الصمادي.. بالدمع والصبر والتحدي يرسم معالم تأسيس الفيصلي
لعله جيل التأسيس والإنجاز عندما كانت شجرة الوطن في أول النوار، لذلك انتخت كوكبة مؤمنة من رجال الأردن لوضع مداميك خالدة في البناء الوطني وفي شتى مجالات العطاء ومضوا في مسيرة النهضة والعمران والازدهار حتى أصبح هذا البلد.. المملكة الأردنية الهاشمية، بحجم بعض الورد إلا أنه بحجم الكون في الشهامة والجمال..
نقف اليوم عند أحد رجالات الدولة المرحوم العميد المتقاعد محمد علي الصمادي، أحد مؤسسي النادي الفيصلي المولود عام 1923 في مسيرة عطاء إستمرت حتى لاقى وجه ربه عام 2004 ليرحل «أبو زهير» بعد مسيرة حافلة أمضاها بخدمة الوطن ضابطا عسكريا ورياضيا لاعبا وإداريا، وكان أحد الرموز الذين شاركوا بوثيقة إعادة التأسيس النادي الفيصلي بالأربعينيات من القرن الماضي
ومن هنا.. ارتبط اسم المرحوم محمد علي الصمادي بالنادي الفيصلي منذ شبابه المتدفق بالعطاء فكان لاعبا مع الجيل الذي كتب تاريخ الرياضة الأردنية حينما شارك مع النادي الفيصلي لكرة القدم وحصل على لقب أول بطولة دوري للفيصلي عام 1944 على ملعب المحطة وقام حينها المغفور له بإذن الله الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين بتتويج الفيصلي.
كما إن الصمادي كان من ضمن الذين وقعوا على وثيقة التاسيس التي أعادت افتتاح النادي الفيصلي عام 1941 بعد إغلاقه من قبل الانتداب الإنجليزي لمدة عامين إلى جانب رفاقه زهدي عصفور وعادل الجقة وسليم عوض وعبدالكريم عصفور وجمال أبو عزام وأنطون البندك ورشاد المفتي وزهير عبدالهادي.
وفي عهد الصمادي ورفاقه انطلق الفيصلي بفضل إخلاصهم فشكلوا فرقا مختلفة بعدة العاب رياضية منها كرة القدم والملاكمة وكرة الطائرة وكان المرحوم أبو زهير من ضمن نجوم الفريق الكروي المرعب، الذين رسموا لوحات الإنجاز والفرح في عقدي الأربعينيات والخمسينيات، إلى جانب رفقاء دربه: مصطفى سيدو الكردي ويوسف مامو وزهير عبدالهادي وسليم عوض ومحمد سالم ربيحات وعبدربه ابو جسار وخالد الهندواي ورشاد المفتي ومازن العجلوني ويوسف مثقال وسليمان مامو وأحمد حجاجا وغيرهم.
وعمل الصمادي ضمن إدارة النادي الفيصلي لبضع سنوات قبل أن يبتعد لظروف عمله بالقوات المسلحة الأردنية التي شاركها بمواقع الدفاع عن الوطن وكرامته، كما كان أيضا ضمن الذين واكبوا مراحل الإنجازات الكبيرة في رياضة البولو وغيرها من الألعاب الرياضية التي دخلت ضمن نشاطات القوات المسلحة الأردنية من خلال الاتحاد الرياضي العسكري
دموع وذكريات
عام 2002 كان المطر يهطل وشقائق النعمان تتفتح وتعانق الندى والأرض تحتفل بهبة السماء حيث أمطار البركة، وقد كان المساء عمانيا شفافا وفي ذلك يوم بقاعة الاحتفالات الكبرى بمدينة الحسين للشباب التي امتلأت عن بكرة أبيها باحتفال الفيصلي التاريخي الذي خصص لتكريم جيل التأسيس ورواد الحركة الرياضية، فالمطر لم يمنع أحدا من الحضور، لأن الفيصلي لا ترفض دعوته، وكان «شيخ الفيصلي» سلطان ماجد العدوان «رحمه الله» يقف يزهو بكوفيته وعباءته وشموخه مرحبا بالمدعوين، ومع ذكريات رفاق الدرب والمسيرة وأجواء تغلفها المحبة والدفء ، كان الحفل يتضمن عرض اول كأس دوري بالبلاد عام 1944 والذي زين خزائن العميد ومن هنا بدأت الحكاية فقد ترقرق الدمع سخيا من عيون «أبوزهير» والذي عايش بدايات الفيصلي وكان من كوكبة الجنود الذين شيدوا مجد الفيصلي عندما كان الوطن في بداياته ولن ننسى أن نقول بأن المرحوم محمد علي الصمادي الذي حضر حفل الفيصلي عام 2002 كان أول المكرمين وقد ألقى كلمة ابكت الجميع وسالت دموعه وهو يسرد ذكريات التأسيس.
نعم، كانت دموع الوفاء تنهمر من عيون المرحوم الصمادي وهي دموع محبة الفيصلي والحرص عليه فهؤلاء الكبار الذين لن يغيبهم الموت عنا إلا جسدا فهم دوما الحاضرون بطيبتهم وبصماتهم ووفائهم وعطرهم الفواح في أروقة النادي العظيم.. رحم الله تعالى المرحوم محمد علي الصمادي وأسكنه فسيح جناته.
محمود كريشان/ الدستور
التعليقات مغلقة.