الضفة الغربية على شفا الانفجار.. ودعوات للتصعيد
اشتعلت الضفة الغربية، أمس، على وقع تصاعد العدوان الإسرائيلي باندلاع المواجهات العنيفة وشن حملات المداهمات والاعتقالات بين صفوف الفلسطينيين، بما ينذر باتجاه الأوضاع نحو المواجهة الشاملة مع الاحتلال.
وشهدت الأراضي المحتلة حالة تراكمية من التوتر والغليان حد نذر تفجر الأوضاع، حيث أصيب بالأمس عشرات الفلسطينيين برصاص الاحتلال خلال مواجهات أعقبت اقتحام أنحاء مختلفة من الضفة الغربية، رافقها تنفيذ مداهمات لعدد من المنازل وتفتيشها وتخريب محتوياتها واعتقال عدد من ساكنيها.
ودعت الفصائل الفلسطينية إلى اعتبار يوم بعد غد الجمعة يوما للتصعيد الشعبي انتصارا لدماء شهداء جنين والقدس، وسط أجواء الحداد على شهداء الوطن المحتل بارتقاء عدد من الشهداء الفلسطينيين في اشتباكات مسلحة مع قوات الاحتلال في القدس وجنين خلال الأيام الماضية، تزامنا مع ارتفاع وتيرة تهويد مدينة القدس والاستيطان.
ورافق ذلك تصدي الفلسطينيين لعدوان الاحتلال بإطلاق النار على جنوده وبحق المستوطنات في نابلس وأنحاء مختلفة من الضفة الغربية مؤخراً، للدفاع عن الأرض والمقدسات، فضلا عن الوقوف أمام اقتحامات المستوطنين المتواصلة ضد المسجد الأقصى المبارك، للحفاظ على المسجد والدفاع عنه.
ويرى عضو المكتب السياسي لحركة حماس، حسام بدران، إن تصاعد حالة المقاومة في الضفة الغربية ينبئ بأنها متجهة نحو المواجهة الشاملة مع الاحتلال.
وأضاف بدران، في تصريح أمس، إن “الضفة تحتوي من المقاومين ما يكفي لمقاومة الاحتلال رغم التنسيق الأمني وملاحقات الاحتلال”.
وأوضح أن “تركيز المقاومة على الضفة الغربية لأنها الأرض المستهدفة بالتهويد والاستيطان في كل المدن، وعلى رأسها القدس”.
وقال إن “الاحتلال لا يقلل من قيمة أي عملية فدائية حتى لو كانت بسيطة، حيث إن كل مستوياته الأمنية والسياسية تتداعى بعد كل عملية، نظير الخشية من تحول هذه العمليات إلى حالة اشتباك يومي”.
وأكد أن التنسيق الأمني مع الاحتلال مرفوض فصائلياً وشعبياً، ولا يوجد أي داع لاستمراره، مشيراً إلى أن أن الاحتلال يبذل جهوداً وأموالا كثيفة في سبيل تفكيك حالة المقاومة بالضفة الغربية.
وأكد بدران أن الحالة الجماهيرية في الضفة الغربية مجمعة على المقاومة، لكنها تحتاج إلى سقف سياسي داعم، داعياً إلى ترك وهم عملية التسوية، والاتفاق وطنياً على كيفية مواجهة الاحتلال، في ظل القدرة على إنجاز تقدم سريع في الميدان عند تحقيق الوحدة في مواجهة الاحتلال.
بدوره، أكد عضو اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، محمود الراس، أن الشعب الفلسطيني يسير بخطى ثابتة على طريق انتفاضة جديدة.
واعتبر أن “زمن استباحة المدن والقرى والمخيمات في الضفة المحتلة قد ولى، أمام وقوف الشباب الثائر والمقاومة ضدّ العدو الصهيوني الذي سيجابه بالنار والبارود في أي مكان، كما يحدث في جنين ونابلس ورام الله للدفاع دفاعاً عن الأرض والإنسان والمقدسات”.
وأضاف أن الجماهير المنتفضة التي شقت مسارات المقاومة بكل أشكالها الشعبية والكفاحية بديلاً عن مسار التسوية وأوسلو الكارثية، تؤسس لاستعادة بريق المقاومة الوطنية والشعبية الجامعة الموحدة للشعب الفلسطيني، والمحررة له من برنامج أوسلو وملحقاته ورعاته، مجسدةً بذلك منطق التحرير والتغيير كمسار واحد بمهام متعددة”.
وبَيّن الراس أن تصاعد الحالة المقاومة في الأشهر الأخيرة في الضفة، يؤكد بأن مقاومة الاحتلال الصهيوني تشكل مدخلا جديا لاستعادة الوحدة وتغيير بنية النظام السياسي ووظيفته، والذي استجلب الانقسام وأطلق يد الاحتلال وجلب الكوارث وأهدر طاقات شعبنا وعطل مقدراته لسنوات طوال.
وطالب بتشكيل وإطلاق القيادة الوطنية الموحدة وإغلاق بوابة التنسيق الأمني مرة وللأبد والتحلل من اتفاقات أوسلو، كخطوة هامة على طريق تنفيذ اتفاقات المصالحة وطي صفحة الانقسام، وتحرير مؤسساتنا الوطنية من اتفاقات أوسلو واشتراطات الرباعية.
وفي وقت سابق من يوم أمس؛ شنت قوات الاحتلال حملة مداهمات واعتقالات في مناطق مختلفة بالضفة الغربية، تخللها مواجهات في بعض المناطق، فيما شهدت بلدة قباطية اشتباكات بين مسلحين وجنود الاحتلال الذي اقتحموا البلدة فجراً.
وفي محافظة جنين، شهدت بلدة قباطية اشتباكات مسلحة بين مسلحين وقوات الاحتلال التي اقتحمت البلدة من المدخل الجنوبي وحاصرت المناطق الجبلية في المنطقة، حيث شوهدت قوات راجله تقوم بالتمشيط.
واقتحم جنود الاحتلال عدة منازل في جبل الزكارنة كما قاموا بعمليات حفر وتفتيش فيها بحثاً “عن أسلحة” وفق ادعائها. وتم اعتقال عدد من الشباب، فيما أطلق مسلحون النار على الجيش من عدة محاور في البلدة.
وشهدت مناطقة مثلث الشهداء وبئر الباشا مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال أدت إلى وقوع عدة إصابات بين صفوف الفلسطينيين.
كما شهدت محافظة رام الله، اعتقال قوات الاحتلال عدد من الشبان الفلسطينيين، فيما شهدت قرية دير نظام مواجهات بين عشرات الشبان وجنود الاحتلال الذين قاموا بإطلاق الرصاص والقنابل الغازية بكثافة صوب الشابان والمنازل.
وتشهد قرى دير نظام والنبي صالح وراس كركر وعابود على الدوام، اقتحامات من قبل قوات الاحتلال وهجمات من قبل مستوطني مستوطنة “حلميش” المقامة على أراضيها.
وفي الأثناء؛ اعتبرت الأمم المتحدة، في تقرير لها، أن الاحتلال الاسرائيلي وممارساته على الأرض السبب لكل المشاكل التي يعانيها الاقتصاد الفلسطيني، فيما لم تضف جائحة كورونا، رغم تداعياتها، شيئاً يذكر لتعقيدات الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأفاد التقرير السنوي الصادر حديثاً عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد”، بأن الحكومة الإسرائيلية أقامت، بحلول أوائل عام 2021، نحو 280 مستوطنة، مما زاد عدد المستوطنين إلى زهاء 650 ألفاً، فضلاً عن إقامة 11 مجمعاً صناعياً إسرائيلياً في المناطق المسماة (ج) من الضفة الغربية.
وحذر التقرير الأمميّ من أن المستوطنات تؤدي إلى التدهور البيئي، وتسلب حق الشعب الفلسطيني في التنمية، عند نقل الاحتلال النفايات الخطرة إلى الضفة الغربية، مثلما يعمد إلى مصادرة الأراضي وتدمير ملايين أشجار الزيتون والأشجار المثمرة، وهدم المنازل والمدارس وأنابيب المياه والمباني الإنسانية الممولة من المانحين، حيث هدمت منذ 2009 حوالي 1343 مبنى ممولا من المانحين.
وسرعت سلطات الاحتلال من عمليات الهدم في 2021، حيث هدمت واستولت على مالا يقل عن 292 مبنى مملوكا للفلسطينيين في الربع الأول، ما أدى إلى نزوح 450 شخصاً، فضلاً عن تصعيد العدوان ضد قطاع غزة.
نادية سعد الدين/ الغد
التعليقات مغلقة.