الربيع يُزهر مبكرا.. عائلات تتشارك لحظات ممتعة بأحضان الطبيعة
شغف ريما منصور بالطبيعة والمساحات الخضراء، وتعلقها بكل ما يحمله فصل الربيع من جمال ينعكس إيجابيا على طاقة الإنسان ويحسن من نفسيته؛ دفعها للبحث في محافظات الشمال تحديدا عن أماكن ينتشر فيها الربيع، لكي تتشارك مع عائلتها رحلة ممتعة وسط أجواء ساحرة.
تخطط ريما لاستثمار العطلة الأسبوعية قبل حلول شهر رمضان، للاستفادة من ساعات النهار الطويلة، ليتمكن والديها من الاستمتاع بدفء الشمس، خاصة بعد فترة طويلة من المنخفضات الجوية والأجواء الباردة.
وتدرك ريما أن ضغوط الحياة ومتاعبها، سواء أكانت مادية أو نفسية، تثقل كاهل العائلات. وتدفع هذه الضغوط الكثيرين للبحث عن فسحة من الأمل والراحة في أجواء الربيع المبكرة هذا العام. وتؤكد على أهمية الرحلات الداخلية لتجديد النشاط وبث روح التفاؤل في ظل الظروف الحالية.
سعيا وراء دفء الربيع وخضرته المفعمة بالحياة، توجه الكثيرون شمال ووسط الأردن، باحثين عن ملاذ هادئ بعيدا عن صخب الحياة وضغوطاتها، من ضوضاء العمل والالتزامات الاجتماعية المتلاحقة، والأحداث السياسية الدامية التي تلقي بظلالها على المنطقة بأكملها. لينعشوا أرواحهم ويستمتعوا بجمال الربيع، كاستراحة محارب تعيد لهم الأمل والطاقة لمواجهة تحديات الحياة.
تغيرات الطقس، من شتاء بارد إلى شمس دافئة، جعل فصل الربيع يأتي مبكرا هذا العام. فتناثر العشب الأخضر والورود الملونة في كل مكان، على أطراف الشوارع والمناطق الحرجية وسهول عديد من المدن، معلنة حلول فصل الربيعِ. وزادت أشجار اللوز من جمال المشهد.
تقرر عائلة أحمد الطيب هجر ضغوط الحياة، وتخطّط لقضاء يوم عائلي منعش في أحضان الربيع، حيث ستتوجه يوم الجمعة إلى منطقة سوميا في محافظة البلقاء. ويعبّر الطيب عن شعوره بالتعب والإرهاق الذي تراكم خلال الأشهر الماضية، حيث أثّرت الأزمات المتلاحقة على جميع جوانب الحياة، وخلّفت ندوبا نفسية عميقة، ناهيك عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تثقل كاهل الناس كل يوم.
ويقول الطيب، “يحتاج الإنسان لاستنشاق الهواء النظيف، والشعور بالتغيير الإيجابي برفقة عائلته، وقضاء ساعات تبعده عن ضغوط الحياة ومنغصاتها، ومشاركة العائلة لحظات جميلة في أحضان الطبيعة”.
وتسارع عائلة فريدة السيد لاستغلال المرتفع الجوي هذا الأسبوع، وقضاء يوم عائلي ممتع، حيث ستتوجه إلى مناطق الشمال للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تزين أطراف الطريق والشوارع. ويأتي هذا القرار قبل بدء امتحانات الشهر الأول في المدرسة، رغبة منها في قضاء وقت ممتع مع أطفالها قبل انشغالهم بالدراسة.
برودة الشتاء القاسية خلال العطلة بين الفصلين حالت دون قيام فريدة بأي نشاطات ترفيهية مع أطفالها. ومع حلول فصل الربيع، تعود التجمعات العائلية والرحلات الترفيهية، مدفوعة برغبة الاستمتاع بأجواء الطبيعة، مما يجدد العلاقات ويعيد لها رونقها وبريقها.
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك ترتب عائلة أبو هاشم أكملها رحلة يوم الجمعة إلى منطقة زي في مدينة السلط لقضاء يوم ربيعي عائلي قبل الانشغال والبدء بالالتزمات العائلية والروحانية.
ويشير أبوهاشم إلى أن شهر شباط وبداية شهر آذار، فرصة للاستمتاع بفصل الربيع، لا سيما وأنه بانتهاء شهر رمضان سيكون الربيع قد أوشك على الانتهاء.
وتضج مواقع التواصل الاجتماعي بصور وفيديوهات لمناطق ربيعية خلابة، شاركها رواد هذه المواقع خلال عطلة نهاية الأسبوع، من مختلف المناطق التي زاروها، مع أهمية زيارة هذه الأماكن الجميلة وقضاء أوقات ممتعة قبل انتهاء فصل الربيع وبدء شهر رمضان المبارك.
استشاري علم النفس التربوي الدكتور موسى مطارنة يشير إلى أن التأثيرات التي يحدثها فصل الربيع في نفس الإنسان كبيرة، تحديدا بالراحة النفسية والشعور بالتفاؤل وسكينة النفس.
ويثير فصل الربيع بحسب المطارنة المشاعر الإيجابية في النفس؛ الراحة والاسترخاء وارتفاع المعنويات وصفاء الذهن والتخلص من الهموم ليكون الشخص أكثر استمتاعا وحبا للحياة وشعورا بلحظات السعادة.
ومن الفوائد التي يتركها فصل الربيع وفق مطارنة على النفس هي التخلص من الشعور بالضيق والحزن والكآبة، فالغالبية العظمى من الناس يعتبروه فصل المتعة والانطلاق والصحة والرياضة والتقارب الأسري.
وللربيع أثر إيجابي كبير على الإنسان، سواء من الناحية النفسية أو الاجتماعية، وفق مطارنة، وتكون ناتجة عن التعرض الكثير لأشعة الشمس، بتوفير هرمون الميلاتونين بنسب متوازنة في جسم الانسان. ويلفت هنا مطارنة إلى أن الأشخاص في الدول الغربية الباردة يتعرضون لانتكاسات أكثر بسبب قلة ظهور الشمس كما يمثل لهم الربيع تحسنا عاليا في المزاج.
إلى ذلك، تؤثر ألوان الثياب التي يرتديها الإنسان بشكل كبير على نفسيته وهذا ما أثبتته العديد من الدراسات، فارتداء الملابس ذات الألوان الزاهية في فصل الربيع، ليكون جزءاً من الطبيعة الجميلة، يعطي شعوراً بمزيد من الراحة للأعصاب والتي بدورها تؤثر على الصحة النفسية للأنسان في هذا الموسم من السنة.
ووفق مقالة نشرت على موقع “الجزيرة نت”؛ فإن الربيع يعني بداية موسم التخلص من الحواجز والانفتاح على الطبيعة التي يمثل الإنسان جزءا لا يتجزأ منها. ولذلك، يحيي خروج الإنسان من الأجواء الماطرة والغائمة نحو أحضان الطبيعة روحه المعنوية، ويصبح الربيع للكثيرين ممرا ينقلهم من السلبية إلى الإيجابية والأمل والحماس.
وتبعث مشاهد تفتح أزهار الأشجار، وعودة الطيور المهاجرة، وزيادة ساعات النهار، وزرقة السماء، وغروب الشمس؛ الأمل والطاقة والحيوية في النفس البشرية. وقد أثبتت الدراسات العلمية ذلك حيث أشارت بوضوح لوجود ارتباط وثيق بين الحالة النفسية الإيجابية وبين الربيع، الذي يسهل فيه إنشاء وتجديد علاقات الحب بين الناس.
الغد/ منى أبو حمور
التعليقات مغلقة.