الدروس الخصوصية بجرش.. فرصة لخريجين متعطلين وعبء لأولياء الأمور
جرش – تحولت منازل المئات من الخريجين المتعطلين بجرش إلى غرف صفية متواضعة، مستغلين الإقبال المتزايد من قبل الطلبة على تلقي الدروس الخصوصية في إيجاد مصدر دخل شهري بكلف بسيطة، في وقت شكل ذلك عبئا إضافيا على أولياء أمور كانوا لفترة قليلة ماضية معفيين منه.
وتشهد مدينة جرش إقبالا متزايدا على تلقي الدروس الخصوصية، خاصة بعد فترة جائحة كورونا التي أثرت على مستوى الطلبة، وفق أولياء أمور قالوا لـ”الغد”: “إن مستوى أبنائنا تراجع كثيرا نتيجة المتغيرات في العملية التعليمية التي رافقت فترة الجائحة”.
وأكدوا أنهم مضطرون إلى اللجوء للتعليم الخاص في المنازل والمراكز التعليمية في سبيل تحسين مستوى أبنائهم الدراسي الذي تراجع بسبب التعلم عن بعد خلال الجائحة وعدم قدرة الطلاب على متابعة دراستهم من دون مساعدة من معلمين، على الرغم من أن هذا التوجه يحمل الأهالي تكاليف مالية لا تقل عن 70 دينارا شهريا، في وقت تعاني فيه معظم الأسر من ظروف مادية صعبة.
وفي المقابل، شكل التدريس الخصوصي فرصة لمئات الخريجين، وخاصة الفتيات، عبر تحويل قسم من منازلهن لغرف صفية يجمعن بها الطلبة من أجل إعطائهم الدروس الخصوصية مقابل أجر شهري يتم الاتفاق عليه مسبقا.
تقول ميساء العياصرة، إنها تخرجت بتخصص اللغة الإنجليزية منذ أكثر من 18 عاما، ولغاية الآن لم تحصل على وظيفة في القطاعين العام والخاص، ما اضطرها للبحث عن مشروع يتناسب مع تخصصها الجامعي ويوفر مصدر دخل تعيل به أسرتها، وعملت على تدريس الطلاب بمختلف المراحل في إحدى غرف منزلها الصغيرة التي حولتها إلى غرفة صفية وزودتها ببعض المعدات البسيطة مثل المقاعد ولوح لتتمكن من تدريس أكبر عدد ممكن من الطلاب في بلدة الكتة.
وأضافت أن عدد الطلاب المقبلين على الدروس الخصوصية ارتفع بنسبة لا تقل عن 50 % بعد الجائحة، لاسيما وأن المستوى التعليمي للطلاب قد تراجع بعد اعتمادهم على التعليم عن بعد فصول دراسية عدة، موضحة أن كلفة تدريس المادة الواحدة في مختلف قرى وبلدات محافظة جرش لا تقل عن 20 دينارا شهريا.
وانتشرت ظاهرة التدريس الخصوصي في المنازل بشكل كبير بعد الجائحة وبعد دخول مرحلة التعافي، وتحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات للإعلان عن مواقع المنازل التي تتوفر بها خدمة الدروس الخصوصية وضمن شروط وأوقات وتكاليف معينة، وفق ربة المنزل علا الرواشدة.
وبينت أن الأهالي مضطرون إلى الاعتماد على التعليم الخصوصي على الرغم من تكاليفه الباهظة لتراجع مستوى الطلاب التعليمي بعد جائحة كورونا ووجود أعداد كبيرة من المعلمات في المنازل وفي مختلف القرى والبلدات، حرصا على مصلحة الطلاب في متابعة العملية التعليمية دون صعوبات، خاصة وأن التعليم عن بعد كان غير مجد لأن أغلبية أولياء الأمور غير قادرين على تدريس أطفالهم في المنازل ولا يملكون شبكات للتواصل الاجتماعي وخطوط إنترنت للتمكن من تدريس أبنائهم خلال اعتماد التعلم عن بعد.
وتعتقد الرواشدة أن تدريس الأطفال في المراحل الدراسية الأولى يحتاج إلى خبرات وأساليب من أجل إيصال المعلومة الصحيحة للأطفال، وفي المراحل المتوسطة والثانوية يحتاج الطلاب إلى متخصصين في مجالات الدراسة والأهالي لا يملكون هذه الخبرات والأساليب الدراسية التي تمكنهم من تدريس أطفالهم.
الى ذلك، أوضح الناشط وصاحب إحدى المدارس الخاصة الدكتور عاطف عضيبات، أن مستوى الطلاب التعليمي تراجع بسبب ظروف الجائحة واعتماد التعلم عن بعد، مما يحمل المدارس أعباء وجهدا ووقتا أكبر في تحسين مستوى الطلاب وإعادتهم إلى التعليم الوجاهي بشكل كامل.
وبين أن عدد المدارس الخاصة في محافظة جرش محدود وأعداد الطلاب كبيرة جدا ويعملون بجهد كبير للحفاظ على مستوى الطلاب وتحصيلهم في أفضل المستويات، للتخفيف على الأهالي واكتفائهم بالتعليم المدرسي وحمايتهم من استغلال التعليم الخاص في المنازل.
وأضاف أن فرص العمل المتوفرة في القطاع الخاص التعليمي محدودة مقارنة بعدد الخريجين، وهذا واضح من خلال أعداد المعلمين المتقدمين للحصول على وظيفة في المدارس الخاصة وعددهم بالآلاف، خاصة وأن جرش تضم مخيم جرش الذي يعاني أبناؤه من ظروف صعبة، خاصة وأن معظم المهن مغلقة ولا يسمح لهم بالعمل فيها ومن بينها التعليم.
ومن جانبها، قالت الخبيرة التربوية آمال مقابلة “إن الدروس الخصوصية في المنازل قد انتشرت بشكل متسارع في محافظة جرش وساعدت الظروف على نمو هذه الظاهرة، ومنها ارتفاع عدد الخريجين بشكل كبير، وخاصة بين الإناث، وحاجتهم للعمل واعتماد التعلم عن بعد خلال جائحة كورونا وعدم قدرة الطلاب على مواصلته بنفس مستوى التعليم الوجاهي”.
وترى أن التعليم الخصوصي بشكل عام ضروري لفئة معينة من الطلاب، ومنهم متدنو التحصيل التعليمي والمرحلة الثانوية، أما باقي الطلاب فهم قادرون على متابعة تحصيلهم الدراسي في الغرف الصفية خلال التعليم الوجاهي مراعاة لظروف الأهالي المادية في هذه الفترة بشكل خاص وتحملهم تكاليف باهظة، لاسيما وأن محافظة جرش من المحافظات التي يعد سكانها من ذوي الدخل المحدود، وأعداد المواليد فيها مرتفعة ومناطقها باردة، وتحتاج خلال هذه الفترة- موسم الشتاء إلى تكاليف مادية باهظة لتأمين وسائل التدفئة المختلفة.
صابرين الطعيمات/ الغد
التعليقات مغلقة.