العرب يتغيرون، ويعودون إلى الأضواء بإيجابية.// نايف المصاروه.

التغيير الإيجابي نحو الأفضل، والسير في ركاب الحضارة والتقدم الصناعي والإقتصادي وغيره ، والتحول الرقمي والتقني وغيره من العلوم والفهوم ، هو امر مطلوب ومحمود، لأن كل ذلك أصبح من ضروريات الحياة المعاصرة.لكن كل ذلك لا يمنع من البقاء على الثوابت، التي يجب المحافظة عليها، ومنها وأهمها ثابتة الدين والإعتقاد وضرورة التمسك الحقيقي بها ، كسبيل للنجاة من الفتن والويلات.بمعنى.. انه لا بأس ومحمود ومطلوب ان اخترق عنان السماء، واطير إلى الفضاء ، واغوص في أعماق الأرض وقيعان محيطاتها، ولكن يجب أن ابقى العربي المسلم، فاقيم أوامر ربي في كل مكان ، فإن في ذلك رفعة وحفظ، لا تخلف وانحطاط كما يصوره بعض المشككين.

قبل نحو اسبوعين تقريبا توجهت أنظار العالم كله، إلى قطر الخير، لبدء فعاليات مونديال قطر 2022.وللحق ومن خلال المتابعة، وبالرغم من كل محاولات التشويه والتشويش، إلا أن  قطر قد نجحت نجاحا باهرا، في الاعداد والتنظيم لكل فعاليات المونديال  ، وبذلت جهودا جبارة، هي محل التقدير والإعجاب، إلى حد التعجب والإنبهار، فاستحقت وبكل جدارة  الشكر والثناء، من كل زائر منصف حضر لمتابعة فعاليات المونديال .

والنجاح القطري في الإستضافة والتنظيم لكأس العالم ، هو نجاح لها بشكل خاص، ويضاف إلى سلسلة نجاحاتها، في ميادين عدة، وهو نجاح لكل عربي بشكل عام.

ويثبت لكل المتشدقين، بأن العرب قادرون   على الإنجاز وقيادة الدفة، وصنع المستحيل، وتذليل الصعاب، وأن زمان الإحتكار من البعض قد ولى ولن يعود؛

ومن واقع التغيير الإيجابي العربي ، ما تحقق خلال مونديال المفاجآت في قطر، كفوز السعودية على الارجنتين، وفوز المنتخب  المغربي أسود الاطلس على بعض اقطاب كرة القدم عالميا ، وتأهلها للربع النهائي.

ومن واقع التغيير الإيجابي العربي، والعودة إلى الأضواء وبقوة، هي القمة العربية والخليجية الصينية، التي عقدت في السعودية مؤخرا ، وما تخللها من توقيع لإتفاقيات تعاون مختلف، وفي شتى المجالات، بلغت قيمتها نحو 110 مليار ريال سعودي حصرا؛

الخطوة العربية والخليجية، نحو التوسع في فتح أسواق التعاون الدولي الشامل، ومع كل دول العالم ، وخاصة السوق الصيني ، تلك القوة الإقتصادية الكبرى ، والتي تعد ثاني أكبر وأقوى اقتصاد عالمي، إذا لم يكن الأول فعليا،هي خطوة عربية في الإتجاه الصحيح،وكان يجب أن تكون منذ زمن بعيد مع الصين وغيرها، لما فيها من تنويع للشراكات وفتح للأسواق  الدولية.

وفي رأيي الشخصي، هي خطوة جريئة وغير مسبوقة، وخروج غير مألوف من تحت أجنحة وهيمنة بعض الدول  الكبرى، على كثير من الدول الأخرى، وعلى أسواقها الإقتصادية، وخاصة دول الشرق العربي بشكل عام والخليجية بشكل خاص .

وهي تحقيق لواقع الحكمة القائلة ” قسم البيض على عدة سلال، ولا تضعه في سلة واحدة ”، وهي نظرية عامة صحيحة، وخطوة واتجاه بالمسار الصحيح، لتقليل الأضرار في حالة تعرض ذلك الشريك  المهيمن او القطب الأوحد، لأي تراجعات إقتصادية او سياسية او أمنية ، ولأي سبب من الأسباب التي قد تؤثر عليه ، أو سيتأثر بها لاحقا ،نتيجة لعدة عوامل منها التغيير المناخي، وأثره على سوق الغذاء بشكل خاص، و تبعات وباء كورونا، أو ما قد يتعرض له العالم من غزو فيروسي آخر، وقد راينا بعد وباء كورونا، حلول وباء القرود وغيرها .

وما تبع ذلك  كالحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها على الأمن والسلم والإقتصاد العالمي، وما لحق بها من تكتلات دولية.

كل تلك التغيرات والتكتلات، تفرض على العرب بشكل خاص، ان ينتبهوا جيدا، أين يضعون ” بيضهم” ، وإلى اي السلال يتوجهون، وإلى اي جوانب القوى يكونون؛

إذا علمنا مثلا… ان الصين دولة كبرى وعظمى  وقوة يحسب لها ألف حساب  إقتصاديا وعسكري ، وهي عضو دائم في مجلس الأمن، مع ان عمرها الفعلي لا يتجاوز ال 70 عاما.لا شك أن الصين تسعى ومنذ عام 2013 إلى تشييد وإعادة ترسيم وفتح آفاق لطريق الحرير التجاري البري منه والبحري، والذي رصدت له نحو” 8 تريليون دولار”.

وهذا يحسب للصين لا عليها، إذ ان كل دولة تسعى للرخاء والبقاء في سوق الصناعة والإقتصاد وقوة الردع العسكري والامني.

ختاما…. العرب.. يملكون من كل  أسباب القوة، ما يجعلهم قوة كبرى يحسب لها كل الحساب، تؤثر ولا تتاثر.إذ ان العرب هم فعلا قوة إقتصادية ، فلديهم النفط والغاز ، بل إنهم يعتبرون المنجم الأول عالميا للكثير من الثروات الطبيعية.وجغرافيا.. لديهم الوطن الواحد في آسيا وإفريقيا، وقد تفرقهم الحدود، ولكن تجمعهم روابط الدين والدم واللغة.

وفي ميزان القوى البشرية، فالعرب يعدون بمئات الملايين من البشر المؤهلين والمتعلمين.

وفي ميزان القوى العسكرية والامنية، فالعرب الذين يملكون حدود الجغرافيا المشتركة، وروابط الدين والدم واللغة ، وقوة الإقتصاد، والعدد البشري، هم أيضا يملكون العدد والعتاد العسكري الحديث والمتطور.كل ما سبق ذكره، يجب أن يكون حافزا للعرب، افرادا وجماعات ودول، بأن يسعون نحو المجد والعلى من جديد،وفي كل حين.وأن يسابقوا… ويسابقوا ولا ييأسوا او يتراجعوا، ليشكلوا وطنهم وقوتهم وبما يوافقهم، وبما لا يمليه عليه غيرهم… وبما يحقق مصالحهم ويحفظ امنهم ، وأن يكونوا في المقدمة لا في ذيل القائمة، وأن يكونوا متبوعين لا تابعين، وكسابق عهدهم قادة لا مقودين.

والأهم من ذلك… أن يتعلم العرب من دروس الأمس والحاضر ، ويكتسبوا منها العبر والعضات، وبما يجذر فيهم، أنهم كانوا سادة الدنيا، وبما يدفعهم ويجعلهم قوة ويدا واحدة، على كل من يعاديهم، أو يهدد وجودهم، ولا يسمحوا لأي كيان او دولة ان تفرق وحدتهم، ولنا فيما يجري في الغرب هذه الأيام وما سبقها، ناقوس يجب أن يوقظ فينا… العقل والوجدان .كما أن لنا من دروس الماضي… عبر وعضات ، ومن لا توقضه كثرة الدروس والعبر، وقوارع الزمن.. فمتى يستيقظ ويعتبر.

تلك هي تطلعاتي كعربي، وهي حلم كل عربي يتمنى ان يصبح كل ذلك واقعا.

كاتب وباحث اردني

 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة