التحول من التمرد لتولي السلطة بأفغانستان أكبر تحديات حركة طالبان
من أبرز التحديات التي تواجه حركة طالبان راهنا بعدما انتزعت السلطة في أفغانستان أن تتحول من مجموعة متمردة الى سلطة تتولى الحكم، وأن تثبت تطبيقها لما تعهدت به باعتماد نهج أكثر ليونة مما كان عليه حكمها بين 1996 و2001.
وفي سياق ذلك، تبدو أنظار العالم وحتى الداخل الأفغاني مسلطة على الحركة وتدقق في كل خطوة تخطوها.
ومن التحديات أمام الحركة كذلك متابعة أمر قدرتها على تشكيل حكومة تضطلع بإدارة اقتصاد خربته الحرب واحترام تعهداتها بتشكيل حكومة “جامعة”.
وفي هذا السياق، أعلنت طالبان، أول من أمس، أنها تقترب من تشكيل حكومة، فقد أعلن مصدران من الحركة أنه قد يحصل بعد صلاة الجمعة (أمس).
وتسري تكهنات كثيرة حول تشكيلة الحكومة الجديدة، رغم أن مسؤولا كبيرا قال الأربعاء الماضي إن من غير المرجح أن تشمل نساء.
وقال المسؤول البارز شير محمد عباس ستانكزاي وهو كان متشددا في إدارة طالبان الأولى، لإذاعة “بي بي سي” الناطقة بلغة الباشتو، إن النساء سيتمكنّ من مواصلة العمل لكن “قد لا يكون لهن مكان” في الحكومة المستقبلية أو في مناصب أخرى عالية.
وتزامن حراك تشكيل الحكومة مع تظاهرة نظمتها عشرات النساء للمطالبة بالحق في العمل في ظل النظام الجديد الذي يواجه عراقيل اقتصادية كبرى وارتيابا من جانب الشعب.
في مدينة هرات بغرب البلاد، نزلت حوالي 50 امرأة الى الشوارع في تظاهرة ندر مثيلها للمطالبة بحق العمل والاحتجاج على تغييب المرأة عن مؤسسات الحكم.
وقال صحفي في فرانس برس شهد الاحتجاج “إن المتظاهرات رددن: من حقنا أن نحصل على تعليم وعمل وأمن”. كما رددن “لسنا خائفات، نحن متحدات”.
وتعد هرات مدينة متنوعة نسبيا على طريق الحرير القديم بالقرب من الحدود الإيرانية. وهي واحدة من أكثر المناطق ازدهارا في أفغانستان وقد عادت الفتيات فيها إلى المدارس.
وقالت بصيرة طاهري إحدى منظمات الاحتجاج، إنها تريد أن تضم حركة طالبان نساء إلى الحكومة الجديدة. وأضافت “نريد أن تجري طالبان مشاورات معنا”، قائلة “لا نرى نساء في تجمعاتهم واجتماعاتهم”.
بين الـ122 ألف شخص الذين فروا من أفغانستان عبر الجسر الجوي الذي نظمته الولايات المتحدة وانتهى الاثنين الماضي، كانت أول صحفية أفغانية تجري مقابلة مع مسؤول من طالبان في بث تلفزيوني مباشر.
وطالبت المذيعة السابقة في قناة “تولو نيوز” الأفغانية السابقة بهشتا أرغاند، الأربعاء الماضي “المجتمع الدولي بالقيام بأي شيء للنساء الأفغانيات”، وذلك أمام مجموعة من الدبلوماسيين خلال زيارة قامت بها وزيرة الخارجية الهولندية سيغريد كاغ ومساعدة وزير الخارجية القطري لولوة الخاطر إلى مجمع كبير يؤوي لاجئين أفغان في العاصمة القطرية الدوحة.
وبدا التأثر واضحا على المذيعة الأفغانية (24 عاما) وهي تقول “أرغب في أن أصبح صوتا للنساء (الأفغانيات) لأنهن في وضع سيئ للغاية”، متابعة “يجب على المجتمع الدولي أن يقول لطالبان أرجوكم اسمحوا للنساء بالذهاب إلى المدرسة والجامعة وعليهن الذهاب للعمل والمكتب والقيام بما يرغبن به”.
وأعرب وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في مقابلة مع صحيفة “لوفيغارو” المحلية نشرت أمس، عن أسفه لعدم إعطاء حركة طالبان “أي إشارة” للتغيير منذ عودتها إلى كابول.
وقال “في الوقت الحالي، ليس لدينا أي إشارة إلى أنهم يسيرون في هذا الاتجاه”، سواء كان القصد “الانفصال التام عن أي منظمة إرهابية” أو احترام حقوق المرأة و”رفع العقبات أمام من يريدون مغادرة البلاد”.
لم تكن حقوق المرأة القلق الرئيسي في الاستعدادات لإعلان حكومة جديدة.
في كابول، أعرب سكان عن قلقهم بشأن الصعوبات الاقتصادية المستمرة منذ فترة طويلة في البلاد والتي تفاقمت الآن بسبب استيلاء الحركة المتشددة على السلطة.
واستأنفت الأمم المتحدة الرحلات الجوية الإنسانية إلى شمال أفغانستان وجنوبها بعد سيطرة طالبان على السلطة في البلاد، على ما أعلن متحدث باسم المنظمة الدولية أول من أمس.
وقال ستيفان دوجاريك لصحفيين، إن الخدمات الجوية الإنسانية التابعة للأمم المتحدة تُسيّر حاليا رحلات جوية “لتمكين 160 منظمة إنسانية من مواصلة أنشطتها المنقذة للأرواح” في أفغانستان.
وقال كريم جان وهو صاحب محل لبيع الأجهزة الالكترونية “مع وصول طالبان، من الصائب القول إن الأمن مستتب، لكن الأعمال تراجعت الى ما دون الصفر”.
وأعلنت شركتا ويسترن يونيون ومانيغرام المتخصصتان في الحوالات المالية، أول من أمس، أنهما ستستأنفان تحويلات الأموال التي يعتمد عليها كثير من الأفغان من أقاربهم في الخارج للبقاء على قيد الحياة.
وقال متحدث باسم ويسترن يونيون، إن الشركة استأنفت خدمات تحويل الأموال إلى أفغانستان، اعتبارًا من أول من أمس، “حتى يتمكن عملاؤنا من إرسال الأموال مرة أخرى ودعم أحبائهم في هذا الوقت”.
وبدورها، قالت مانيغرام، في بيان، إنها استأنفت الخدمة في افغانستان اعتبارًا من أول من أمس بعد “التوجيهات الواردة من الحكومة الأميركية” و”بالتنسيق مع شركائنا في البلاد وكذلك جمعية البنوك الأفغانية”.
وكانت الأمم المتحدة حذرت في وقت سابق من الأسبوع الماضي من “كارثة إنسانية” تلوح في الأفق في أفغانستان ودعت إلى تأمين سبل للخروج لمن يريدون الفرار من النظام الجديد.
وفي هذا الإطار، تعمل قطر مع حركة طالبان على إعادة تشغيل مطار كابول في “أقرب وقت ممكن”، بعد توقف الملاحة فيه مع مغادرة آخر الجنود الأميركيين البلاد وتحول هذا المنفذ إلى ممر إنساني واستراتيجي مهم.
وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني “ما نزال في إطار التقييم. لا يوجد مؤشّر واضح على موعد تشغيله بكامل طاقته بعد، لكننا نعمل بجد ونأمل في أن نتمكن من تشغيله في أسرع وقت ممكن”، رغم تأكيده عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بعد.
وفي أنقرة، أعلن وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو، أول من أمس، أن أنقرة “تدرس” مقترحات طالبان ودول أخرى للمساهمة في إعادة الحياة إلى مطار كابول. – ( أ ف ب)
التعليقات مغلقة.