..(الرائد لايكذب اهله)….. (والفسيولوجيا لاتكذب افكارها)….// د. بسام هلول
–
كنت قد التقيته في العدوة الاخرى من مدينته الرباط من الجهة الاخرى من ضفة نهر( ابو رقراق)…في المغرب
وكانت تقاسيم وجهه يشابه الفيتناميين…تركوا فيه بعضا من رسمهم فظننته اسيويا فقال لي انا مغربي من الاب والجد ونظرا لهذه الخصيصة والسمة الا ان اهل مدينة( سلا)…تواضعوا على لقبه بالفيتنامي وبالفعل ترك ( الفيتكونغ)…بصمتهم فيه …ذهب مع الحملة الفرنسية للقتال ضد الفيتكونغ).وكان شرط الحامية ان لايقرأ ولا يكتب..واقنعهم بانه امي لايقرا ولا يكتب ولما التحق في الهناك شاهد من العجب العجاب فناء الجند والثوار في( قدوتهم هوشي منه)…كانوا يفتدونه بالغالي…بل كانوا فناء من دون قائدهم فقرر هذا( المغربي)…ان يترك القتال مع الحامية الفرنسية ويلتحق بالثوار الفيتكونغ..وعمل المستحيل حتى يلتحق ب( هوشي منه)…وبعد وثق به الثوار وبعد ان تعرض لامتحان عسير وكثير من اختباره انضم اليهم بعد وثقوا به ولما شاهده من فناء الثوار واخلاصهم وتجردهم لقائدهم
تمنى عليهم ان يلتقي( هوشي منه)…وبعد عناء وجهد وجده متواضعا يعيش في كوخه الكفاف ومما لفت نظره فناء الاتباع في قائدهم حتى انهم جميعا في حدوهم وقسمهم وهم يلقون بأنفسهم فداء له كان الواحد منهم يلقي بنفسه امام الامريكي واخر كلامه قبل موته( هوشي منه)…بل الاخير من صرخته…هوشي منه …هوشي منه…قال لي متعجبا كيف يقاتل هذا الثائر ( ويده الصفر)…من مقومات المواجهة والوجود…كسرات من الخبر عند وسادة رائدهم وقدوتهم
وسقف كوخ حقير…جرد من كل مقومات الحياة…بل استحصدت فيه اسبابها…فتعلمت منهم كيف ينشدون حياة وقد فقدت كل اسبابها الا من مضاء وعزم وقدوة قائدهم…فناء فيهم…ووصل بي الحال ان حيوانات غابهم عندنا كنت اسمع اصواتهم وكاني بزئيرها من الاسد والنمر والافعى صقلت اصواتها بوقع الصوت من صرخات الثوار وهم يلقون باجسادهم فداء لاوطانهم وقائدهم( هوشي منه)…
قلت له: اكمل ياصاحبي ..قال تعلمت درسا وعرفت الحكمة ام عرف عن هؤلاء احترافهم في ابتداع رياضة( الكونفو..والتايكوندو..والكراتيه…وهو قتال( اليد الفارغة)…او ( اليد الصفر)…فعلمت من هجرتهم هذه حياتهم العادية ان المرء اذا اراد الحياة استجابت له الاقدار…وعلمت ان من هاجر وهجر فراشه ودعته من اجل ان يكون حرا لا عبدا ذليلا..ولا مستخديا..ولا مستديرا ظهره لعدوه
يجد في الارض( مراغما)…و( سعة)…
وعلمت ان تجرد الانسان لفكرة ما ستسهم( بيولوجيا)…وفسيولوجيا في تشكيل بنيته وخطاطة وجهه…وهدا مارأيته عيانا ووقفت عليه ان هذا المغربي ومن شمال افريقيا وعربي
وافريقي…تحول( اسيويا)…وقسمات وجهه ( اسيويا)…وكدت اقول انه( فيتناميا)…. فعلمت رغم اني قرأت عند فيلسوفنا( مالك بن نبي)…( ان الرأس تأخذ شكل الافكار التي تحملها…فعجبت من ذلك..وزال العجب عندما التقيت هذا الرجل على ضفاف نهر ابو رقراق…عند العدوة الاخرى من ضفته
نعم عندما تلتحم الفكرة المجردة مع المجسد…يصبحان توأما…بل لاتكاد تتبين الفرق بينهما……عندها فهمت لم عرف هؤلاء بقتال اليد الفارغة…اليد الصفر….…وعندها فهمت مامعنى ( سباق المسافات الطويلة)…ان عجوزا قطعها او مايسمى ( المارثون)…ولما بلغ به الجهد والعطاء سقط قريبا من خط النهايات وفارق الحياة وكان مادا يده عند حافة الخط المقرر لاخذ الجائزة…فلما جاء التحكيم وجدوا ان يده لامست خط النهايات فسجل فوزا ربح السباق وترك امثولة بل اعجوبة للقادمين بعده….نعم ان التاريخ لايكذب اهله…نعم انه موت الراحة كما يقول باشلار في كتابه( الاحلام وموت الراحة)…في حين ان كثيرا منهم وفي حياتهم وما رضوا به من الهوان
اموات …اموات….اموات. سلبوا طعم الراحة…واحلامها….
….من هنا جاءت مقولة اهل البادية والشاوية والأبالة رعاة الشاة ورعاة الابل…عندما تشح السماء بقطرها يبعثون من يرود لهم مكانا لهم ولاغنامهم وماشيتهم وهذا من صفته الصدق والتجرد للفكرة..فالرائد….لايكذب اهله
والقائد لايكذب اهله يشاطرهم العزاء والسعد…يجتهد العدل كي يمار الشعب سعادته…والفسيولوجيا لاتكذب افكارها…
التعليقات مغلقة.