الحبر والكسر / احمد القضاه

البشرية جميعا تختلف من شخص لاخر، بالديانة او الجنسية ولكل منهم اسلوبه الخاص في المعاملة والسلوك .. وسلوك الشخص يؤثر كثيرا على مجتمعه وعلى البيئة الذي ينتمي اليه، هناك الكثير من الدراسات والكتب حول هذا الموضوع، وكان التركيز على كيفية التعامل مع كل حادثة وكل موقف
فسلوك كبار السن يختلف اختلافا كاملا عن سلوك الفئة الشبابية، فالتجارب والخبرة وطبيعة العمل تنمي شخصا واع ومدرك لما يفعل ويحسن وضع النقاط على الحروف
وفي شريعتنا الاسلامية هناك العديد من الاحاديث النبوية والايات القرانية حثت على ان الدين معاملة :
( عن ابي هريرية، ان النبي صل الله عليه وسلم، قال : اياكم والظن، فان اكذب الظن اكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله اخوانا .)
وفي سورة لقمان اية(١٨) قال الله تعالى : (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الارض مرحا ان الله لا يحب كل مختار فخور).
من اقوال الامام سفيان الثوري : ما رايت عبادة يتقرب بها العبد الى ربه، مثل : جبر خاطر أخيه المسلم .
جبر الخواطر شيء عظيم، فالله تعالى امرنا بحسن الكلام وحسن المعالمة، فالمحبة تاتي ما بعد كلمة او سلوك، وقيل: ” ما بين كسب القلوب وكسر القلوب خيط رفيع اسمه أسلوب ”
انت لا تعلم اثر الكلمة الذي تقولها، فالبعض ينكسر كالزجاجة وينحرق داخليا اثناء سماعه لكلامك، انت لا تعلم ظروفه ولا ماذا لديه من مشاكل، الحياة قاسية جدا والبعض لا يتحمل، ينهار كتل الرمال وتنزل دمعته كطفل رضيع..
ذكر في احد المجلات العالمية موقف حصل مع شخص في احد الاماكن العامة، شخص يرتدي بيده ساعة نسائية، يمشي غربا ويعود شرقا، لاحظ احد العمال ان هذا الشخص يرتدي ساعة نسائية، قام بالاقترب منه والاستهزاء به والتقليل من شأنه، وعندما ساله لماذا :تردي ساعة نسائية ودرية ؟ قال له: هذه ساعة امي الخاصة قبل ان تمت وضعتها في يدي وقالت لي : لا تخلعها مهما حصل، تأثر العامل واعتذرا منه كثيرا وطلب المسامحة ..
يعتبر جبر الخواطر احد الاخلاق الدينية العظيمة، وهو اعادة الامل لكل من فقده، وجبر الخاطر من الصفات الطيبة التي تدل على صفاء ونقاء القلب، حيث عندما يقوم شخص ما بمواساة الاخرين في احزانهم والوقوف بجانبهم في الاوقات الصعبة فانه يثاب عليها،
وكلمة جبر مشتقة من اسم الله تعالى الجبار.
جبر الخواطر خلق عظيم يدل على سمو نفس وعظمة قلب وسلامة صدر، تجبر به قلوب كسرت ونفوس ارهقت بالحزن والاسى واحباب فقدت..
* وللنبي قصة مع الطفل عمير وهو اخو الامام انس بن مالك،
جاء الرسول (صل الله عليه وسلم ) إلى بيت انس بن مالك، وسال كعادته عن عمير فاجاب أنس، ان عصفوره قد مات، وانه حزين جدا لموته، فاقبل الرسول مسرعا الى الصبي الصغير واخذ يواسيه ويخفف عنه حزنه، بعد ان عمير بنفسه في حضن الرسول(صل الله عليه وسلم) وهو يبكي ويقول:” لقد مات النغير .. لقد مات “.
“من سار بين الناس جابرا للخواطر ادركته  عناية الله وهو في جوف المخاطر ”
اجبروا الخواطر، وراعوا المشاعر، وانتقوا كلماتكم، وتلطفوا بافعالكم، وتذكروا العشرة، ولا تؤلموا احدا، وقولوا للناس حسنا، وعيشوا انقياء اصفياء، فهذا نهج الانبياء، واخلاق النبلاء .