السياحة الشتوية بالأغوار.. عناصر جاذبة وفرص مهدورة
استثمار الشتاء الغوري في النشاط السياحي او ما يعرف بـ”السياحة الشتوية”، مفهوم يحظى بإدراك رسمي وشعبي، قوامه انفراد المنطقة كجزء من الغور الأردني بدفء الأجواء خلال فصل الشتاء وإطلالتها الفريدة، على ان عقودا مضت ولم يترجم هذا الادراك الى واقع ملموس، ليبقى هدر الفرص المتوفرة عنوان ملف استثمار المنطقة.
فمع غياب شبه كلي للبنية التحتية للواء وأبسطها الطرق السليمة، يصبح الاستثمار بالسياحة أمرا شبه مستحيل، وهو ما تقره جهات معنية ترى بان عدم توافر بنى تحتية مناسبة تعيق التوسع بإنشاء وترخيص المشاريع السياحية، وتحد من اطلاق برامج الترويج السياحي الشتوي للمنطقة.
على هذا الحال، تستمر حسرة العديد من ابناء اللواء جراء ما يعتبرونه “إهمال للمنطقة” وعدم استغلالها وتأهيلها ضمن أنماط السياحة الشتوية، في وقت اتجه البعض في خطوة قد تبدو غير مدروسة نحو المغامرة وفتح مشاريع فردية سياحية على أمل كسر عقود التهميش وذلك بإقامة استراحات متواضعة على إطلالات خلابة لا تزال تنتظر لفت الانتباه وايصال الخدمات الأساسية لها لتقديم خدمة تليق بزبائنها.
وباستثناء مشاريع المغامرة الفردية، يفتقر اللواء لأي مشاريع سياحية، فيما لا يوجد على المدى القريب أي توجه يبني عليه السكان آمالهم خاصة وأن غالبيتهم يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة ويعاني غالبية الشباب البطالة.
على أبواب فصل الشتاء، سيعيش اللواء مجددا حالة من الجمود في النشاط السياحي المدر للدخل، لتبقى أجواء الدفء والطبيعة المميزة والإطلالات الخلابة محط اهتمام عدد من الزائرين وعشاق رحلات آخر الأسبوع، دون ان يكون لوجودهم أي انعكاس في ابناء اللواء باستثناء مخلفات التنزه وأزمات السير التي تصاحب تواجدهم خاصة آخر الأسبوع.
يقول مهتمون بالعمل السياحي وأصحاب مشاريع سياحية واستراحات ذات إطلالة جميلة، على سد زقلاب وسد وادي العرب، إن لواء الغور الشمالي من بؤر الفقر في المملكة، وبحاجة الى مشاريع استثمارية لتحسين واقعه، معتبرين ان اللواء يتميز بمقومات السياحة الشتوية، جراء تمتعه بأجواء معتدلة ودافئة، غير انه لا يزال يعاني من الاهمال وخصوصا الإهمال الرسمي من قبل مديرية السياحة والبلديات.
ووفق أصحاب استراحات فان فصل الشتاء يوفر فرصا تشغيلية لأبناء المنطقة، ممن يرغب بالعمل في هذه الاستراحات، غير انها تبقى استثمارات تواجه العديد من المعيقات وتبقي عملها ضمن الحد الأدنى.
ويأمل قائمون على هذه الاستراحات أن يحسن موسم السياحة الشتوية من اوضاعهم، معولين على الاهتمام المتزايد من قبل الجهات المعنية بقطاع السياحة والتوجه نحو تفعيله واستغلال الامكانات المتاحة.
ومع ان السياحة الشتوية نمط من السياحات التقليدية، وتقوم على الانتقال من الأماكن الباردة إلى الأماكن المعروفة بدفئها في الشتاء، الا انها بدأت تأخذ أشكالا متنوعة حاليا، وعادة ما تعتبر مناطق الأغوار أماكن لهذه السياحة بالنسبة للمواطنين.
لكن ضعف البنية التحتية في اللواء، وفق عاملين في السياحة الشتوية تعيق هذا النمط، موضحين أن السياحة الشتوية، لم تتعزز بعد في نطاق السياحة الوطنية، وانها تقتصر على نزهات عائلية فقط للمناطق الخضراء، مستغلين دفء الأجواء في وقت لا تتوافر فيه أي وسائل ترفيهية اخرى، وهذا النمط من النزهات، قصير النفس، ولا ديمومة له، ولا يحقق المرجو، بإطالة مدة اقامة الزائر، وذلك لعدم توافر الإمكانيات والبنية السياحية التي تشجع على ذلك.
وطالب علي الكايد من الجهات المعنية بتأهيل البنية التحتية للسياحة، بما يحض على جذب الاستثمارات لتطوير السياحة الشتوية، وتمكين أبناء المجتمع المحلي من تأسيس مشاريع صغيرة تخدم هذا النمط السياحي. وأوضح أن الطريق الواصل الى بعض الاستراحات والإطلالات وعرة ويصعب السير عليها، ويوجد بها حفر عميقة الأمر الذي لا يشجع العديد الى الذهاب لتلك الاستراحات.
وأشار محمد البشتاوي من سكان اللواء إلى أن امكانية ان تصبح هذه السياحة، فاعلة على المستويين المحلي والخارجي، لما يتمتع به اللواء من مزايا طبيعية ومواقع أثرية، لكن ذلك كله، يحتاج الى بنية تحتية، ومشاريع ريادية، بمقدورها المساهمة في ديمومة الحركة السياحية خلال الشتاء.
وطالب البشتاوي من الجهات المانحة توفير الدعم والقروض والمنح لأبناء المجتمع المحلي، لإنشاء مشاريع في هذا النطاق، وتطويرها، وتدريبهم على هذا النمط السياحي، بما يسهم بتحسين أوضاعهم الاقتصادية، إذ يعاني أبناء اللواء من ظروف اقتصادية صعبة.
وتقول في هذا الخصوص رئيسة جمعية تلال المنشية تهاني الشحيمات، إن نهوض السياحة في اللواء، يشكل عصب التنمية اقتصاديا واجتماعيا، مشيرة إلى ما يتمتع به من أجواء وطبيعة ملائمة للسياحة الشتوية.
وبين خالد أبو صهيون صاحب استراحة، أن فصل الشتاء من المواسم المهمة بالأغوار، بخاصة وأن بعض السكان يستغلون أراضيهم بتأسيس منشآت بسيطة ذات طابع خدمي سياحي، كالاستراحات والجلسات والأكشاك والمتاجر ومواقع الألعاب، التي توفر مستلزمات النزهات.
لكنه لفت الى ان الجهات المعنية بعيدة عما نقوم به، ولا دور لها يعزز عملنا، ويطوره ويرسم لنا خريطة عمل تنهض بما نقدمه من خدمات، قائلا “نريد لمشاريعنا الصغيرة ان تبقى مستمرة طيلة فصل الشتاء على الأقل”.
وقالت أم ليث إحدى زبائن الاستراحات الشتوية إن البنى التحتية التي تخدم الاستراحات ضعيفة، برغم مواقع انتشارها المميزة قرب السدود واطلالاتها على الأراضي الفلسطينية، لكنها تفتقد للبنى التحتية، ولا يمكنها استقطاب السياح شتاء، وهذا بدوره لا يحقق إيرادات جيدة لاصحابها، ما يتطلب من الجهات المعنية توجيه الاهتمام بالسياحة الشتوية وتفعيلها، لتساهم في تنمية اللواء والعمل على تواجد أمني في تلك الأماكن لحماية المتنزهين من أصحاب السوابق من خلال نشر دوريات أمنية تعمل على ضبط المرور وتدقيق الأسماء ولمنع المشاجرات.
من جانبها أكدت مديرة سياحة إربد الدكتورة مشاعل الخصاونة، أهمية تنشيط حركة اللواء السياحية شتاء، وإيجاد برامج وأنشطة ملائمة لذلك، مشيرة إلى أن هذه السياحة تلقى رواجا محدودا حاليا، ما يتطلب تجاوز العوائق التي تتلخص بعدم توافر بنى تحتية مناسبة لترخيص المشاريع السياحية، مؤكدة أن المديرية تتجه لإطلاق مشاريع بهذا الخصوص الفترة المقبلة من شأنها تنشيط هذا النمط من السياحة.
من جانبه، أقر مصدر في بلدية معاذ بن جبل بأهمية اللواء وإمكانية استثمار مقوماته في تنشيط السياحة الشتوية، مؤكدا حرص البلدية على تقديم خدماتها ضمن الإمكانات المتاحة.
وأضاف أن النهوض السياحي باللواء مشروع وطني يحتاج إلى تكاتف الجهود كما يتطلب وجود الدعم من أجل إيجاد البنية التحتية الملائمة لتنشيط السياحة الشتوية.
علا عبد اللطيف/ الغد
التعليقات مغلقة.