الشتاء يجدد مخاوف استخدام ملوثات بيئية كبديل لوقود المدافئ بعجلون

على أبواب الشتاء، تتجدد مخاوف معنيين بالبيئة في عجلون، من أن تشكل بدائل وقود التدفئة إضرارا بالبيئة وتهديدا للغابات، ما يستدعي البحث عن حلول وإجراءات للتخفيف من آثار استخدام هذه البدائل.

وتأتي تلك المخاوف، مدفوعة بتوقع تزايد التعدي على الغابات للحصول على أحطاب المواقد، واضطرار الأسر الفقيرة لإشعال مواد ضارة وذات تأثير سلبي بالبيئة في مواقدهم، كالبلاستيك والملابس والأحذية وإطارات المركبات القديمة.

ويقول أبو عيسى الذي يعاني من أوضاع مالية صعبة، إنه يعتمد في تدفئة منزلة أيام البرد الشديد بعجلون، على ما يجمعه من أحطاب، وما تقدمه لهم “الزراعة” في بعض المواسم بالمجان من كميات متواضعة من تلك الأحطاب المصادرة لديها، مؤكدا أنه يعرف الكثير من الأسر، كحاله، والتي تعجز عن شراء وقود التدفئة من كاز وسولار وغاز لارتفاع أسعارها، ما يضطرهم إلى إشعال مواد ضارة بمواقد الحطب تثير الأدخنة السامة والملوثة للبيئة المحيطة، كقطع الكاوشوك والأحذية والملابس والبلاستيك وغيرها من المواد القابلة للاشتعال، مقترحا بأن يتم تزويد الأسر الفقيرة والمنتفعة من المعونة الوطنية بكميات من وقود التدفئة بالمجان خلال الشتاء، أو بيعها لهم بأسعار مخفضة.
ويؤكد محمد القضاة أن وسائل التدفئة البديلة عن مواد الوقود في محافظة عجلون، كالحطب والجفت، باتت منذ سنوات ملاذا للأسر الفقيرة، هربا من أسعار الوقود المرتفعة، إلا أن ارتفاع أسعار الحطب والجفت هي الأخرى، حتى باتت كلفها تقترب من أسعار الوقود، جعلهم يعجزون عن شرائها، ما دفع الفقراء للبحث عن الأحطاب وسط الغابات، واستخدام مواد ضارة بالبيئة في مدافئهم.
وبين أن الحلول تكمن بتوزيع الحطب الذي يتم جمعه لدى مديرية الزراعة على الفقراء، وأن تقوم الحكومة، وعبر التنمية الاجتماعية والمعونة الوطنية بتوزيع كابونات عليهم لشراء الوقود بأسعار تناسب دخولهم.
ويرى أحمد عيد أن عجز كثير من الأسر عن شراء وقود التدفئة وتوجههم لشراء الحطب والجفت، تسبب بارتفاع أسعارها، مشيرا إلى أن سعر طن الحطب يصل في هذه الأوقات قبيل فصل الشتاء من كل عام ما بين 130-150 دينارا، فيما يباع سعر طن الجفت الذي أصبح غير متوفر الآن، بسعر يتراوح ما بين 80-100 دينار.
واقترح بأن تشجع الحكومة وتفتح المجال للتجار الراغبين باستيراد الأحطاب من الخارج وبيعها في المحال التجارية، لأن هذا القرار سيساهم في خفض أسعار الأحطاب، والقضاء على ظاهرة التعدي على أشجار الغابات بهدف المتاجرة بها، ما يضمن أن تبقى أسعارها منخفضة، ويحد من الاعتداء على الغابات من مافيات التحطيب، وبيعها بالسوق السوداء بأسعار مرتفعة.
ويؤكد الناشط يوسف المومني، أن الشتاء يمتد في عجلون لخمسة أشهر، ما يجعل الأسرة تحتاج بالمتوسط إلى زهاء ألف دينار لتوفير التدفئة طيلة أيام الشتاء التي تكون خلالها درجات الحرارة منخفضة جدا، لا سيما في المناطق المرتفعة، كاشتفينا ورأس منيف وصخرة وعبين وسامتا.
وأكد أن هذا الحال يرتب عبئا إضافيا على كثير من الأسر الفقيرة، لاسيما مع ارتفاع أسعار الحطب والجفت التي كانت تلجأ إليها في سنوات سابقة لانخفاض أسعارها أو الحصول عليها بالمجان.
ووفق تقديرات رسمية بيئية، فإن التدفئة بمواقد الحطب أصبحت إحدى الوسائل الرئيسة التي يعتمد عليها الكثير من السكان داخل المحافظة، بحيث يقدرها الخبراء بزهاء 40 % من المنازل في المحافظة التي أصبحت تعتمد في تدفئتها على المواقد ذات الاحتراق الخارجي كمواقد الحطب والجفت.
وحذر الناشط البيئي المهندس خالد عنانزة من خطورة الأثر البيئي لتلك المواقد في حال اضطرت الأسر الفقيرة إلى استخدام مواد كالملابس والبلاستيك والإطارات التالفة وأي مادة مجانية قابلة للاشتعال تجد طريقها إلى مدافئ الحطب، ما يتسبب بانبعاث روائح كريهة وسامة وضارة بالبيئة، مؤكدا أن ما يدفع السكان إلى مثل هذه الممارسات هو برودة الطقس خلال الشتاء في المحافظة، وعدم قدرة الكثير منهم على شراء المشتقات النفطية.
وأوضح العنانزة أن خطورة استخدام النفايات المنزلية من المواد البلاستيكية والبولسترين والألبسة وغيرها الكثير لأغراض التدفئة يؤثر سلبا على البيئة وبالتالي على الإنسان نفسه، إضافة إلى الحيوان والنبات؛ إذ إن الأدخنة الناجمة عن احتراق هذه المخلفات تعد سامة ويمكن لها أن تتسرب إلى داخل المنزل، خصوصا من المواقد ذات المصنعية السيئة، كما أنها تلوث الهواء بمواد كيماوية، وبالتالي تساقط أمطار ملوثة، مؤكدا أنه لا بد من إيجاد حلول لهذه الظاهرة المتزايدة.
من جهته، يؤكد مدير البيئة في محافظة عجلون الدكتور مشعل الفواز، أن استعمال مخلفات المنزل البلاستيكية في التدفئة وما تحويه من أكياس نايلون، وقيام بعض العائلات بقص “كاوتشوك” إطارات  السيارات القديمة ووضع الأحذية القديمة، وملابس الصوف والنايلون والبوليستر يعد خطيرا جدا على الصحة والبيئة، موضحا أن هذه المواد سريعة الاشتعال، بحيث تزيد من حرارة التدفئة بالداخل، وعند خروجها من درجة حرارة عالية عن طريق مخارج التدفئة (البواري) إلى الخارج، حيث درجات الحرارة المنخفضة جدا فإن هذه الأدخنة والأبخرة تتحول إلى غازات سامة أو إلى غازات أبخرة أو جزيئات صلبة ذات أحجام مختلفة منتشرة في الهواء، مؤكدا أن هذه المواد سوف تؤثر على البيئة الخارجية للمنزل وعلى الإنسان والحيوان القريب من هذه الأبخرة.
وأكد الفواز أنه لا توجد جهة رقابية لديها القدرة على متابعة تلك المواقد التي تستخدم الأحطاب أو المواد الخطرة على البيئة، مقرا بوجود العديد من تلك الممارسات الخاطئة لدى الكثير من السكان، خصوصا في القرى النائية.
وتشير إحصاءات “الزراعة” إلى أن نسبة الغابات في محافظة عجلون تشكل ثلث مناطق المحافظة البالغة مساحتها 419 كيلومترا مربعا، إضافة إلى آلاف الدونمات من المساحات الزراعية الخضراء المغطاة بالأشجار المثمرة والنباتات، حيث تتركز الأشجار الحرجية بشكل واسع في أراضي عجلون ومناطق اشتفينا وعنجرة وكفرنجة وغابات السوس ومناطق عرجان والشفا.
بدوره بين مدير زراعة المحافظة المهندس حسين الخالدي، أن كميات الأحطاب التي يتم جمعها من مخلفات الإنشاءات الحكومية والحرائق، أو ضبطها من قبل مراقبي الحراج وعمال الحماية في مناطق مختلفة وصل متوسطها في سنوات سابقة إلى زهاء 400 طن، بحيث كان يتم بيعها بأسعار مخفضة لذوي الدخل المحدود من أبناء المحافظة، وللمستفيدين من صندوق المعونة، مشيرا إلى تراجعها العام الحالي بسبب زيادة الرقابة وانخفاض الحرائق، مؤكدا أن أي كميات ستتوفر لدي محطة حراج اشتفينا، سيجري عليها ما جرى في مواسم سابقة.

عامر خطاطبه/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة