الدويري.. جنرال أردني يفكك مشاهد النصر ويعيد صياغة مفرداته

كلمتان: “حلل يا دوري”، قالهما مجاهد قسامي لدى استهدافه منزلا تحصن به جنود صهاينة، كانت كافية لإشعال منصات التواصل الاجتماعي وبشكل خاص منصة “إكس/ توتير”.

لبى النداء قائلا “سأحلل” بحضور بهي بكامل أناقته، بعنفوان جنرال أمضى حياته في العلوم والخطط العسكرية، يتحدث كما لو كان هو من يطلق قذائف “الياسين 105”.

ومنذ بدء العدوان الوحشي البربري والهمجي على قطاع غزة، برز اسمه بعد ظهوره المتواصل بشكل يومي عبر قناة “الجزيرة” القطرية، من أجل تحليل العمليات العسكرية في قطاع غزة، والضربات الموجعة التي توجهها المقاومة الفلسطينية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

لا يتحدث كعسكري حازم وشديد، أو سياسي محايد بدم بارد، حديثه يشعرك بأنه جزء من المعركة مشيدا بقدرات مقاتلي “القسام” وصمودهم في وجه جيش الاحتلال، وبأنهم أفضل أداء من خريجي معاهد النخبة العسكرية في العالم.

يعمل بجد على تفكيك المشهد وإعادة صياغته وبناء مفرداته، ويشرحه ويجعله قريبا من فهم المتلقي العادي والبسيط والمتخصص.
يعرف على نفسه بأنه “مسلم عروبي حتى صميم العظم ونخاع الفكر والقناعة”.

ولد فايز الدويري في بلدة “كتم” التابعة للواء بني عبيد في محافظة إربد شمال الأردن، درس في الكلية العسكرية في الأردن ما بين عامي 1972 و1973، وتخرج فيها برتبة ملازم ثاني.

التحق بسلاح الهندسة الملكي الأردني، وشارك في عملية نزع الألغام على الحدود الأردنية السورية. وانتقل بعدها إلى اليمن في الفترة ما بين عامي 1977 و 1979، حيث شارك مع القوات المسلحة اليمنية برتبة ضابط هندسة في تحصينات مضيق باب المندب، وبناء “معسكر خالد” في الحديدة.

وعندما عاد إلى الأردن انضم في عام 1979 إلى جامعة اليرموك على نظام الدراسة المسائية، حيث درس إدارة الأعمال، وفي السيرة الذاتية التي نشرت عنه في أكثر من موقع إعلامي ذكر أنه حصل على أكثر من شهادة بكالوريوس خلال حياته الدراسية.

تدرب في “كلية السامز” الأمريكية، وكان واحدا من عشرة ضباط بدورة التخطيط الاستراتيجي وفن إدارة الحرب بما يؤهل الضابط لإعداد خطط حروب مشتركة شاملة.

انضم بعدها إلى كلية القيادة والأركان الملكية الأردنية مدة عام، ثم ابتعث إلى الباكستان للمشاركة في دورة دولية. عمل بعد عودته مدرسا في كلية القيادة والأركان، ثم تولى لاحقا منصب مدير سلاح الهندسة الملكي الأردني، ثم آمرا لكلية القيادة والأركان الأردنية برتبة لواء، ومن ثم أحيل إلى التقاعد في عام 2005.

انضم بعدها إلى الجامعة الأردنية، حيث حصل على درجة الدكتوراه في فلسفة التربية، وكان عنوان أطروحته “دور الجامعات الرسمية في تعزيز مفهوم الأمن الوطني”.

تفرغ “أبو جمال” كما يلقب لمهمة الكتابة والتحليل والظهور التلفزيوني للحديث حول النزاعات والحروب في المنطقة العربية والشؤون الإستراتيجية والدولية، وصفقات السلاح، وسباق التسلح النووي، والحرب في أوكرانيا وغيرها.

ينقل عنه على نحو مستمر قوله: “أنا أردني لأبوين وجدود أردنيين، وأفتخر، ولكنني لا أسمح لابن يافا أو طولكرم المزايدة على موقفي من فلسطين، ولا على قناعتي بأن فلسطين قضيتي كما هي قضيته”.

حديثه عن المقاومة يبعث على الطمأنينة، ولا يخفي إعجابه بما تملكه المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من إمكانات تتعلق بالهندسة العسكرية العكسية، إضافة إلى ما ظهر من مهارات فردية عالية يملكها عناصرها .

والهندسة العكسية عملية تفكيك سلاح أو نظام ما لمعرفة آلية عمله، من خلال تحليل بنيته ووظيفته والطريقة التي يعمل بها، بهدف إعادة تصنيع سلاح أو نظام مشابه له يقوم بالوظيفة نفسها، كما يمكن تحسينه وتلافي عيوب السلاح الأصلي.

يصف استهداف المقاومة لأهم الآليات الإسرائيلية (دبابات ميركافا ومدرعة النمر) في المعركة البرية ضد قطاع غزة، من مسافة صفرية، بأنه يضع قوات الاحتلال وكأنها تقاتل أشباحا.

ويشير إلى أن من يتقدم لتنفيذ هذه العمليات في ظل معركة، يدرك جيدا أنه لن يعود، لأن هذه الآليات لديها قدرات استشعار عالية جدا لكشف أي هجمات قادمة من على مسافات بعيدة ودائرة رؤية 360 درجة ومزودة بأسلحة مضادة للقذائف.

في المقابل، يشير الدويري، إلى أن الجندي الإسرائيلي الذي يدخل المعركة محتميا بهذه الآليات وهو شديد الخوف على حياته، عندما يتابع هذه العمليات يصبح تحت ضغط نفسي كبير جدا لأنه يدرك أنه يتقدم باتجاه الموت، إذ يقاتل دون حماية أمام خصم مستعد لفعل كل شيء في سبيل الانتصار.

وحين يذكر معركة غزة يتهدج صوته بفخر قائلاً: “لا يوجد لها مثيل في التاريخ العسكري منذ الإسكندر الأكبر وحتى يومنا هذا”.. وحين يتحدث عن غزة يتحدث بتواضع جم فيقول إن معركة غزة هي “استثناء من حيث المحتوى والمضمون والتنفيذ”.

تعد شخصيته الثانية التي ترفع المعنويات، وينتظرها المواطن العربي بعد “أبو عبيدة” الناطق باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ميزة الدويري أن يكمل العمل العسكري البطولي الذي تنفذه المقاومة على الأرض، بشرحه وتوضيحه دون تكرار أو إطالة مملة، وكأن ما يقوله يكمل مشهد البطولة الاستثنائي الذي بتنا ننتظره كل يوم حين يتقدم المجاهد ويضع العبوة الناسفة تحت “فخر الصناعات الإسرائيلية دبابة (ميركافا)”.

وكالات

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة