الزراعة المبكرة.. مشهد غاب لسنوات تعيده الأمطار غير المسبوقة
محافظات- على نحو غير مسبوق، يتهافت العديد من المزراعين هذه الأيام على زراعة أراضيهم بعد هطول كميات من الأمطار التي اعتبرت كافية لبدء موسم زراعي مبشر بالخير، وبخلاف المواسم السابقة التي شهدت تأخرا بتساقط الأمطار وتراجع كمياتها لدرجة أن العديد من المزارعين بدأوا يتركون أراضيهم بورا من دون زراعة.
حالة الاستنفار الزراعي ليست محصورة في محافظة دون أخرى رغم أن الأمطار التي هطلت الأسبوع الماضي تفاوتت معدلاتها تبعا للمناطق.
في عجلون وبعيدا عن اعتبارها حالة فريدة ولكنها مميزة من حيث كمية الأمطار، سجلت المحافظة أرقاما قياسية واستثنائية بكميات الأمطار التي هطلت، ووصلت إلى زهاء ربع المعدل التراكمي العام، ما فتح شهية المزارعين لتحين الفرصة للبدء بحراثة مساحاتهم الزراعية وبذر الحبوب، وغرس الأشجار المثمرة.
ويصف مزارعون هذه الكمية بالكبيرة والمبشرة بموسم زراعي جيد، مؤكدين أن الكميات الهاطلة تبلغ 4 أضعاف ما تساقط من أمطار لمثل هذا الوقت من الموسم الماضي والمواسم السابقة، وهو ما يقترب مما يطلقون عليه بـ” الوسم” والذي يعني نجاح الزراعات المختلفة ونمو أنواع البذار المختلفة والمراعي الطبيعية، مبينين أنهم سيضطرون للانتظار بضعة أيام حتى جفاف التربة، والانتهاء من موسم قطاف الزيتون، للبدء مباشرة بزراعة المحاصيل المختلفة.
غير أن مزارعين أكدوا أن استغلال الموسم الحالي بزراعة المساحات الزراعية المتاحة لديهم يحتاج إلى كلف ونفقات ليست بالقليلة كأجور حراثة وأثمان بذار، في حين قد ترتفع هذه الكلف على نحو كبير في حال احتاجت أراضيهم الوعرة إلى أعمال استصلاح شاملة كإزالة الصخور وعمل الجدران والسلاسل الحجرية وآبار المياه، ما يستدعي من وزارة الزراعة زيادة الدعم المخصص للاستصلاح وتوفير الغراس والبذار بأسعار مدعومة.
ويقول المزارع محمد العيد إن تجاوز كميات الأمطار زهاء 120ملم حتى الآن يعد أمرا غير مسبوق، وفتح شهية المزارعين، للبدء بحراثة أراضيهم وبذرها بالحبوب كالقمح والفول، وغرس أشجار مثمرة، كالزيتون والعنب والتفاحيات والحمضيات واللوزيات وغيرها الكثير، خصوصا وأن هذه الكميات ستوفر نسبة رطوبة جيدة في التربة، فهي تقترب من “الوسم” الذي تعتمد عليه زراعاتهم البعلية من الزيتون، ومختلف الأشجار البعلية، والكثير من أنواع المحاصيل الحقلية والحبوب.
حال المزارعين بعجلون لا يختلف عما هو عليه مزارعي محافظة إربد، والذين وعلى نحو غير متوقع يسارعون إلى توفير ما أمكن لزراعة اكبر مساحة ممكنة من الأراضي الزراعية خاصة وأن محافظة إربد تضم مساحات واسعة من الأراضي الصالحة لزراعة المحاصيل الحقلية.
ويقول المزارع أبو نادر فريحات، أن ما زاد من تفاؤل المزارعين، هو غزارة الأمطار السابقة وتسجيلها لهطل مرتفع يقترب من الـ120 ملم خلال يومين، مشيرا إلى أن المزارعين ينتظرون لحين انتهاء موسم الزيتون وجفاف التربة سطحيا للبدء بحراثتها وتسميدها وبذر الحبوب المختلفة وزراعة الأشجار المثمرة، موضحا أن تشبع التربة السطحية لتصل إلى عمق زهاء الـ15 سم بالمياه، يعد مؤشرا على حدوث “الوسم” الزراعي.
المهندس الزراعي سامي الفريحات يقول إن هطول الأمطار يبشر بموسم زراعي جيد، فهي ستساهم في نجاح الغراس الحديثة والاشجار المثمرة، وتساهم في انبات المراعي الطبيعية التي ستخفف العبء على مربي الثروة الحيوانية، وتفيد في تنظيف الجو من الغبار والملوثات ما يساعد في التقليل من الحشرات الضارة والحد من انتشارها وتعزيز المخزون المائي في السدود وينعكس إيجابا على جريان الأودية ومخزون المياه الجوفية.
ودعا مجلس المحافظة بعجلون ومديرية الزراعة إلى توفير مخصصات كافية لدعم المزارعين، خصوصا فيما يتعلق بتوفير البذار والأشجار المثمرة بأسعار مدعومة والعلاجات المجانية، وزيادة مخصصات مشاريع استصلاح الأراضي والحصاد المائي.
وتؤكد مصادر مديرية زراعة عجلون، أن كميات الأمطار التي فاقت 120 ملم، ستكون لها آثار إيجابية وكبيرة على المزروعات بشتى أنواعها، لافتة إلى أثرها الإيجابي على الأشجار والغابات والمراعي، ما يعزز آمال المزارعين ومربي الثروة الحيوانية، داعية إلى استغلال مشاريع الحصاد المائي في المزارع والمنازل وعمل الآبار لتخزين المياه لاستغلالها للري والزراعة.
وأوضحت أن الأمطار الأخيرة وفرت رطوبة جيدة في التربة، ستساعد على إنبات البذار، وترفع نسبة الرطوبة في التربة، بحيث ستساعد على إنبات البذور البرية التي ستتشكل منها المراعي الطبيعية، وستوفر للمزارعين فرصة مواتية لزراعة الحبوب والغراس بجميع أنواعها.
وأكدت أن هذه الكميات المبكرة ستمنح الموسم الزراعي دفعة جيدة لإنعاش المزروعات والأشجار المثمرة والحرجية وإزالة خطر الجفاف، وتسهم بتوفير ظروف ملائمة لإنجاح زراعة المحاصيل الشتوية في الأراضي التي جهزت، وسقاية الأشجار وتوفير مخزون مائي للأودية والينابيع والسدود، وإدامة الحياة النباتية ونمو الأزهار وإدامة خضرة الأشجار خصوصا البرية.
وقال رئيس مجلس المحافظة عمر المومني إن مجلس المحافظة خصص للقطاع الزراعي العام الحالي مبالغ جيدة ليتم من خلالها دعم المزارعين من خلال مشاريع استصلاح الأراضي وحفر الآبار وتوفير العلاجات وأنواع من الغراس، إضافة مخصصات لتبطين وصيانة أقنية الري وخفض الفاقد منها.
في الكرك، اعتبر مزارعون ومختصون بالزراعة أن الأمطار الأخيرة التي تساقطت على المحافظة على نحو غير مسبوق، تعتبر كافية لبدء موسم زراعة المحاصيل الحقلية، مشيرا إلى أن الزراعة في هذا الوقت من الموسم تعد مبكرة قياسا لما أصبح عليه الحال خلال السنوات الماضية، والتي شهدت إما انحباس الأمطار وبالتالي تأخر موعد الزراعة أو تساقط كميات قليلة وغير كافية.
وكانت المحافظة شهدت خلال الأعوام الأخيرة ندرة بالأمطار، ما أثر بشكل كبير على زراعة المحاصيل الحقلية وتراجع كميات المنتج منها الى مستويات قياسية.
ومع بدء الهطول المطري بمعدلات مناسبة، يستعد غالبية المزارعين للموسم، برغم مخاوفهم من تكرار ما جرى في المواسم السابقة، الذي وصفه مزارعون بالأسوأ خلال سنوات طويلة.
وكان العديد من المزارعين يؤجلون زراعة محصول القمح لفترة متأخرة بسبب انحباس الأمطار، في حين أن بعضهم يلجؤون لزراعة جزء كبير من الأراضي بالشعير الذي يحتاج لكميات مياه أقل، وفي كلا الحالتين تعرض أغلب المزراعين لخسائر مالية كبيرة.
وبحسب مدير زراعة الكرك المهندس مصباح الطراونة فإن مختلف مناطق المحافظة شهدت تساقط كميات كبيرة من الأمطار يفوق معدل التساقط السنوي في هذه الفترة، وهو ما يساهم في بدء زراعة المحاصيل الحقلية التي تحتاج أساسا لتساقط مطري جيد بهذه الفترة.
وبين أن الأمطار الأخيرة وفي حال استمرار الهطول وتتابعه بشكل جيد سوف يبدد مخاوف المزارعين من زراعة حقولهم كما حصل في مواسم سابقة.
وبين أن كميات الأمطار بلغت في الكرك 42 ملم والمزار الجنوبي 51 ملم وعي 37 ملم وفقوع 32 ملم والقصر 43 ملم والقطرانه 3 ملم .
وقال المزارع عايد الجعافرة إن كميات الأمطار التي هطلت تعد في حدود حاجة التربة والمحاصيل لفترة تمتد لنهاية الشهر الجاري، وخصوصا القمح والشعير الذي يتوقع انتهاء الزراعة منهما منتصف الشهر المقبل.
وقالت الخبيرة الزراعية وعضو مجلس نقابة المهندسين الزراعيين المهندسة كرم قسوس إن الموسم الزراعي للعام الحالي سيكون جيدا وخصوصا في ظل تساقط جيد للأمطار بوقت مبكر بداية الموسم وبكميات جيدة تساوي معدل الهطول على مدى شهر في الأحوال العادية.
وأشارت إلى أن التربة للحقول كانت بحاجة إلى هذه الكميات لتعادل الجفاف السائد لأعوام بحيث أن التربة كانت بحاجة إلى كمية كبيرة من الأمطار لتصل الرطوبة إلى أعماق جيدة.
التعليقات مغلقة.