الحي الشمالي بإربد.. تحديات يومية يفرضها نقص الخدمات والكثافة السكانية

إربد – في حي يتميز بالكثافة السكانية، إذ يقطنه قرابة ربع مليون نسمة، يفرض تواضع الخدمات وأحيانا نقصها، وتردي البنية التحتية، فصولا من المعاناة، تتجسد على شكل تحديات يومية لا تنتهي، تتباين حدة تأثيرها بين شارع وآخر، ومن بيت إلى بيت، بيد أنها تلتقي جميعها تحت عنوان واحد وهو “حياة منقوصة الخدمات”.

ويمتد الحي الشمالي الذي يتبع لواء قصبة إربد، من مثلث منطقة حنينا شمالا، حتى تقاطع شارعي الهاشمي وحكما جنوبا، وصولا إلى شارع سعد زغلول وميدان سال الكبير شرقا.

على سعة هذا الامتداد، يتقاسم أبناء الحي ظروفا معيشية يصفونها بـ “الصعبة”، نتيجة تواضع العديد من الخدمات، أهمها خدمات قطاعي الصحة والتعليم، إضافة إلى ضعف خدمات التزويد المائي، وتهالك شبه كلي لبنية الشوارع والأرصفة.
فوفق سكان بالحي، فإن الحصول على خدمات صحية متكاملة أمر غائب، بعد اغلاق المركز الصحي الذي كان يراجعه معظم السكان، كما أن مدارس الحي عددها قليل قياسا بعدد السكان، وهو ما يضع الطلبة تحت قبول ضغط الاكتظاظ أو قطع مسافات طويلة يوميا، إلى مدارس أخرى بأحياء بعيدة، بحثا عن بيئة تعليمية أفضل.
يشير عضو مجلس محافظة اربد عن منطقة النصر الواقعة في الحي الشمالي هشام الحمايدة، إن الحي الشمالي يفتقر إلى العديد من الخدمات الأساسية، وتعاني مدارسه من الاكتظاظ بسبب تعداد السكان الكبير الذي يزيد على ربع مليون نسمة، موضحا أنه كان من المقرر بناء مدرستين بمنح خارجية، إلا أن إصرار بلدية إربد على دفع رسوم بدل مواقف كشرط للموافقة على رخص البناء، وضع المنح في مصير مجهول.
ولفت إلى أن هناك مدارس تعمل على نظام الفترتين من أجل استيعاب الطلبة داخل الغرف الصفية، فيما طلبة يدرسون في مدارس بعيد عن الحي نظرا لعدم توفر مقاعد لهم في المدارس القريبة من منازلهم.
وأكد أن طلبة بالحي يعانون جراء الذهاب إلى مدارس بعيدة حيث يضطرون للسير على الأقدام مسافة قد تتجاوز احيانا خمسة كيلو مترات، كما أن نظام الفترتين يفرض على طلبة الفترة الصباحية مغادرة منازلهم في وقت مبكر جدا صباحا.
وأشار الحمايدة، إلى أن الحي يخلو من أي مركز صحي تابع لوزارة الصحة بعد أن ألغي المركز الذي كان يخدم الحي، وتم توزيع مراجعيه ما بين مركز صحي الحي الشرقي ومركز صحي حنينا، الأمر الذي يتطلب ركوب المواصلات مرتين للوصول إلى أحد هذين المركزين.
وأوضح علي جمعة من سكان الحي، أن المياه التي تصل لمنازل الحي شحيحة، وتصل يوما واحدا في الأسبوع وبكميات وقوة ضخ ضعيفتين، وبمدة قليلة لا تزيد على 11 ساعة.
وأشار إلى أن شوارع الحي تعاني من تهالك، وتنتشر فيها الحفر بشكل واضح، بسبب عدم صيانتها منذ سنوات، الأمر الذي يتسبب بأعطال متكررة لمركبات السكان.
وأوضح  أن الحي باعتباره من الأحياء القديمة في مدينة اربد، كان شهد حركة بناء عشوائية قبل دخوله التنظيم، وزاد صغر حجم قطع الأراضي من صعوبة البناء، حيث لم يلتزم المواطنون بالارتدادات القانونية لعدم وجود رقابة خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
وطالب أحمد درباس بإنشاء مركز صحي حكومي لتقديم خدمات الرعاية الصحية، لافتا إلى أن المنطقة الممتدة من شارع فوعرا غربا الى ما يعرف بـ شارع الثلاثين شرقا، ومن حي المطارق شمالا إلى مخيم اربد جنوبا يعاني سكان هذه الرقعة السكانية الواسعة جراء عدم وجود مركز صحي حكومي لخدمتهم.
وأكد أن المرضى يضطرون وبسبب عدم توفر مركز صحي وبعد المراكز الصحية الأخرى الى مراجعة القطاع الطبي الخاص، ما يشكل عبئًا ماليا اضافيا عليهم، خاصة مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها أهل المنطقة.
ولفت إلى أهمية إنشاء مركز صحي في الحي الشمالي من مدينة اربد لتقديم الخدمات الصحية بما فيها الأمومة والطفولة والخدمات السنية.
وأكد أهمية الإسراع في انجاز هذا المركز لتخفيف معاناة انتقال المواطنين إلى المراكز الصحية البعيدة أو مراجعة القطاع الطبي الخاص.
بدوره، أقر مدير صحة اربد الدكتور شادي بني هاني أن المنطقة بحاجة إلى مركز صحي شامل نظرا للكثافة السكانية العالية في الحي، لافتا إلى أن المواطنين يتلقون علاجاتهم في المراكز الصحية القريبة ومستشفى الاميرة بسمة.
وقال بني هاني إن مدينة اربد لواء القصبة هو اللواء الوحيد الذي يخلو مركز مدينته من مركز صحي شامل، نظرا لعدم توفر قطع أراض مملوكة للصحة، مؤكدا أن هناك دراسات لإنشاء مركزين صحيين في البارحة وآخر في النصر.
وأشار إلى أن هناك دراسات لتحويل مبنى مستشفى الأميرة بسمة إلى مستشفى مصغر بعد انتقاله إلى الموقع الجديد، من أجل تقديم الخدمات الصحية للمواطنين في المناطق المجاورة للمستشفى القديم وسكان المناطق الشمالية.
وكانت مخرجات دراسة حول حاجة لواء قصبة اربد، دعت إلى بناء مدارس إضافية في اللواء.
وجاءت مخرجات الدراسة لـ “مبادرتي”، بناء على دراسة لتقييم الواقع التربوي في لواء قصبة إربد.
ودعت مخرجات الدراسة التي نفذها مركز” نحن ننهض بالتشارك” مع مركز الحياة للتنمية (راصد)، وبدعم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ضمن مشروع تطوير السياسات المحلية، إلى التوسع بإنشاء مدارس مهنية لاستيعاب الطلب المتزايد على التعليم المهني وربطه بمسارات التعليم الجامعي التقني.
وأشارت الدراسة إلى أن مديرية تربية قصبة إربد التي تعد من أكبر المديريات على مستوى المملكة بحاجة إلى نحو 16 مدرسة جديدة يخصص عدد منها للتعليم المهني، في حين يبلغ مجموع طلبتها حوالي 120 ألف طالب وطالبة موزعين على 142 مدرسة، منها 29 مدرسة مستأجرة، ما انعكس على الصحة العامة للطلبة جراء الاكتظاظ وجودة التعليم.
وبينت أن المديرية تعاني نقصا في البنية التحتية والمدارس والكوادر التدريسية جراء الهجرة المعاكسة من المدارس الخاصة إلى الحكومية إلى جانب وجود حوالي 14 ألف طالب سوري يدرسون في مدارسها.
ودعت إلى تحفيز المدرسين ليكونوا أكثر عطاء داخل الغرف الصفية سواء بالعلاوات أو بالحصول على درجات عليا وهم داخل غرفة الصف.
بدوره، أكد مصدر في وزارة التربية والتعليم أن مدارس قصبة اربد بشكل عام تعاني من الاكتظاظ بسبب الزيادة السكانية، وانتقال المواطنين للسكن في المدينة، مشيرا الى حاجة التربية لعشرات المدارس من أجل ايجاد بيئة تعليمية مناسبة للطلبة.
وفيما يخص مشكلة نقص التزويد المائي، قال مصدر في شركة مياه اليرموك إن وضع المياه تحسن في منطقة الحي الشمالي بمدينة اربد وخصوصا في منطقة حنينا، بعد أن تم تغيير الخطوط القديمة، مؤكدا أن هناك شكاوى تصل للشركة من منطقة الحي الشمالي، إلا انها فردية ويتم معالجتها فورا وغالبيتها تتركز في المنازل المرتفعة والطابقية أو التي توجد عند نهاية خط التزويد.
وأكد المصدر أن وزارة المياه تنفذ مشروع صرف صحي في منطقة بلاط الشهداء، وستستفيد من المشروع مئات المنازل، كما وان هناك مشاريع سيتم تنفيذها هذا العام في الحي الشمالي لتحسين خدمات الشركة.
بدوره، قال الناطق الاعلامي في بلدية اربد الكبرى غيث التل إن البلدية نفذت خلال العامين الماضيين العديد من المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية كتعبيد شوارع بالخلطات الاسلفتية الساخنة، إضافة إلى عمليات ترقيعات للحفر المنتشرة في الشوارع.
واشار إلى أن البلدية نفذت مشاريع لتصريف مياه الأمطار في عدد من المواقع التي كانت تشهد تجمعات مائية كبيرة، اضافة إلى شمول الحي الشمالي بمشروع استبدال وحدات الانارة القديمة بأخرى موفرة للطاقة.
وأكد أن البلدية زودت شوارع الحي بالعديد من الحاويات المعدنية، إضافة الى تعيين عمال وطن في الحي للحفاظ على النظافة.
وأوضح التل أن البلدية رصدت في موازنة العام الحالي ما يقارب 3 ملايين دينار لتنفيذ خلطات إسلفتية ساخنة وفتح شوارع جديدة ستشمل جميع مناطق إربد الكبرى وضمنها الحي الشمالي.
وأكد أن البلدية ومن باب التشاركية قامت أكثر من مرة بعمل حملات نظافة في مخيم اربد، إضافة إلى قيامها بتعبيد الشوارع في المخيم قبل أكثر من 3 سنوات للتخفيف من معاناة المواطنين.

أحمد التميمي/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة