الدلائل تنذر بكارثة.. ماذا يعني إجلاء الأجانب من السودان؟
القاهرة – تبذل السلطات المصرية جهودا مكثفة لمحاولة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين الفرقاء المتنازعين في السودان، وضرورة الحيلولة دون تدخل أية أطراف خارجية بشكل يؤجج الصراع الجاري في الدولة الشقيقة والمجاورة.
وخلال الأيام الماضية أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات ومشاورات مكثفة بنظرائه في مختلف دول العالم، من أجل دعم التوصل لوقف دائم لإطلاق النار والعودة إلى الحوار، مشيرا إلى ضرورة تجاوب الطرفين مع كافة الجهود الهادفة للتهدئة حقنا لدماء الشعب السوداني، فيما أعربت القوى الدولية والإقليمية عن بالغ القلق تجاه الأوضاع الأمنية المتدهورة في السودان وتأثيرها على المدنيين من أبناء الشعب السوداني والجاليات الأجنبية هناك.
وهنا يبرز التساؤل.. ماذا يعني قيام غالبية دول العالم بإجلاء بعثاتها الدبلوماسية وجالياتها من السودان؟
الخبير العسكري المصري اللواء محمد الغباشي، أمين مركز آفاق للدراسات الاستراتيجية، يؤكد أن إجلاء البعثات الأجنبية من السودان يعني بلا شك إطالة أمد الحرب، وصعوبة حسم المعركة والنزاع بين الطرفين المتنازعين، وهما الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خاصة أن الأخيرة مجهزة ومدربة تدريبا قتاليا كبيرا ومسلحة، بشكل يمكنها من خوض حرب شوارع وحرب عصابات مستمرة تستنزف وتنهك الجيش السوداني.
وقال إن ما يعزز هذه الفرضية كذلك تدخل قوى دولية ترتبط بمصالح مع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع، ويمكنها مساندته ودعمه حرصا على مصالحها، مشيرا إلى أن مصر أكثر الدول تضررا من استمرار الحرب في السودان، لكون الأخيرة دولة مجاورة وحدودها مع مصر ممتدة وطويلة، وبالتالي يجب تأمينها جيدا لمنع تسلل أي عناصر خارجية وإرهابية، قد تستغل الحرب للتسلل لدول الجوار ومنها مصر.
وأضاف أن استمرار أمد الحرب يعني تدفق الملايين من النازحين السودانيين والأقرب لهم بحكم الجوار والإخوة مصر، ما يزيد العبء على الحكومة المصرية لاستيعاب كل هذه الأعداد، مشيرا إلى أن الضرر الآخر على مصر ينجم من انشغال السودان في أزمة الحرب وبالتالي إضعاف الموقف المصري في مفاوضات سد النهضة مع أثيوبيا.
وأكد الخبير العسكري المصري أن القيادة السياسية المصرية تسعى حاليا وبكل السبل وخلال مشاورات مع كافة القوى الإقليمية والدولية للتدخل ووقف الحرب، واحتواء النزاع لمنع تفاقم الأزمة واستمرارها، وتجنب تداعياتها الكارثية على مصر والمنطقة.
من جانبه يؤكد المحلل السياسي المصري إسلام الكتاتني أن إجلاء البعثات الدبلوماسية لرعاياها بالسودان يعني أن الأزمة ستطول وستمتد وقد ينجم عنها تدخل قوى دولية راغبة في الاستفادة من الوضع الحالي، حفاظا على مصالحها في السودان، والمنطقة ودعم الطرفين المتنازعين حتى تستمر الحرب وتظل مفتوحة.
ويضيف أن إطالة أمد الحرب سينجم عنه تفاقم الأزمة الإنسانية من نقص المواد الغذائية والسلع والخدمات ونقص الموارد وبالتالي حدوث مجاعة يتبعها نزوح الملايين من السودانيين لخارج البلاد، وتفرقهم في الدول المختلفة كلاجئين وتهيئة الساحة لدخول مقاتلين أجانب وإرهابيين يمكنهم التسلل لدول مجاورة واستهداف مصالحها وشن عمليات إرهابية تزعزع الأمن والاستقرار فيها. وأشار إلى أن الأزمة قد تؤدي كذلك وبلا شك لاندلاع فوضى مدمرة في المنطقة وتدخل إقليمي ودولي، وتحول السودان لساحة حرب دولية بين عدة دول وليس بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع فقط.
ويختتم الكتاتني حديثه بالقول إنه يخشى كذلك من أن استمرار الأزمة قد يعني أن مفاتيح هذه الحرب وانهاءها سيكون بيد الدول الداعمة لكل طرف، مضيفا أنه يخشى كذلك من أن تنزلق القوى السياسية السودانية لتلك الحرب، وهو ما يؤذن بتحول السودان إلى دولة فاشلة.- (وكالات)
التعليقات مغلقة.