“التدريب الزراعي” بالأغوار يحول أسرا تعتمد على المعونات إلى منتجة
الغور الشمالي- في تجارب ناجحة ومطالبات بتعميها، ساهمت برامج التدريب الزراعي التي تنفذها مديرية زراعة الأغوار الشمالية، بتحويل أسر فقيرة تعتمد على دعم الجمعيات الخيرية، إلى أسر منتجة، عبر مشاريع صغيرة مدرة للدخل، مكنتها من تقليل اعتمادها على المساعدات التي تشهد تراجعا، نتيجة ما تعانيه غالبية الجمعيات من أوضاع صعبة بعد انخفاض دعم المحسنين خلال السنوات الأخيرة.
فلم تقف زراعة الغور الشمالي مكتوفة الأيدي والاكتفاء بمراقبة ما وصلت إليه الجمعيات الخيرية المنتشرة في اللواء، والذي انعكس على الأسر الفقيرة التي تعتمد على دعم تلك الجمعيات، إذ عملت على استهداف الأسر المستفيدة من الجمعيات، وإشراكها في برامج ودورات تدريبية لتمكينها من إنشاء مشاريع زراعية صغيرة، تؤمن مصدر دخل ثابت.
ويأتي هذا التوجه، لتوسيع دور الجمعيات وعدم حصره بالدعم المادي للأسر، في وقت تزداد المطالبات بضرورة تعميم التجربة، وزيادة عدد الأسر المنتفعة.
في هذا الخصوص، ووفق زراعة الأغوار، فقد تم تشكيل لجنة لاختيار ودراسة حالات الأسر المستفيدة من الجمعيات لشمولها بدورات إنشاء المشاريع الزراعية، موضحة أن اختيار الأسر يتم وفق أسس وضعتها جهات معينة بالتعاون مع المديرية، ويتم اختيار الأسر من قبل اللجان التي شكلت لذلك الهدف.
وتبين أن أغلب تلك الأسر المستفيدة تكون قد نسبت من الجمعيات الخيرية بهدف أن تكون أسرا منتجة قادرة على تطوير أفرادها بدلا من الاعتماد على صندوق المعونة، إضافة إلى تمكين بعض الشباب غير المستفدين من صندوق المعونة الوطنية من تعلم مهنة تمكنهم من إنشاء مشاريع صغيرة توفر احتياجاتهم اليومية.
يقول مديرها المهندس محمد النعيم، إنه تم عقد العديد من الدورات التدربية لأفراد الأسر في عدد من الجمعيات الخيرية، ومنها جمعية الشيخ حسين، والبصيلة، وتدريبهم على عدد من المشاريع الزراعية كزراعة أبواغ الفطر، والزراعات المائية، ومشاريع التصنيع الغذائي.
وأضاف النعيم، أن تلك المشاريع والتي تندرج ضمن المشروعات التنموية الصغيرة، تهدف إلى تحسين واقع الأسر الريفية، وتأمين مصدر مالي إضافي لها، من خلال استثمار رأس مال بسيط في تحقيق انتاجية عالية ومردود مادي مجز.
وقال إن الهدف من تلك الدورات التعريف بالقيم الغذائية للمنتج، وأهميته، إضافة الى الاعتماد على الذات وتعزيز ثقافة الأسر المنتجة في الريف وتحويل المستهلك الى منتج. وتابع: تعمل المديرية على تسويق المنتج الزراعي للأسر، وبيعه لجهات مختلفة كالمولات والفنادق، مشيرا إلى أن ذلك يجعل الأسرة بغنى عن الانتظار لحين الحصول على مساعدة مالية أو طرد غذائي لسد رمقها.
في المقابل، يرى مهتمون بالعمل الاجتماعي، أن على الجمعيات توسيع دورها وعدم اقتصاره على تقديم مساعدات عينية، خلال الأعياد وبعض المناسبات، مؤكدين أهمية تفعيل دورها لحل العديد من القضايا الاجتماعية، كالمساهمة في القضاء أو التخفيف من نسبتي الفقر والبطالة.
كما أشار مهتمون بالدورات والمشاريع الزراعية، إلى أن الدورات التي تنفذها الزراعة والتي تأتي ضمن “مشروع زيادة دخل أسر ريفية فقيرة”، ساعدت العديد من أسر اللواء في تحسين دخلها وإيجاد مصدر دخل لها بعد أن كانت من دون دخل.
وقالوا إن تلك المشاريع جاءت بعد أن خضع أصحابها من الشباب والشابات للدورات التدربية والعملية، والتي مكنتهم من إنشاء وإدارة مشاريعهم بشكل ناجح.
وتعقد هذه الدورات بالتعاون مع قسمي المشاريع والتنمية الريفية، وقسم الإرشاد الزراعي في مديرية الزراعة والجمعيات الخيرية.
وتشير رئيسة جمعية تلال المنشية تهاني الشحيمات، إلى أن الدورات التي تنفذها زراعة الأغوار، بتدريب شباب وفتيات وأصحاب مشاريع صغيرة ممن يرغبون بتطوير مشاريعهم الزراعية، أسهمت بانتشال العديد من الأسر المعوزة من الفقر بالغور الشمالي، وتمكين الشباب من إنشاء مشاريعهم الخاصة، لمواجهة التعطل، وتوفير احتياجاتهم.
بدوره، قال المختص بالمشاريع الصغيرة المهندس الزراعي فارس المشرقي إن أغلب المتدربين هم شباب خريجون، أو عمال زراعة، ومنهم من يرغب بتطوير مشروعه الزراعي، أو التخلص من الحاجة للجمعيات، مشيرا إلى أن أغلب المشاريع الزراعية التي نفذت لاقت إقبالا ونجاحا وأكثرها في هذا الشأن مشاريع زراعة الفطر، وتربية النحل، مرجعا ذلك الى طبيعة المنطقة ومناخها المناسب لهذا النوع من المشاريع، كما أن التكلفة المالية قليلة جدا مقارنة بالمشاريع الزراعية الأخرى.
وتقول رئيسة جمعية البصيلة أمل العنوز إن الهدف من التدريب هو إنشاء مشاريع اقتصادية مدرة للدخل، كتربية النحل والأغنام والزراعة المائية والفطر، والهدف من تلك المشاريع الحد من ظاهرتي الفقر والبطالة في مناطق اللواء من الشونة الشمالية ولغاية منطقة الكريمة جنوبا.
وأشارت إلى أن هناك بعض المعيقات التي تواجه مشروع الفطر، وهي عدم وجود غرف تبريد وجهاز شفاط، كما أن الجمعيات بحاجة إلى مكان ذي سعة مناسبة، لكي تتمكن من زيادة الإنتاج ورفع حجم المبيعات والمنتوجات، مبينة أن قرابة 28 كيسا من الفطر يتم إنتاجها أسبوعيا، بأوزان مختلفة تتراوح بين 12 إلى 14 كيلوغراما، في المقابل يصل سعر كيلو الفطر إلى 12 دينارا.
وأكدت أن ذلك التوجه يحد من وقوف الشباب أمام الجمعيات الخيرية أو البحث عن مساعدات مالية وعينية أو الاعتماد على ذويهم.
وتقول أم محمد الرياحنة من سكان اللواء وإحدى المستفيدات من التدريب الزراعي، إن الدورات التدريبية على المشاريع يتم اختيارها وفق طبيعة المنطقة، مؤكدة أنها حصلت على تدريب في تربية النحل إذ إن تلك المشاريع تناسب طبيعة الحياة الريفية في مناطق الأغوار، خصوصا في فصل الربيع حيث تتوفر الأزهار والنباتات الموسمية التي تعد غذاء للنحل، مشيرة إلى أن الدورة التدريبية التي تلقتها كانت هادفة ووضعتها على الطريق الصحيح من أجل إنشاء مشروعها الخاص.
كما أشارت المستفيدة سامية أحمد، أنها حصلت على دورة زراعة أبواغ الفطر، وذلك من خلال الجمعية المستفيدة منها بالتعاون مع مديرية الزراعة بالأغوار، مؤكدة أن التدريب كان مفيدا، وهي الآن تقوم بعملية الزراعة في منزلها، وتمكنت من إنشاء مشروعها الخاص محققة دخلا ثابتا، إضافة إلى إشراك أبنائها المتعطلين عن العمل بالمشروع، مما حد من الحاجة إلى الجمعيات الخيرية.
ومن الجدير ذكره، أن لواء الغور الشمالي من المناطق الأشد فقرا بالمملكة، ويبلغ عدد سكان اللواء قرابة 140 ألف نسمة، موزعين على عدة مناطق سكنية تمتد من الشونة الشمالية ولغاية منطقة الكريمة، ويعتمد أهالي اللواء في الحصول على مصدر رزقهم من خلال عملهم في الزراعة الموسمية، ويعمل البعض الآخر في القطاعات الحكومية ويبلغ عدد المستفدين من صندوق المعونة الوطنية حوالي 4410 مستفيدين.
التعليقات مغلقة.