التداوي والمعالجة بين المشايخ …. وأهل الاختصاص من الأطباء.// د.رياض خليف الشديفات
=
طرح شيخنا الفاضل ” عطالله الدوجان ” قضية للنقاش على شكل سؤال يتعلق بالتداوي لدى المشايخ، وفي تقديري المتواضع أن هذا السؤال هو سؤال العارف طرحه لإثارة النقاش حوله في قضية مهمة وخطيرة بنفس الوقت لدى كثير من الناس، وقد أحسن صنعاً حين تلمًس هذا الجانب المهم ووضع أصبعه على الجرح في جانب من جوانب معاناة الناس في أمراضهم المتعددة بين الأطباء والمشايخ ممن يمارسون مهنة الطب، ولتجلية هذه المسألة وددت الإشارة إلى الآتي: 1- القرآن الكريم والسنة النبوية مناهج هداية بالدرجة الأولى يرشدان الناس إلى مصالحهم في الدين والدينا، وهما بهذا المعنى لا يعدان كتب طبية بالمعنى الحرفي، ولا كتب طبيعية، ومع ذلك لا يخلوان من بعض الإشارات العلمية المهمة في العلوم الطبيعية والحياتية لأهل الاختصاص في تلك العلوم، ومن ثم لا يتعارض ما فيهما مع ما جاء في العلوم الحديثة التي تتبع منهج التجريب العلمي البحت. 2- لا يوجد ما يمنع شرعاً من التداوي بالرقية الشرعية الواردة في القرآن الكريم وبالسنة النبوية من نفس الشخص المريض أو من قبل من يحسن الرقية ممن يعد ثقة في دينة شريطة ألا يقع ببعض المحظورات الشرعية التي يقع بها بعض المعالجين وبعض الرقاة ، وليس كل من يدًعي العلاج بالرقية أهلاً لذلك، وليس كل من يعالج من أهل الصلاح في دينه، وعلى الناس الحذر من أن يقعوا ضحية لبعض المحتالين الذين يستغلون حاجات الناس لدوافع مادية مع العلم بجواز قبول الأجر على الرقية والعلاج الشرعي بالمعقول وبما لا يعد من الاستغلال البشع لظروف الناس المادية والمرضية . 3- ليس كل مرض يشكو منه الإنسان يعالج لدى الرقاة، أو لدى المعالجين الشرعيين، بل المفترض بالإنسان إذا اشتكى من ألم معين في أي عضو من جسده أن يراجع أهل الاختصاص في علوم الطب المختلفة، وأن يتأكد من خلال الأشعة بأنواعها المختلفة، وبالتحاليل الطبيبة الدقيقة التي يوصي بها أهل الاختصاص لغايات التشخيص الدقيق لتحديد نوع المرض لغايات وصف العلاج مع العلم أن الطب قد تطور وتطورت وسائله وأدواته بشكل كبير جداً. 4- إذا ثبت لدى أهل الاختصاص في علوم الطب خلو الجسم من الأمراض العضوية بعد التشخيص الدقيق وصور الأشعة والتحاليل الطبيبة، فلا يوجد ما يمنع شرعاً من البحث عن أسباب أخرى للمرض بمعرفة أعراضها كمعرفة الأعراض النفسية، أو المس وغيرها مع التأني والتحري واختيار من يطمئن الإنسان لدينه لئلا يقع ضحية لبعض المحتالين الذين تواترت الروايات بوجودهم بكثرة بأساليب وطرق متعددة. 5- يمكن التعامل مع الطب البديل من خلال أهل الخبرة والاختصاص، ويمكن التعامل مع الوصفات الطبيبة من الأعشاب على اختلاف أنواعها بمقادير وبحذر شديد لأن كل شيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، فالمقادير يحددها أهل الاختصاص في علوم خواص هذه المواد، وليس كل وصفة طبيبة من عوام الناس تناسب كل الناس، فلكل مرض أعراضه، ولكل دواء خواصه ومقاديره، فما يناسب س من الناس لا يناسب صاد منهم لاختلاف الأجسام وأن تشابهت الأعراض في ظاهرها. 6- من الواجب على الإنسان أن يحصن نفسه من شياطين الأنس والجن بالأذكار والدعاء والاستعاذة والرقية، والاستعانة بالله طلباً ودفعاً، وقد ثبت لدى المواظبين عليها والحافظين لحدود الله فوائدها وجدواها “فالله خير حافظاُ ” . 7- خلاصة الحديث أن التداوي من المباحات شرعاً وعرفاً وعقلاً وواقعاً ، والتجربة أكبر برهان ، فما يعالج بالعمليات الجراحية لا يعدل عنها لغيرها ، وما ينفع فيه الطب البديل والأعشاب الطبيبة لا مانع من ذلك بضوابط اهل الاختصاص والخبرة والتجربة ، وما يعالج بالرقية الشرعية لا مانع من ذلك ، وكل ذلك من اهل الاختصاص ، والأصل هو المعالجة عند أهل الطب ، والاستثناء هو المعالجات الأخرى من الثقات في علمهم ، ومن أهل الصلاح في الرقية وتوابعها ، وينصح بعدم التوسع في باب المعالجات الأخرى لغير ضرورة ” والضرورة تقدر بقدرها ” ” والله المستعان .
التعليقات مغلقة.