إلى التفكير في إعادة استخدام أو تدوير الملابس بهدف توفير مبالغ مالية إضافية، لـ “تدفئة البيت والحاجة إلى مشتقات المحروقات”.
هذا الأمر قد يدفع العديد من الأسر إلى استخدام طرق تدفئة بديلة أحيانا للحد من دفع المبالغ المالية، كما يشير عايش. ومن بين هذه الطرق استخدام مدافئ الحطب، التي تم تطويرها منذ عدة سنوات لتناسب الأبعاد الداخلية للبيوت، وذلك في ظل ارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير في تلك الفترة. ويعتبر هذا الشكل من استغلال الإنسان للمواد المتاحة حوله وإعادة استخدامها حسب الحاجة، ولكن ضمن حدود مناسبة تحافظ على البيئة.
بالإضافة إلى ذلك، يزداد الإنفاق على الجانب الصحي لدى العائلات بشكل لافت خلال فصل الشتاء، خاصة للأطفال الذين يتأثرون سريعا بالتقلبات الجوية والأجواء الباردة. وهذا يدفع العائلات، ووفقا لعايش، إلى استهلاك مادي أكبر في هذه الفترة من أجل العلاجات الطبية، والحاجة إلى التنقل، وأحيانا التوجه إلى المستشفيات والمراكز الطبية للعلاج، مما يزيد من فاتورة فصل الشتاء على العائلات.
وعلاوة على ذلك، تجد العائلات في الفترة التي تسبق فصل الشتاء فرصة للاستعداد من خلال توفير مونة شتاء كافية لعدة أشهر. ويتزامن ذلك مع مواسم قطف الزيتون وتخزين الزيت، إلى جانب المواد الغذائية الأخرى مثل “المقدوس، الحبوب، الأجبان، والألبان”. وعلى الرغم من أن هذا يتطلب مبالغ مالية، إلا أنه يعد أيضا إحدى طرق التوفير خلال فصل الشتاء، مما يقلل من الحاجة إلى الشراء المتكرر والاكتفاء بمونة البيت.