الزراعة المائية.. هل تنجح بحل مشاكل نقص المياه بالأغوار؟

الغور الشمالي- فيما تطرح أنماط “الزراعة المائية”، نفسها كخيار يمكن اعتباره “إستراتيجيا”، في تجاوز ما يعانيه القطاع الزراعي من صعوبات ليس أقلها شح المياه خاصة صيفاً، تثار التساؤلات حول سرعة استجابة المزارعين لهذا الخيار الذي لا يزال يعد حديثا في مفهوم الزراعة التقليدية.
التوجه نحو استخدام أنماط هذا النوع من الزراعة قد يبدو مغامرة لدى مزارعين اعتادوا على طريقة الري التقليدية في الزراعات الخضرية، فيما استمرار نجاح تجارب هذا النمط الزراعي، قد يرفع من وتيرة التحول الاستراتيجي، وفق ما يراه خبراء، قالوا إن “المزارع عليه ان يجاري التطور الحاصل بأنماط الزراعة باستبدال الزراعة التقليدية بالزراعة الحديثة”.
ووفق خبراء بالزراعة، يساعد هذا النوع من الزراعات “الزراعة المائية”، في زيادة جودة المحاصيل وكمية الإنتاج، في مقابل تقليل مياه الري المستهلكة في الزراعة الى أقل من النصف.
وتعترف الزراعة المائية، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو”، بأنها “تربية المحاصيل الزراعية من دون تربة”.
ويوضح المهندس الزراعي موفق أبو صهيون ذلك بالقول، “يستعاض عنها بعناصر مغذية توفر دعائم أساسية للنباتات وتحتفظ بالرطوبة”.
ويتابع “تعمد الزراعة من دون تربة على عدة عناصر يتم مزجها مع المياه وتحتاجها النبتة، وتوضع جذور النبتة في هذا المحلول لتنمو وتمتص الغذاء اللازم مباشرة”.
وتشمل تلك العناصر بحسب ابو صهيون على الحديد، النحاس، الزنك، الكبريت، الكالسيوم، البوتاسيوم، الفوسفور، النيتروجين، والمغنيسيوم.
ويعاني القطاع الزراعي في الأردن جملة من الصعوبات، بحسب العديد من مزارعي لواء الغور الشمالي أحد أكثر المناطق اهتماما بالزراعة.
ويؤكد المزارع محمد الرياحنة أن قدوم الصيف الحار والجاف خاصة في لواء الغور الشمالي يضيف العديد من الصعوبات على المزارعين، بسبب توقف الهطل المطري، ونقص كميات مياه الري المخصصة للوحدات الزراعية، سواء للأشجار المثمرة خاصة الحمضيات والموز أو للمزروعات الخضرية المختلفة.
وتابع، “بعد الخضوع للعديد من الدورات في قسم الإرشاد الزراعي قررت التوجه نحو الزراعات المائية لتحقيق الفائدة المرجوة وتجاوز العقبات التى تواجه الزراعة في الغور وخصوصا مشكلة نقص المياه المسالة”.
ولا يختلف المزارع علي القويسم عن الرياحنة، الذي زرع أرضه المقدرة بـ 50 دونما بالمحاصيل الخضرية، قبل سنوات، لكن تعرض قسم كبير منها للتلف بفعل موجة الصقيع التي ضربت المحاصيل حينها، فيما قضى الجفاف على ما تبقى من آمال بتعويض جزء من خسائره.
واكد انه اقتلع ما تبقى من محاصيل تالفة بعد ان أنهت اللجان المخصصة بحصر الأضرار عملها، وسارع الى الاستدانة من اجل اللحاق بما تبقى من الموسم لزراعة ارضه بمحصول الملوخية، وبعض المحاصيل الأخرى، إلا أنه واجه إجراءات سلطة وادي الاردن بتقليل كميات المياه المسالة للوحدات الزراعية.
ويعتزم القويسم التوجه نحو الزراعات المائية رغم قلة معرفته عنها، غير انه يأمل بان تكون حلا لتجاوز العقبات الزراعية والتي أصبحت عائقا وخصوصا قلة المياه.
واضاف ان أكثر ما يشجعه الى التحول نحو الزراعة المائية علمه بان هذا النوع من الزراعة لا يحتاج الى كميات كبيرة من المياه باعتبارها اكبر عائق أمام الزراعة الخضرية خاصة.
علي العيد، يشتكي من جفاف ثمار الليمون بسبب نقص مياه الري، “الثمار تجف وتتساقط عن الأشجار بسبب نقص المياه، وبمراجعتنا للجهات المعنية يعدوننا بزيادة الكميات، لكن لا تطبيق على أرض الواقع”، هكذا عبر عن معاناته المستمرة في مهنة الزراعة.
ويتابع “منذ 40 عاما، وأنا أعمل بالزراعة وكل عام أسوأ من سابقه، في الشتاء نعاني من تكدس كميات الخضار المنتجة، بسبب وقف التصدير وتباع بأقل من سعر الكلفة، وفي الصيف تجف الأشجار وتأكل ثمارها الأغنام بسبب شح المياه، مما يدفعني لترك الزراعة والتوجه لعمل آخر”.
العيد وسط هذه المعاناة لا يزال يجهل او بتعبير آخر يتخوف من التحول نحو الزراعة المائية، فيما قد يبدد تكرار نجاح التجارب هذه المخاوف، ليعود مدفوعها بحبه لمهنته على زراعة المحاصيل الخضرية بانماط الزراعة المائية دون مخاوف من قلة المياه او ارتفاع درجات الحرارة.
في ذات الشأن، يؤكد مصدر من سلطة وادي الأردن أن النخيل، أو المزروعات الحقلية من الخضراوات يتم توزيع المياه على المزارع بحسب “الاحتياجات المائية للمحاصيل المزروعة من خضراوات وأشجار مثمرة، وهذا الواقع سيستمر لبداية موسم الشتاء”.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، “أن المياه الموزعة على المزارعين مصدرها السدود التي تتغذى من مياه الأمطار”.
ويرى رئيس جمعية مزارعي وادي الريان مثقال الزيناتي أن على المزارعين “التوسع في استخدام أنماط الزراعات المائية الحديثة للأصناف الخضرية التي يتم زراعتها في التربة”، وذلك لأنها “توفر من كميات المياه المستخدمة، ويمكن إعادة استخدام تلك المياه في مشاريع أخرى، ووفرة منتوج تلك الزراعات مقارنة بالزراعات التقليدية، لافتا أن من أبرز فوائد الزراعة المائية توفير المياه بنسبة تصل إلى 90 %، وإنتاج محاصيل نوعية.
ويستهلك القطاع الزراعي في الأردن نحو 50 % من إجمالي المياه التي يحتاجها الأردن سنوياً، أو 530 مليون متر مكعب، حسب وزارة الزراعة.
ويعاني الأردن من شح موارد المياه، ويعتمد بشكل شبه كلي على الأمطار، فيما تبلغ حصة الفرد من المياه أقل من 100 متر مكعب سنوياً.
ويوفر هذا النمط الزراعي المياه بنسبة 40 % على الأقل، ويقلل استهلاك الأسمدة والمبيدات بنسبة 50 % كحد أدنى، اضافة الى توفير في كلفة العمالة، حسب ما يوصي به الإرشاد الزراعي في لواء الغور الشمالي.

علا عبد اللطيف* الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة